تتصاعد الدعوات في تونس لحماية سكان المناطق المحاذية للمرتفعات الجبلية التي تتحصن بها الجماعات المتشددة، خاصة مع تواتر عمليات استهدافهم من قبل هذه التنظيمات.

معركة البقاء اليومية

رغم جمال الطبيعة، كان الجو ثقيلا في المغيلة، حيث تحوم طائرات الهليكوبتر حول الجبل المطل على الوادي، فمنذ سنوات، يُعدّ جبل المغيلة مسرحا للمواجهة بين عناصر الجيش التونسي والمجموعات المسلحة والقيام بعمليات أمنية، لذلك يعيش السكان في سفح الجبل على إيقاع هذه العمليات.

وقد استنكر مواطنون قاطنون قرب المغيلة الوضع، وقال أحدهم: “تمر طائرات الجيش أكثر من عشرين مرة في اليوم ويحاصرون الجبل بأسلحتهم، لكنهم لا يعيرون لنا أي اهتمام”، مضيفا: “كيف لهم أن يُحسوّا بنا؟”.

يخشى أهالي الجبل على مستقبل أبنائهم، حيث يُعدّدون العقبات التي تعترض الأبناء منذ نعومة أظافرهم، مثل صعوبة الالتحاق بمقاعد الدراسة وانسداد الآفاق والمستقبل المجهول…

“لا يجد أبناؤنا سوى الجدران أمامهم.. كل شيء موصد بإحكام”، وهذا يضعهم أمام 3 احتمالات: إما الموت أو الصعود للجبل أو مغادرة البلاد”.

وأضاف محدثنا أن الإرهاب تسبّب في تهجير عشرات العائلات القاطنة بسفوح الجبل وهربوا بعد تلقيهم تهديدات بالتصفية، باعتبار أن سكان المناطق الجبلية والحدودية يمثلون الخط الأول من المواجهات ضد الجماعات المتطرفة باعتبارهم الأقرب لخط الخطر والاستهداف.

اعتداءات على أمنيين ومدنيين

سبق لعدد من أهالي المناطق المحاذية للمرتفعات الغربية للبلاد أن طالبوا السلطات الأمنية والعسكرية بحمايتهم من المداهمات التي يشنها المتطرفون على منازلهم.

إذ بات سكان المناطق المحاذية للجبال يعيشون ضمن ثلاثية مرعبة وهي الاستقطاب من الجماعات الإرهابية أو الجوع أو الموت في انفجارات الألغام وعمليات الذبح.

من جهته، يصف الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، وضعية السكان القاطنين بجوار المناطق العسكرية المغلقة وبمحاذاة المرتفعات الغربية بـ”المزرية للغاية”، قائلا إن “الدولة تركتهم في مواجهة الإرهاب دون سلاح”.

كما تجدر الإشارة أن الإرهاب معركة طويلة ومتواصلة لا تقتصر على محاربة القوات الأمنية والعسكرية، بل عبر محاولات إرباك المجتمع بما فيه استهداف العزّل والمدنيين وسكان جبال المغيلة على غرار ما وقع لعدة مواطنين.
إلى جانب ترهيب المجتمع وإرباكه، تكمن استراتيجية الإرهاب كذلك في محاولة السيطرة على أكثر وأقصى ما يمكن من الأراضي عبر دفع متساكنيها لمغادرتها وإخلائها بهدف الانفراد بأوسع مجال جغرافي والتمدد للتحرك بحرية ودون تهديدات وفقا لتصريح إحدى المتساكنات بالمغيلة، التي نددت بشدة غياب الدولة وخاصة الجهاز الأمني في ظل هذا الوضع المأساوي اللذين يعيشون على وقعه منذ أكثر من 8 سنوات.

كما تحدثت عن عزلة المناطق المحيطة للجبال، والتي تعاني من غياب الماء الصالح للشرب وغياب الطرقات ووسائل العيش، مستنكرةً مماطلة السياسيين والمسؤولين لمطالب الناس المشروعة في هذا المجال الهامشي.