الانتخابات التشريعية في الجزائر: في مواجهة تنصّل الأحزاب التقليدية وانتشار المرشحين المستقلين

تنتظر الجزائر صدور نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة التي نظمت يوم السبت 12 جوان 2021، في ظل نسبة مشاركة ضعيفة، ما يؤشر إلى عدم اهتمام الجزائريين بها، بعد أن قاطعها الحراك وجزء من أحزاب المعارضة.


ولم تتعدّ نسبة المشاركة، الرهان الرئيسي في هذا الاقتراع، 30,20 بالمائة، بحسب رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي. 
وعلى سبيل المقارنة، فقد بلغت نسبة المشاركة 35,70 بالمائة في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2017 (42,90 بالمائة في انتخابات عام 2012). 
أما بالنسبة لتصويت الجزائريين في الخارج، فكانت “ضعيفة جدا، بأقل من 5 بالمائة”، حسب ما أوضح شرفي.


كما تراجعت المشاركة مقارنة بالانتخابات الرئاسية لعام 2019، والتي شهدت انتخاب عبد المجيد تبون بنسبة 40 بالمائة فقط من الأصوات. 
وكما كان الحال في المواعيد الانتخابية السابقة، فإن الامتناع عن التصويت يكاد يكون كليًا في ولايات منطقة القبائل، في بجاية والبويرة وتيزي وزو، حيث لم تصل نسبة المشاركة إلى مستوى 1 بالمائة.
 وكتبت صحيفة “ليبرتي” على صفحتها الأولى: “موجة مقاطعة واسعة”، واعتبرت أنه “كما كان متوقعا قاطع غالبية الجزائريين صناديق الاقتراع، وأكدت نسبة المشاركة الضعيفة التوجه العام لرفض الانتخابات”.
فقد اعتبر الرئيس عبد المجيد تبون، بعد اقتراعه، أنّ هذه النسبة “لا تهمّ”، قائلا: “سبق أن قلتُ إنّه بالنسبة لي، فإنّ نسبة المشاركة لا تهمّ، ما يهمّني أنّ من يصوّت عليهم الشعب لديهم الشرعيّة الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعيّة”.


وأعلنت “حركة مجتمع السلم”، أبرز حزب إسلامي خاض الانتخابات التشريعية في الجزائر، الأحد 13 جوان، أنها تصدرت نتائج الانتخابات المبكرة.
وقالت في بيان: “تؤكد حركة مجتمع السلم أنها تصدرت النتائج في أغلب الولايات”، منبهة إلى “أن ثمة محاولات واسعة لتغيير النتائج (…) ستكون عواقبها سيئة على البلاد”.
ودعت الرئيس الجزائري إلى “حماية الإرادة الشعبية المعبر عنها فعليا وفق ما وعد به”.

مستقلون وإسلاميون

وجرت عمليات الاقتراع عموما في هدوء كما في  الجزائر العاصمة، حيث شارك عدد قليل من الناخبين في التصويت، وفي الولايات البعيدة، باستثناء منطقة القبائل الأمازيغية.


وفي هذه المنطقة المتمردة تقليديا، لم تفتح معظم مراكز الاقتراع، واندلعت اشتباكات في عدة بلديات، مع تكسير صناديق الاقتراع، وفقا للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان واللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، اللتين تحدثتا عن اعتقال العشرات. 
وقبل الانتخابات، ندد الحراك الذي طالب بتغيير جذري في “نظام” الحكم القائم منذ الاستقلال (1962)، بـ “مهزلة انتخابية” و”اندفاع متهور” للنظام، علما أن المعارضة العلمانية واليسارية دعت إلى مقاطعة الاقتراع. 

ودعي نحو 24 مليون ناخبا لاختيار 407 نوّاب جدد في مجلس الشعب الوطني (مجلس النواب في البرلمان) لمدّة خمس سنوات، وكان عليهم الاختيار بين 2288 قائمة – أكثر من نصفها “مستقلّة” – أي أكثر من 22 ألف مرشّح. 
وهي المرة الأولى التي يتقدّم هذا العدد الكبير من المستقلّين ضدّ مرشّحين تؤيّدهم أحزاب سياسيّة فقدت مصداقيتها إلى حدّ كبير وحُمّلت مسؤوليّة الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تمرّ بها الجزائر.
وقد يكونون هم المستفيدين من الانتخابات، إلى جانب الأحزاب الإسلامية التي اختارت المشاركة وتقول إنها “جاهزة للحكم”. 

قمع واعتقالات

وقبل بداية العملية الانتخابية، حذر رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة من “أي خطة أوعمل يهدف إلى تعطيل سير” الاقتراع. 
وبذلت الحكومة جهوداً في الأشهر الأخيرة لقمع الاحتجاجات وحظر التظاهرات وزيادة الاعتقالات والملاحقات القضائية التي تستهدف المعارضين ونشطاء الحراك والصحافيين والمحامين.
وتعتبر الحكومة أنها استجابت للمطالب الرئيسية للحراك ولم تعد له أي شرعية، متهمة النشطاء بأنهم في خدمة “أطراف أجنبية” معادية للجزائر.
ويقبع ما لا يقل عن 214 من سجناء الرأي خلف القضبان في الجزائر بسبب نشاطهم في الحراك أو الدفاع عن الحريات الفردية، بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.
و تعتبر هذه الأخيرة أول انتخابات تشريعية منذ انطلاق الحراك في 22 فيفري 2019 على خلفية رفض ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وقد نجح في دفعه إلى الاستقالة بعد أن قضى 20 سنة في الحكم.