تنقّل رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد مساء يوم السبت 1 ماي 2021، إلى جبل الشعانبي من لاية القصرين للإفطار مع مجموعة من ضباط الجيش والمسؤولين الأمنيين إحياءً لذكرى “مجرزة الشعانبي” التي راح ضحيتها 14 شهيدا من المؤسسة العسكريّة يوم 16 جيويلية 2014، الموافق للتاسع عشر من رمضان.
فماذا حصل في هنشير التلّة؟ وماهو مآل الملف القضائي؟

إحدى أخطر العمليّات


بتاريخ 16 جويلية 2014، وتزامنا مع موعد الإفطار تعرّض فصيلان تابعان للجيش الوطني العاملان على مستوى نقطتين متباعدتين بالمنطقة العسكرية الموجودة في هنشير التلة بجبل الشعانبي والتابعة لمعتمدية القصرين الجنوبية إلى هجوم من طرف مجموعة إرهابية راح ضحيته 14 شهيدا من العسكريين في حصيلة ثقيلة لم يسبق لتونس أن واجهتها قبل ذلك التاريخ.
وبعد حوالي سنة من العمليّة تنشر كتيبة عقبة بن نافع الإرهابية الموالية لـ”تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي” مقطع فيديو يوثّق الهجوم الإرهابي كما ظهر في التسجيل صور لما قالت الكتيبة الإرهابية إنها “غنائم” أخذها أفرادها بعد العملية، متمثلة في أسلحة وبدلات عسكرية وهواتف جوالة.



في وقت لاحق، وخلال “الحرب على الإرهاب”، تمكّنت وحدات الحرس والجيش الوطنيين من حجز جزء من هذه الأسلحة المنهوبة بعد القضاء على الإرهابيين المشاركين في مجزرة هنشير التلّة.
في عمليات أمنية وعسكرية، طيلة السنوات الماضية، تمّ التعرّف على قسيمة الذخيرة وأسلحة الشطاير التي يتم حجزها لدى الإرهابيين عند القبض عليهم أو بعد القضاء عليهم، وتكون تابعة لأحد الجنود الذين استشهدوا في الشعانبي.
من بين هؤلاء الإرهابيين، شوقي الفقراوي الذي قضي عليه في عملية للحرس الوطني في أفريل 2018، والعنصر الإرهابي الخطير رائد التواتي الذي ألقي عليه القبض والجزائري مراد بن حمادي الشايب المكنى” عوف المهاجر” وشقيق الإرهابي لقمان أبو صخر.

ماذا بعد العمليّة؟

القطب القضائي لمكافحة الإرهاب تعهّد بملف القضية فأسفرت الأبحاث والتحقيقات عن إيقاف ثلاثة عناصر من بين أكثر من 40 متهما في هذه الجريمة، وبعد حوالي خمس سنوات أصدرت الدائرة الجنائية الخامسة المتخصصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 11 جانفي 2019 42 حكما ابتدائيا من بينها 41 حكما بالإعدام.
39 متهما في قضية الحال أغلبهم من الجنسية الجزائرية متحصنون بالفرار وقد أصدرت الدائرة الجنائية في حقهم أحكاما بالإعدام والسجن مدى الحياة و50 سنة سجنا، ومن بينهم زعيم تنظيم أنصار الشريعة المحظور سيف الله بن حسين المعروف بأبي عياض.



بعد هذه العملية الغاشمة، تم تسجيل زيادة حادة في محاكمات الإرهاب في تونس خاصة منذ سنة 2015، كما ارتفع عدد المتهمين في القضايا الإرهابية المودعين بحالة إيقاف دون تقديمهم إلى المحكمة.
فوفقا لإحصائيات رسمية، تحصّل عليها JDD تم تحرير 4375 محضر إيقاف 6590 متهما في الفترة الممتدة من أكتوبر 2015 إلى مارس 2018، كما تم في الفترة ذاتها الفصل في 2982 قضية.

في بداية عام 2019، واستناداً إلى الأمم المتحدة، بقي ثمانون إرهابيا فقط في المنطقة الجبلية على طول الحدود التونسية مع الجزائر، خمسون من “كتيبة عقبة بن نافع” وهو الفرع التونسي لتنظيم “القاعدة”، وثلاثون من تنظيم داعش الإرهابي.
القوات المسلحة التونسية تمكنت بعد ذلك من القضاء على أخطر قيادات التنظيم، من “داعش” تمت تصفية عز الدين العلوي وحاتم بسدوري ومحمد بسدوري ومنذر غرسلي ومنتصر الغزلاني ومحمد أمين محكوكة ومحمد ناصر مباركي ولخزر ناصري وحسام الثليثي وغالي العمري ومن كتيبة عقبة بن نافع الباي العكروف والطاهر الجيجلي وصلاح الدين القاسمي وأسامة السالمي ومراد الشايب.
وفي مقارنة لمعهد واشنطن، تبين تقلص عدد العمليات الإرهابية وخطورتها بين 2014 و2019.