نشر موقع “ميدل إيست أي” البريطاني، أمس الأحد 23 ماي 2021، “وثيقة مسربة” من مكتب مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، يعود تاريخها إلى 13 ماي 2021، تتحدث عن اعتقال سياسيين كبار، وتدبير انقلاب في تونس وتفشي الوثيقة المسربة عما تسميه “ديكتاتورية دستورية”.
هل يمكن الحديث عن “انقلاب دستوري” في تونس؟ ومامدى مصداقية الوثيقة؟
“وثيقة استشارية”
لتحليل الوثيقة المشار إليها شكلا، اتّصل “JDD Tunisie”، بمدير الديوان الرئاسي السابق، عدنان منصر، فأوضح أنّه لا يوجد عنصر جدّي يؤكّد أنّ الرسالة وصلت فعلا إلى عكاشة باعتبار أنها تتضمن رأيا استشاريا قد يكون مُرسله أحد موظفي مؤسسة رئاسة الجمهورية أو من خارجها.
وأضاف أنّ مصداقية الوثيقة سؤال مطروح بقوّة خاصة وأن الحديث عن تفعيل الفصل 80 يعود إلى أشهر وليست هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها هذا المضمون للنقاش العام واعتبره جزءا من أساتذة القانون الدستوري حينها “السلاح الأقوى الذي لم يُفعّل” .
قراءة دستورية
من جهة أخرى، أوضح أستاذ القانون الدستوري بجامعة صفاقس الدكتور عبدالرزاق المختار، لـ”JDD Tunisie”، أن تونس تعيش حاليا نوعا من العطالة المؤسساتية التي تتيح المجال أمام سيناريوهات وتكهنات مختلقة باعتبار غياب الوضوح والمقروئية عن رسالة الفاعل السياسي، الرؤساء الثلاث، كما أنّ قواعد إدارة العلاقة ضبابية وبالتالي يمكن اعتبار المناخ السياسي متلبّس المرئية مما ولّد ماوصفه بحرب التسريبات التي لا نراها إلّأ في النظم الاستخباراتية أو القمعية، وفق قوله.
وفسّر محدّثنا أنّ الفصل 80 من الدستور يمكن تسميته بالسلاح النووي الدستوري أو الدواء المر لأنه “الطلقة الأخيرة” وهو يعطي إمكانيات واسعة لرئيس الجمهورية لكنها مشروطة ومضبوطة أولا بوجود محكمة دستورية إلى جانب نوع من التوافق مع رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة.
وقال المختار إنّ هذا الفصل فيه محاذير لأنه يشترط توقف السير العادي لدواليب الدولة وبالتالي فإن المراهنة على حالة الانسداد وتعميقها لإعطاء شرعية لعملية تفعيل الفصل 80 دون المرور بالمحكمة الدستورية واستشارة البرلمان يمكن قراءته على أنه دكتاتورية دستورية.
وتابع أستاذ القانون الدستوري أنّ الفصل 80 يهدف إلى عودة السير العادي لدواليب الدولة وهو إجراء مؤقّت ولا يعني تعليق دولة القانون على عكس مايظنه البغض، وفق تعبيره.
وينصّ الفصل 80 من الدستور على أنّه “لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب.
ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة.
وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.
وبعد مضي ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه.
وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما.
ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب.”