أصدرت مجموعة الأزمات الدوليّة اليوم الجمعة 4 جوان 2021، تقريرا بخصوص تطوّر الإرهاب في تونس، حيث خلص إلى أنّه منذ إفشال المخطط الداعشي في مدينة بن قردان الحدودية في مارس 2016 تراجعت الحركات السلفيّة الجهادية في تونس كما تراجعت تمظهراتها العنيفة.
وانتقد التقرير القانون المتعلّق بمكافحة الإرهاب الذي تم سنّه سنة 2013 مشيرا إلى أنّ بعض فصوله تعتبر قمعيّة وتقوّض التماسك الاجتماعي وتساهم في تعزيز أزمة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، ممّا قد يؤدي إلى عودة العنف الإرهابي والجريمة خاصة إذا استمر تدهور الحالة الاقتصادية والاجتماعية.

الظاهرة تتراجع

مجموعة الأزمات الدولية قالت إنّ عنف الإرهابيين تنامى بين 2010 و 2015 ، لكنه تراجع بعد الهجوم الفاشل على بن قردان في عام 2016، مع ذلك ينضم المقاتلون التونسيون إلى الجماعات الجهادية بالخارج بأعداد كبيرة مما يثير المخاوف بشأن التهديدات المتعلّقة بعودتهم.
وبلغ التهديد الإرهابي ذروته في تونس سنة 2015 التي سجلت 3 من أعنف العمليات الإرهابية قبل أن يتراجع الخطر بإجهاض مخطط بن قردان سنة 2016، حيث تقلّص عدد ضحايا العمليات الإرهابية من 214 بين 2011 و2016 إلى 16 ضحية.
ومن مارس 2016 إلى مارس 2021، نفّذ الإرهابيون 5 عمليات إرهابية بالمناطق الحضرية جميعها بالعاصمة تونس والساحل، تبنّى تنظيم داعش الإرهابي 3 منها فيما توفي خلالها 3 أعوان من الحرس والأمن الوطنيين.
وفي الفترة ذاتها، استشهد 11 عسكريا بالمناطق الجبلية الواقعة بالحدود التونسية الجزائرية إلى جانب 4 رعاة مع الإشارة إلى أنّ الجماعات الإرهابية المتمركزة بهذه المناطق تنقسم إلى شقين: كتيبة عقبة بن نافع الموالية لتنظيم القاعدة وجند الخلافة الموالي لتنظيم داعش الإرهابي.
وخسرت هذه المجموعات ثلثي عناصرها الناشطة منذ سنة 2016 بعد القضاء على العديد من قياداتها فأصبحوا في حدود 60 فردا بعد أن كانوا حوالي 250 إرهابيّا ويشير التقرير إلى أنّ آخر بيانات هذه المجموعات الإرهابية تعود إلى 9 جويلية 2018 مضيفا أنّها تواجه صعوبات لوجيسيتية ومالية مما جعل أغلب هجماتها الأخيرة تكون مدفوعة بالحاجة إلى الإمدادات من خلال السطو على الأغنام أو منازل سكان المناطق المتاخمة للجبال.

المقاتلين بالخارج: تهويل ومبالغة


كشف التقرير أنّ عدد المقاتلين التونسيين في صفوف الجماعات الإرهابية بالشرق الأوسط وليبيا بين 2013 و2016 مبالغ فيه فيقول عديد الصحفيين والمحامين إن عددهم يبلغ حوالي 10 آلاف، بينما تفيد الحكومة أنهم 2929 مقاتلاً، وهو تقدير أقرب إلى الواقع، وفق التقرير.
وأضاف أن أكثر من ثلثي هؤلاء المقاتلين البالغ عددهم 2929 قد قتلوا أو سُجنوا في الخارج، بينما تثير عودتهم المزعومة إلى تونس عدّة مخاوف مبالغا فيها مبنيّة على سابقة عودة المقاتلين الجزائريين من أفغانستان خلال الثمانينات.

وقال إنّ المقاتلين التونسيين العائدين من الخارج يتعرضون إلى الوصم في بلادهم وخارجها وحُكم على بعض من هؤلاء العائدين البالغ عددهم 800 شخص بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاثة وثمانية سنوات (خمس سنوات للانتماء إلى منظمة إرهابية بالإضافة إلى من سنتين إلى ثلاث سنوات لخضوعه للتدريب العسكري)، كما تخضعهم وزارة الداخلية إلى المراقبة الإدراية المعروفة بـfiche S.
ولم ينفذّ أي من العائدين أي عملية إرهابية كما لم يثبت انخراطهم أو مشاركتهم مع أي تنظيم محظور حيث يشير التقرير إلى أن أغلبهم أصيب بـ”خيبة أمل” و”صدمة” جراء ما عايشوه خلال فترة قتالهم في صفوف داعش الإرهابي الذي خدعهم بأسلوبه الدعائي.
وأكّدت مجموعة الأزمات الدوليّة أنّه من بين نحو 2200 شخص مسجونين بموجب قانون مكافحة الإرهاب في عام 2015 ، لم يكن هناك سوى عشرة مقاتلين تونسيين عائدين من الخارج، وتعتبرهم أجهزة المخابرات في مختلف البلدان في غاية الخطورة لذلك تم تسليمهم إلى تونس، بالإضافة إلى 160 شخصًا أدينوا بارتكاب جرائم
إرهابية على الأراضي التونسية ، خاصة لمشاركتهم في الهجوم على بن قردان.
وحسب شهادة أحد قضاة التحقيق التي دونها التقرير فإنّ عناصر القاعدة وداعش ينتقلون إلى المناطق التي تكون فيها اليقظة الأمنية ضعيفة لذلك فإن “الإرهابيين الحقيقيين لا يريدون العودة إلى تونس”.