شارفت امتحانات الدورة الأولى للباكالوريا على الانتهاء، بينما لم تضع تجارة مستلزمات الاتصال عن بعد، أوزارها.

إنها “تجارة التكييت”، كما يحلو للأجيال الجديدة من تلاميذ الباكالوريا تسميتها، وهم “عفاريت التكييت” كما يروق للبعض وسمهم..

ما خف وزنه وغلا ثمنه..

“نحن نبيع أجهزة غش في الألعاب الورقية والبوكر للمزاح و التسلية ولا نتحمل مسؤولية أي استعمالات أخرى..” بهذه المقدمة المختصرة تعرض إحدى صفحات الفايسبوك بضاعتها الرائجة والمطلوبة هذه الأيام من قبل فئة لافتة من تلاميذ الباكالوريا.

هذه البضاعة هي أنواع مختلفة من السماعات الإلكترونية مما خف وزنه وغلا سعره وتعددت استعمالاته، وهي عبارة عن قرص صغير بحجم حبة الحمص أو أصغر. 

أسعار حبوب الحمص الإلكترونية تتراوح بين 800 دينار و150 دينار، كل منتج حسب مواصفاته وجودته ومدة اشتغاله.

على غرار هذه الصفحة، توزعت على جنبات موقع فايسبوك العشرات من الصفحات الأخرى والمجموعات السرية والحسابات الإلكترونية .

“إيجا privé”

هناك صفحات تعلن صراحة بيعها لمختلف أنواع السماعات المساعدة على الغش في الامتحانات موفرة أرقام هواتف للاتصال بها والتفاوض على الأسعار ثم خلاصها واستلام البضاعة ويبدو أن تحرك وزارة التربية لرفع قضايا بثلاثين صفحة فايسبوكية قد دفع بعضها إلى تغيير مخططاتها نحو الغلق أو فسخ أي معطيات قد تضعها قيد المحاسبة القانونية، ورغم ذلك عثرنا على بعض الأرقام الهاتفية، فاتصلنا بها بدعوى عقد صفقة لشراء سماعات لنجد هذه الأرقام إما خارج الخدمة أو مغلقة.

صفحات ومجموعات أخرى تحمل عناوين تمويهية، لا تمت بأية صلة لتجارة “التكييت” (يشتق فعل “التكييت” من الاسم الفرنسي “kit”)، ولكنها تختص في بيع وشراء السماعات وربط الصلة بين التجار والباحثين عن هذا المنتج إذ يحدث أن تتوغل وسط صفحة ذات نشاط رياضي أو سياسي أو حتى مجموعة سرية للتعارف لتعترضك إعلانات بيع لسماعات بلوتوث أو “سماعات الحمصة”، كما يطلق عليها بعض الشباب.

أما وسائل التواصل مع هؤلاء التجار، فعادة ما تكون عبر  رسائل خاصة عبر تطبيقة ميسنجر، حينها عليك إثبات جدارتك في إقناع صاحب المنتج بأنك لست من الحاكم، وفق تعبير أحد الشبان، لاقتناء سماعات.

سماعات للكراء..

طائفة أخرى من هذه الصفحات كانت تعرض بضاعتها للكراء بأسعار تفاضلية، وحسب مدة استعمال السماعات، وهي متوفرة في العديد من المدن التونسية. 

حاولنا تقصي بعض المعطيات المتوفرة عن عدد من صفحات “التكييت”، لنكتشف أن إحدى الصفحات قد تأسست في إيطاليا، أو هكذا يريد مؤسسوها إيهامنا، وهي مختصة في بيع سماعات في شكل أقراص متناهية الصغر وأخرى على شاكلة قلادات وأخرى معروفة بسماعات Mastercard.

إحدى الصفحات تم بعثها من إيطاليا

تفيد المعطيات التي يوفرها فايسبوك عن صفحة أخرى أنها متأسسة في فرنسا منذ أفريل 2020. ومنذ تلك الفترة لم يعمل مؤسسوها على نشر أي إعلانات ورغم ذلك توجد بها تعليقات حديثة آخرها صباح اليوم، وهي تتركز خاصة حول كيفية استعمال سماعات بلوتوث وطرق اقتنائها وأنواع هذه السماعات وماهية أفضل هذه السماعات لاستعمالها في امتحانات الباكالوريا.

كما توجد صفحات أخرى، مصدرها بعض البلدان الآسيوية، وبعناوين ومنشورات باللغة العربية وتعليقات باللهجة التونسية. هذه الصفحات لم تكتف بعرض مستلزمات الغش في امتحانات الباكالوريا بل ما فتئت تقدم توصيات ونصائح عن طرق استعمال السماعات وإرشادات عن سبل تركيبها ووضعها وإخراجها من الأذن بعد الانتهاء من الامتحان.

غش عابر للمدن

على المستوى الرسمي، لم يخل يوم من الأيام الفارطة من اكتشاف محاولات غش بامتحان الباكالوريا.

فقد ارتفع إجمالي محاولات وحالات الغش في اليومين الأول والثاني من الدورة الرئيسية لامتحان البكالوريا  إلى 197 ملفا، حسب إفادة مدير عام الامتحانات عمر الولباني.

محاولات الغش توزعت بين مدن بن عروس ونابل والقصرين وسيدي بوزيد وسوسة ومنوبة وبنزرت والكاف وسليانة، وفق تأكيد وزارة التربية. وسبق لوزير التربية فتحي السلاوتي أن كشف الجمعة المنقضي عن “مساعدة بعض  الأولياء لأبنائهم على شراء أدوات وتجهيزات الغش الإلكتروني في امتحانات الباكالوريا”