تراجع المخزون المائي للسدود الكبرى بولاية جندوبة خلال الموسم الحالي إلى 49 بالمائة مقارنة بـالسنوات القليلة المنقضية، إذ سجّلت الإدارة العامة للسدود أن الكمية المخزنة من مياه الشرب والري بستة سدود تابعة لولاية جندوبة (الخزان المائي للبلاد التونسية) لا تتجاوز إلى مطلع شهر ماي الجاري 171,5 مليون متر مكعّب من طاقة تخزين إجمالية تناهز 352 مليون متر مكعّب وذلك بسبب شح الأمطار وتزايد الطلب على المياه بشقيها الري والشرب إضافة إلى عدم حوكمة التصرف فيما هو متاح داخل السدود أو مياه الأمطار.
وبتاريخ 7 ماي الجاري لم يتجاوز المخزون المائي بسد بوهرتمة أكبر سدود الجهة والمعد ّ للري ّوالشرب وتوليد الطاقة 34,6 مليون متر مكّعب من طاقة خزن إجمالية تتجاوز 112 مليون متر مكعّب وفق ما ورد في تقرير محيّن صادر عن المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بجندوبة في هذا التاريخ تم عرضه خلال المجلس الجهوي للمياه المنعقد بذات التاريخ بمقر ولاية جندوبة.
ولم يتجاوز مخزون سد بني مطير المعدّ لشرب ولايات جندوبة وباجة وتونس الكبرى وتوليد الطاقة وإلى حد ذات التاريخ 22.1 مليون متر مكعّب من مجموع 60 مليون متر مكعّب طاقة خزنه الفعلية.
كما لم يتمكن سدّ الزرقاء القريب من سدّ الكبير والمعدّ أيضا للري والشرب من تعبئة مخزونه البالغ 24,2 مليون متر مكعب حيث تشير إحصائيات الإدارة العامة للسدود بأن الكمية المخزنة به حاليا لا تتجاوز 19 مليون متر مكعّب أي بعجز يقدّر بـ 5 ملايين متر مكعّب.
منسوب المياه في السدود انخفض بفعل فاعل
أفاد رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بجندوبة، عمر الغزواني إن منسوب المياه في بعض السدود “انخفض بفعل فاعل”.
وأوضح أنه على الرغم من النقص الحاد في كميات الأمطار وما له من تأثيرات سلبية على الزراعات الكبرى والزراعات السقوية، إلا أنه تم إفراغ سدّ بوهرتمة، المزوّد الرئيسي للمنطقة السقوية في الجهة والتقليص من مخزون المياه “بتعلّة القيام بأشغال”.
وأضاف أن مخزون المياه في هذا السد انخفض إلى أقل من 50 بالمائة، مشيرا أيضا إلى أنهم طالبوا بتعويض هذا النقص من خلال تحويل مياه سدّ بربرة الذي له مخزون تعديلي هام، لكن لم يتم ذلك “بتعلة وجود أعطاب”، متسائلا عن مصير متساكني المنطقة السقوية في ظل النقص الفادح في المياه.
أرقام غير مسبوقة
تعتبر ولاية جندوبة المنطقة الوحيدة التي تشهد سنويا تساقطات مطرية هامة تفوق 1000 مليمتر إذ تتراوح هذه التساقطات بين 432 مم بمعتمدية بوسالم و1500 مم بمعتمدية عين دراهم التي فاقت خلال هذا الموسم 2021/2020 1586 مم كمعدل سنوي وهو ما يجعلها في صدارة الترتيب الوطني من جهة وصدارة الترتيب مقارنة ببقية معتمديات الجهة، تلتها تباعا ولذات الموسم معتمدية طبرقة بـ946 مم فمعتمدية فرنان بـ917 مم ثم معتمدية مادي مليز بـ471 مم فمعتمدية جندوبة بـ459 مم تليها معتمدية غار الدماء بـ450 مم فيما تتذيل معتمدية بوسالم لائحة هذا الترتيب بتسجيلها لنحو 432 مم لهذا الموسم 20/21.
وتطرح هذه الأرقام قلقا غير مسبوق في تاريخ الجهة وفق ما يؤكده عدد هام من الفلاحين والخبراء المتابعين للوضع المائي بتونس عموما وولاية جندوبة بشكل خاص ففي الوقت الذي تزداد حاجة البلاد إلى المياه سواء تعلق الأمر بالري أو بالشرب أو بتوليد الطاقة الكهربائية، معتبرين أن سياسة الدولة لا تزال تراوح مكانها إذ لم تستطع إلى حد الآن حوكمة التصرف في الموارد المائية بما يرتقي إلى بلوغ الأهداف التي أقيمت من أضجلها هذه السدود وما تستعدّ لبنائه من سدود جديدة .
فإلى جانب تهرّؤ شبكة الري وهدر ما يناهز 30 بالمائة من المياه المستغلة ومحدودية الاستخدام التقني في ري أكثر من 40 ألف من الأراضي السقوية في الجهة والربط العشوائي فإن قضية التحكّم في الموارد المائية القابلة للتعبئة لا يتعدى 400 مليون متر مكعب من المياه من إجمالي 662 مليون متر مكعّب إضافة إلى معضلة ارتفاع منسوب الطمي والمعبر عنه محلّيا بـ”الميلوسي” والذي يحتل نسبا متفاوتة تناهز 25 بالمائة من الطاقة الفعلية لمخزون السدود تظل العائق الأكبر الذي لازال يحول دون قدرة هذه السدود على تخزين كمياتها كاملة وإلى حد الآن لم يتم التعامل مع هذا العائق باستخدام التقنيات الحديثة والتي نجحت في بلدان متقاربة من حيث مؤشرات التنمية ومختلفة من حيث انتماؤها للنطاق المناخي الذي يغلب عليه المناخ المتوسطي وشبه الجاف على غرار الجزائر وليبيا وسوريا.
وتعد ولاية جندوبة الخزان المائي الاستراتيجي للبلاد التونسية إذ تفوق طاقتها 16 بالمائة من الموارد المائية الوطنية..