ترتفع بشكل ملحوظ، ومن سنة إلى أخرى، نسبة القضايا المنشورة ضد الأطفال والقصّر في جرائم وجنح متفاوتة الخطورة، خاصّة بإيقاف المئات مطلع العام الحالي فيما وُصف بأحداث الشغب التي عرفتها مختلف الولايات في شهر جانفي.
ماهي القوانين التي تحمي الأطفال الجانحين؟ وهل يتم تطبيقها؟
في تزايد مستمرّ
سنة 2019 بلغ عدد الأطفال الصادرة في شأنهم أحكام 8320 طفلا، ووفقا لتقرير محكمة المحاسبات الذي أصدر بعد مهمة رقابية من سنة 2012 إلى غاية 2017، بلغ عدد القضايا المفصولة، خلال السنة القضائية 2014-2015، 6246 قضية في مادة جناحي الأطفال و319 قضية في مادة جنائي الأطفال وعدد الأطفال المحكوم عليهم 7506 طفلا والحالات المتعهّد بها خلال سنة 2015 من قبل المصالح الأمنية 2549 حالة.
الواقع يقوّض طوباوية النصّ
أحاط المشرّع التونسي الطفل في نزاع مع القانون بحقّ متميّز عملا بمجلّة حمایة الطفل الصّادرة بمقتضى القانون عدد 92 لسنة 1995 المؤرّخ في9 نوفمبر 1995 وعرّفت المجلّة الطفل بأنّه كلّ إنسان عمره أقلّ من ثمانیة عشر عاما ما لم یبلغ سنّ الرّشد بأحكام خاصّة ویعدّ الطفل جانحا على معنى هذه المجلّة إذا بلغ ثلاثة عشر سنة كاملة وارتكب فعلا یعاقب عنه القانون الجزائي.
لاحظت محكمة المحاسبات في تقريرها الصادر عام 2018، أنّ جلّ الألفاظ المعتمدة بالنصوص القانونية المتعلقة بالأطفال في نزاع مع القانون وردت بطريقة تصدر أحكاما مسبقة بالإدانة وتصفهم بالجنوح والانحراف.
كما أنّ مجلّة حماية الطفل لا تخوّل لمندوب حماية الطفولة تفعيل آليّة الوساطة تلقائيّا بهدف إيقاف التّتبّعات أو المحاكمة. وإزاء ذلك، لم يتعدّ المعدّل السّنوي لمطالب الوساطة 467 مطلبا من جملة ما معدّله 9340 قضيّة مفصولة سنويّا من 2012 إلى 2015.
ولم ينصّ التشريع التونسي على آليّة التّحويل خارج النّظام القضائي بهدف تجنّب العقوبات الجزائية، لذلك، بلغت نسبة الأطفال الموقوفين 85 بالمائة من عدد الأطفال المودعين بمراكز الإصلاح خلال الفترة 2012 -2016 وتجاوزت فترات إيقاف 113 طفلا مدّة الأحكام الصادرة بشأنهم وذلك لمدّة تراوحت بين 3 أيّام و377 يوما وبلغت نسبة الأطفال الذين تمّ إيداعهم لمدّة لم تتجاوز على التوالي شهرا وثلاثة أشهر 42 بالمائة و74 بالمائة في حين كانت نسبة الأطفال الذين تمّ إيداعهم لمدّة فاقت 9 أشهر في حدود 4 بالمائة من جملة 6542 طفلا واتضح أنّه تمّ خلال الفترة من 2012 إلى أفريل 2017 إيداع أطفال تقلّ أعمارهم عند الإيقاف التّحفّظي عن 15 سنة تعلّقت بهم تهم من مادّة الجنح، حسب محكمة المحاسبات.
ومن ناحية أخرى، تمّ تسجيل 49 حالة تعنيف خلال الفترة 2013 -2016 و5 حالات تعذيب لأطفال خلال سنتي 2016 و2017 كما لم يتمّ تمكين طفل من حقّه في حضور المحامي وتمكين دفاع أحد المتّهمين من الاطّلاع على الأبحاث الأوّليّة لدى الضابطة العدليّة.
من جانبها بيّنت هيئة الوقاية من التعذيب في ندوة سنة 2018، وجود معاملات قاسية ومهينة للأطفال على مستوى البحث البدائي من ضرب وشتم وكي بالسجائر وتعرية كاملة للأجساد بعد شد الأيدي إلى الخلف بالأغلال وذلك من أجل انتزاع اعترافات، وكشفت الهيئة عن صور أطفال تعرضوا للحرق بالسجائر.
وبسبب الاكتظاظ، يُحرم الأطفال الذي يقضون عقوبات سالبة للحرية من التأهيل النفسي ويحصلون على طعام رديء حيث يعثر الأطفال في أكلاتهم على ديدان وعند الاستحمام لا يمنح كل واحد منهم الاّ بعض الثواني، حسب الهيئة.