فتحت دعوة عدد من مؤسّسي الحزب الدّستوري الحرّ لتنظيم مؤتمر انتخابي أوت القادم، باب التأويلات بشأن بوادر انشقاق داخل الحزب قد تطيح بقيادات بارزة وتقطع أمام طموحها السّياسي.


ندوة صحفية انتظمت الأربعاء 16 جوان، أعلن خلالها منظموها إلغائهم قرارات إعفاء وطرد بحقهم صادرة عن رئيسة الحزب عبير موسي، ووجهوا دعوة لأنصارهم لمؤتمر أسموه بـ”مؤتمر رد الاعتبار وتصحيح المسار”.


وأكّد ملاحظون أنّ هذه النّدوة مثّلت بداية تحرّكات أخرى للتمرّد على رئيسة الحزب عبير موسي من شأنها أن تخلق صراعا بين أجنحة الحزب الّذي يتصدّر نتائج نوايا التصويت خلال الانتخابات المقبلة وفق بعض مؤسسات سبر الآراء، خاصّة بعد توجيه اتهامات صريحة لعبير موسي بمحاولة الاستحواذ على الحركة الدستورية وإقصاء كل من يخالفها الرّأي.

بلاغ الديوان السياسي ممضي من طرف أغلبية أعضاء قيادة الحزب الدستوري الحر

موسي تهاجم


في المقابل، اتّهمت عبير موسي، رئيسة الدستوري الحر، القيادات المؤسسة والمغضوب عليهم في الحزب بـ”انتحال صفة قيادات بالديوان السياسي واستعمال وثائق مدلسة لمغالطة وسائل الإعلام”.


ودعت موسي أنصارها إلى الخروج إلى الشارع والتظاهر ضد أعضاء الديوان السياسي المبعدين متهمة إيّاهم بتكوين “وفاق إجرامي” مدعوم من ” تنظيم الإخوان”، في إشارة لحركة النّهضة، بهدف تغيير الخط السياسي للحزب.

نقاط غامضة

أفاد المحلّل السياسي صلاح الدّين الجورشي في تصريح لموقع JDD Tunisie بأنّ الحزب الدستوري الحر تحوم حوله نقاط غموض كثيرة، خاصّة في عمليّة النقلية التي حصلت للحزب بعد التّأسيس ودخوله في منعرج جديد بعد أن كان يعمل وفق نقاط واضحة.


وأضاف الجورشي أن ما حدث مؤخّرا سلّط الأضواء على جوانب خفية داخل الحزب وهي أساسا الهيكلة وكيفية تصرّف بعض هياكل الحزب وعلاقتها في ما بينها وأيضا طريقة تسييرها واتخاذ القرارات.


وتابع “القيادات المعارضة لعبير موسي يمارسون ضغطا من داخل الحزب ومن خارجه باعتبار أنهم ليسوا أقلية هامشية (أكثر من نصف أعضاء الدّيوان السياسي) وهو ما يطرح تساؤلا بشأن ما يحدث داخل الحزب وكيف يُتّخذ القرار”.

انعكاسات سلبية

توقّع صلاح الدين الجورشي أن الأزمة التنظيمية والسياسية العميقة التي يمر بها الحزب ستكون لها انعكاسات على مستقبله وعلى علاقة القيادات والأعضاء ببعضها البعض، وبالتالي علينا أن ننتظر متى ينقشع هذا الغبار وما سيُكشف عن الملامح الحقيقية لهذا الحزب.

وأشار إلى أنّ تواصل الصراع قد يؤدي بالحزب إلى الانشقاق، والأمثلة عديدة من أحزاب شهدت صراعا مماثلا، مضيفا أنّه يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ السّاحة الدّستوريّة واسعة جدّا وتشهد انقسامات كثيرة ويتجلى ذلك في عدم قدرتها على أن تلتفّ حول هيكل واضح وحول قيادات واضحة.

وأضاف أن انقسام الساحة الدستورية قد يلعب دورا كبيرا في التأثير على الحزب الدّستوري الحرّ وقد يساعد على تعميق التناقض وربّما إفراز قيادة جديدة أو الوصول إلى مستوى “حزبين يحملان نفس الاسم”.

إجماع مفقود

قال الجورشي إنّه رغم الشعبية التي تتمتع بها عبير موسي ورغم صدى صوتها العالي إلا أنها لم تخلق الإجماع أو توحّد الدّستوريين، متابعا “ليس هذا فقط، بل عمّقت التناقضات في ما بينهم وخلقت صراعات في أوساط الحركة الدستورية عموما”.

وأضاف “بقدر ما تملكه عبير موسي من جمهور يؤيّدها إلا أنّها أصبحت مرفوضة من قطاعات واسعة من الدّستوريين ومن المنتمين إلى المدرسة البورقيبية الباحثين عن قيادة جديدة ، فالأرض تحت عبير موسي متحركة تنظيميا وسياسيا وهذا ربما سيؤثر على مستقبلها وعلى احتكارها الكلمة باسم الحزب الدّستوري الحر”.