أفاد رئيس الجمهورية قيس سعيد أن الدستور الحالي “ثبت بالتجربة أنه غير مناسب وغير ملائم”.
ووردت تصريحات سعيد خلال استقباله، أمس الاثنين 21 جوان 2021، المستشار السابق لحركة النهضة لطفي زيتون، على ما أوردته قناة “نسمة” الخاصة، ويدور الحديث عن دستور عام 2014، الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي التونسي المنتخب من قبل التونسيين بعد الثورة.
قيس سعيد يرغب في تعديل دستور 1959 وعرضه على الاستفتاء، لماذا؟
توالت ردود الأفعال على اقتراح رئيس الجمهورية العودة إلى دستور 1959، بين من رفضه ومن اعتبره ارتداداً على المكاسب السياسية في تونس ما بعد 2011، وتوجهاً نحو نظام رئاسي قد يفتح الباب مجدداً أمام الاستبداد. وثمة من قلل من شأن الاقتراح، معتبراً أن دستور 1959 أُلغي ولم يُعلق.
وفي هذا السياق قال الصافي سعيد في حوار له على إذاعة ديوان أف أم” السياسة ليست فيها عودة إلى الوراء، لأنه حينها لن نعرف إلى أين عدنا وأين نقف وأي جدار سيصدّنا.”
وتابع الصافي سعيد” أن يقسم رئيس الجمهورية على دستور 2014 ثم يقرر العودة إلى دستور 1959 فذلك معناه أنّه أخلّ بقسمه”.
وصرّحت أستاذة القانون الدستوري منى كريّم الدريدي لـ “jdd tunisie “أن “دستور 1959 تم إلغاء العمل به ولم يقع تعليقه حتى يتم الحديث عن إمكانية العودة الآن لتنقيحه، ودستور 2014 ساري المفعول الآن ورئيس الجمهورية الذي يدعو للعودة لدستور 59 وتنقيحه، كان قد أدى اليمين الدستورية وفق مقتضيات دستور 2014 وأقسم على احترامه والسهر على حمايته، وهو مطالب بالوفاء لهذا القسم وحماية الدستور الذي صعد بمقتضاه إلى سيادة الحكم وتولي منصب رئيس الجمهورية”.
وأضافت: “لا وجود لآلية قانونية ودستورية تسمى تعليق العمل بالدستور الحالي للبلاد، بل ثمة آلية وحيدة وهي تنقيح هذا الدستور، وآلية تنقيح دستور 2014 لا يمكن تنفيذها في غياب الإطار القانوني والمؤسساتي وهو المحكمة الدستورية (…) ويمكن تنقيح فصل أو عدة فصول أو كامل فصول دستور 2014 (في إطار الحوار الوطني) دون أن يسمى ذلك إلغاء العمل بالدستور الحالي، ولكن الاستفتاء على إمكانية العودة إلى دستور 59 وتنقيحه غير ممكن، لأن الاستفتاء مخصص للقوانين في مجالات معينة تهم الحقوق والحريات والمعاهدات الدولية”.
وقال أستاذ القانون العام في كلية الحقوق، كمال بن مسعود ” أنه من الناحية القانونية ومن منطلق القانون الدستوري لا يمكن أن ننفخ الروح من جديد في دستور 1959، لأنّ العمل به ألغي ولا يمكن إعادة إحيائه، ولكن ربما يمكن العودة إلى روح ذلك الدستور وما ينطوي عليه من أحكام تعطي مكانة أولى ومتميزة لرئيس الجمهورية ليس فقط على مستوى السلطة التنفيذية ولكن أيضاً في العلاقة مع البرلمان، ولكن مثل هذه الدعوة تنطوي على خطورة واضحة باعتبار أن الدستور الملغى هو الذي مكن من تكريس الاستبداد وتغول رئيس الجمهورية على حساب الحكومة وباقي السلطات العامة”.
مقترح قيس سعيد.. عودة إلى الوراء
أقرت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي في تصريح لها لـ JDD tunisie “إن التخلي عن العمل بالدستور الحالي والدخول في مرحلة جديدة تعتبر عملية خطرة”.
وأضافت أنه لا يمكن ضمان نتائج المرحلة الجديدة إلا إذا تم الاتفاق بين جميع الأطراف حولها”.
وأفادت أن “خطورة التخلي عن دستور 2014 والدخول في مرحلة جديدة تكمن في مدى مشروعية هذا المسار”.
ولفتت القليبي إلى أن “هندسة النظام السياسي الحالي فيها عديد الإشكاليات وتم تواتر الحديث حول تنقيح الدستور عن طريق استفتاء الشعب وحاليا غير ممكن في ظل غياب المحكمة الدستورية”.
وفي ذات السياق، أكدت سلسبيل القليبي ان إجراء استفتاء شعبي حول تنقيح الدستور رهين موافقة البرلمان ولا وجود لاستفتاء شعبي دون موافقة المجلس.
كما أكدت في ذات السياق أن دستور 1959 ألغته الثورة وانتهى، وهو الآن في حكم العدم، وبذلك يبدو تصريح قيس سعيد بخصوص الرجوع إلى دستور 1959 توجهاً عكس التيار، تواجهه فيه أغلب مكونات المشهد السياسي في تونس التي ترى في الحوار الوطني السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشامل من أهم استحقاقات المرحلة.
وبالتالي الحديث عن العودة إليه هو حنين إلى تجربة استبدادية سابقة لو كان فيها الخير لتمسّك بها التونسيون.