كشف مرصد الشفافيّة والحوكمة، اليوم الإثنين 21 جوان 2021، أنّ مستثمرا اشترى ضيعة دوليّة فلاحية بجهة العروسة من ولاية سليانة مساحتها 734 هكتارا، مقابل 32 ألف دينار سنويا فقط، أي مايعادل 2600 دينار في الشهر، واتّهم المرصد الدّولة بتوزيع 120 ألف هكتار بالمحاباة والموالاة السياسيّة في حين يُحرم آلاف العاطلين عن العمل من حقهم في استغلال أراضي دولتهم.

تلاعب وإخلالات قانونيّة

كشف تقرير لدائرة المحاسبات سنة 2018، أنّه منذ انطلاق عمليّة إعادة الهيكلة إثر الاستشارة الوطنيّة الأولى حول الأراضي الدوليّة الفلاحية سنة 1990 وإلى حدود سبتمبر 2017 تم إسناد 18 ألف و26 هكتارا من الأراضي الدوليّة الفلاحية منها أكثر من 12 ألف هكتار بين 2007 و2016 خلافا للصيغ والإجراءات القانونيّة المعمول بها في الغرض.

وبالرّغم من إسناد التصرّف في 47 ضيعة من أفضل الضيعات والمقاسم وأهمّها مردوديّة بتعليمات رئاسيّة بشأن أغلبها في شكل شركات إحياء، فقد واصلت 16 شركة منها نشاطها بشكل عادي إلى موفي سبتمبر 2017 دون أن يقوم أغلبها بتسديد ما تخلّد بذمتها من مستحقات بعنوان معينات الكراء والّتي فاقت 2 مليون دينار فضلا عن مواصلة عدد منها الانتفاع بمنح عمومية للتشجيع على الاستثمار.
ويفيد التقرير ذاته، بأنّ 53 بالمائة من الشركات الناشطة لم تحترم التزاماتها التعاقديّة والإنمائيّة بما في ذلك خلاص معاليم الكراء والّتي تجاوزت 40 مليون دينار، كما أشار إلى أنّ نقص المعاينات الميدانيّة والتي اقتصرت على 55 بالمائة من شركات الإحياء و28 بالمائة من مقاسم الفنيين و12 بالمائة من مقاسم الفلاّحين الشبّان ساهمت في حالات الإهمال وعدم إنجاز البرامج الاستثماريّة حيث أنّ 70 بالمائة من الشركات لم تبلغ استثماراتها المستويات المبرمجة.

الفساد يقلّص الإنتاجيّة

بالتوازي مع التراخي في إنفاذ القانون، تقلّ إنتاجيّة 40 بالمائة من شركات الإحياء عن إنتاجيّة ضيعات الخواص المجاورة حيث تراجعت مردوديّة المنتوجات الفلاحيّة بنسبة 35 بالمائة ولم تتجاوز نسبة تشغيل 25 بالمائة من الشركات 50 بالمائة ممّا هو مستوجب وذلك خلال الفترة 2012-2016.
واتّضح عدم استغلال المقاسم الفلاحية استغلالا مباشرا أو عدم التفرّغ للعمل الفلاحي وهو شأن 29 فلاّح شاب برجيم معتوق بولاية قبلي المنتدبين في إطار العفو التشريعي العام أو في إطار برامج التشغيل منذ سنة 2011.

وساهم عدم اعتماد البرمجة على معايير واضحة في الحصول على طلبات عروض غير مثمرة حيث لم تتعدّ الضيعات المسندة بالقائمتين 34 و35 نسبة 68 بالمائة من الضيعات المعلن عنها. وتجدر الإشارة إلى أنّ نفس الضيعات التي لم تلق إقبالا في القائمة 34 قد واجهت نفس المآل في القائمة التي تلتها.

كما انجرّ عن غياب المعايير تأخير هامّ في إبرام العقود مع المستغلّين وعوائق في التركيز حيث لم تبرم وزارة أملاك الدولة سوى 16 عقد استغلال من بين 30 ضيعة تمّ اختيار الباعثين بشأنها في إطار القائمة 34 وهو ما لا يتعدّى 54 بالمائة.

تضارب مصالح

في عملية إسناد الأراضي المهيكلة، يتمّ عادة، عند الإعلان عن القائمات إحداث لجان إدارية وفنية تتولّى فرز العروض بالاعتماد على المعايير المضبوطة بكراسات الشروط وتحال النتائج على لجنة التدقيق لترتيب الترشحات واقتراحها على الوزير المكلف بالفلاحة للمصادقة عليها ونشرها ثمّ تتولّى لجنة جهويّة قارّة البتّ في إسناد مقاسم الفلاحين الشبّان.

لكن، اللجنة الجهويّة لإعادة هيكلة الأراضي الدوليّة ببن عروس عمدت إلى إسناد ثلاثة مقاسم بتاريخ 6 فيفري 2017 بتركيبة شملت رئيس الاتّحاد المحلي للفلاّحين الذي يعتبر في وضعية تضارب مصالح نظرا لترشّح زوجته للانتفاع بأحد المقاسم المزمع إسنادها باعتماد معايير وضعتها اللجنة، فتوجّه الوزير المكلّف بالفلاحة بمراسلة إلى والي بن عروس رئيس اللجنة الجهوية لدعوته لإعادة فرز الترشحات ضمن اللّجنة بتركيبتها القانونيّة القارّة مع تطبيق مقتضيات المنشور وإعادة النظر في النتائج في إطار الحياد والشفافية. ولئن أعادت اللّجنة الجهوية بتاريخ 11 ماي 2017 النظر في الترشحات بعد تظلّم المترشحين، فإنّها طبّقت نفس المعايير الموضوعة سابقا دون الاستناد إلى المنشور عدد 40 لسنة 2017 الذي تضمّن معايير واضحة للإسناد، ممّا أسفر عن نفس النتائج السابقة محل اعتراضات المترشحين ومحلّ تضارب المصالح.