تشارك تونس في فعاليات مؤتمر برلين 2 بشأن ليبيا بعد تلقيها دعوة من وزير الخارجية الألماني هايكو ماس والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتس بعد أن اعتذارها عن المشاركة في المؤتمر الأوّل بدعوى عدم مشاركتها في المسار التحضيري للمؤتمر الذي انطلق منذ شهر سبتمبر الماضي.


وزير الخارجية الألماني هايكو ماس كان أعرب عن التزام ألمانيا بمشاركة تونس في مختلف المحطات القادمة المتعلقة بالملف الليبي ومنها متابعة تنفيذ مخرجات هذا المؤتمر، مشددا على دور تونس في تحقيق الاستقرار الدائم في ليبيا.


مفترق طرق


تونس وليبيا دولتان متشابكتان بحكم الجغرافيا، وتجمع بينهما روابط إنسانية وثقافية وعرقية قوية متجذرة في التاريخ. بعد الثورتين التونسية والليبية في 2011 اتخذت العلاقات منعطفا آخر، فقد تحركت الحكومة التونسية المؤقتة الجديدة التي تشكلت بعد سقوط نظام بن علي لتأمين حدود البلاد مع جارتها الجنوبية، وتجنب امتداد الصراع العسكري إلى الأراضي التونسية.


فتحُ ليبيا فصلا جديدا في انتقالها السياسي عبر تشكيل حكومة مؤقتة والتحضير لانتخابات عامة نهاية العام الحالي شجّع تونس على فتح صفحة جديدة في العلاقات التونسية الليبية، تتجلى أساسا في الزيارات المتبادلة بين قيادات الدّولتين والمؤتمرات الاقتصادية المشتركة التي ضمت عشرات رجال الأعمال من البلدين.

زيارات متبادلة بين قائدي البلدين

دور ثانوي

قال المحلل السياسي الليبي عزّ الدّين عقيل في تصريح لموقع JDD Tunisie إنّ تونس ليس لها دور كبير في مؤتمر برلين 2 وهذا لا يعيبها باعتبار أن تونس لديها موقف سياسي واضح بشأن مقاطعة هذا المؤتمر أو عدم المشاركة فيه وهو الموقف الذي اتجهت فيه دول أخرى كروسيا والإمارات العربية المتحدة والتي كان حضورها شكليا، فالصّور الّتي تداولتها وكالات الأنباء العالمية ربما تعود إلى مؤتمر برلين 1.


وأضاف “واضح أن ثمّة قوة معينة تريد أن تهيمن على هذا المؤتمر وربما تكون تونس قد انتبهت إلى هذه الوضعية وعلمت أنها لن تكون فاعلة بشكل كبير فآثرت عدم وضع نفسها في موقف لا تريده”، وفق رأيه.

مؤتمر فاشل


أشار عزّ الدّين عقيل إلى أنّ مؤتمر برلين 2 هو مجرد نزهة وثرثرة مضيفا “لا أعتقد أن ثمة جديدا يمكن أن يقال، فوزير الخارجية الأمريكي، الّذي يفترض أنّه أهم شخصيّة، اكتفى بالتفرّج دون موقف واضح أكثر من ترديد عبارة “خروج المرتزقة” دون أن يحدد ممثل الدّولة العظمى كيفية خروجهم طالما وأن الولايات المتحدة الأمريكية كان لها دور كبير في تحريض الرئيس التّركي رجب طيب أردوغان على التدخّل في تركيا، الّذي لم يفكّر يوما في الدّخول إلى منطقة تتبع الغرب جيوسياسيا والاتحاد الأوروبي خصوصا ما لم يكن لديه “كارت أخضر” من 4 جهات أساسية وهي واشنطن ولندن وبرلين وروما”.

وتابع “هؤلاء الأربعة وجدوا أنفسهم في مأزق شديد أرادوا الخروج منه من خلال مؤتمر برلين 2، وهو ما يعني فشل خطة ستيفاني فشلا ذريعا في ليبيا فالتزام الأطراف المتنازعة بالهدنة ووقف إطلاق النار لم ينشأ عن إحساس بالسّلم تجاه الطرف الآخر وإنّما ناشأ عن توازن رعب، فقوّات الشّرق تخشى مواجهة الأتراك إن اتّجهت إلى الغرب بينما تخشى قوّات الغرب مواجهة الخطّ الأحمر المصري إن توجّهت شرقا”.

وأكّد أنّ الهدنة هشة جدا ويمكن أن تنهار في أيّ لحظة، مشيرا إلى أنّ التوازن المزعوم وانسحاب الأتراك والمصريين يمكن أن يؤدّي إلى عودة الحرب من جديد داخل ليبيا، وهو ما لا تريده القوى العظمى كما أنها لا تريد استقرار ليبيا الكامل خدمة لمصالحهم، وفق قوله.

مؤتمر برلين 2