صحيفة الأحد – Jdd Tunisie

لا مخرج في الأفق من الأزمة المالية

لم يقدر المشيشي على الحصول على دعم جديد للميزانية، جراء عدم تقديم خطة إصلاح هيكلي إلى صندوق النقد الدولي و فشل رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي في حشد حليفه القطري.

قبل أيام من انتهاء الخطة الخماسية لصندوق النقد الدولي في 19 ماي، وبينما خفّضت وكالة موديز التصنيف السيادي لتونس في جوان، لا يزال هشام المشيشي يبحث عن وسيلة للحصول على خطة جديدة للانقاذ المالي وباستثناء حدوث معجزة، يفترض ألا تتّخذ المؤسسة الدولية قرارًا قبل أشهر.
‏بعد أن كان من المتوقع في موفى أفريل، ثم في بداية ماي، قرر رئيس الوزراء هشام المشيشي أخيرًا السماح لوزير ماليته علي الكعلي بالسفر إلى واشنطن على رأس وفد من 3 إلى 8 ماي، مؤجلا في الأخير سفره.
‏التفسير بسيط للغاية: فعادة ما تجري الاتصالات بين المؤسسة المالية والسلطات في المرحلة الأخيرة من المفاوضات، لتسوية التفاصيل النهائية للإصلاحات الهيكلية المقترحة من قبل الدولة المقترضة.
ومع ذلك، لم تقدّم تونس حتى الآن سوى الخطوط العريضة لهذه الخطة: وهي التحكم في أجور القطاع العام وإصلاح الدعم ومراجعة تراخيص الاستيراد والحد من الاحتكار .. ولم يقدم الوفد التونسي أي آلية دقيقة لتحقيق هذه الأهداف، ولا أدنى مسودة لخارطة طريق عملية.

الصندوق يصعّد في لهجته

هذه المرة، يطالب صندوق النقد الدولي جميع الشركاء الاجتماعيين، وليس فقط السلطة التنفيذية والبنك المركزي التونسي بالالتزام بدعم العملية ما يعني أن لا تكتفي المنظمة الشغيلة ومنظمة الأعراف بالتحقق من صحة اهداف البرنامج، وهو أمر غير واضح بالفعل، بل أيضا من وسائل تحقيقه.

ويشتبه الصندوق الذي ترأسه كريستينا جورجييفا في انخراط كل من الحكومة واتحاد الشغل بالإيهام بقبول جميع شروطه، قبل التراجع عن تطبيقها بتعلات اجتماعية. فالاتحاد قد عارض تقريبا كل الإصلاحلات التي طالب صندوق النقد الدولي لاكثر من عقد.

أمين عام إتحاد الشغل كان دائم التوجس من مطالب صندوق النقد الدولي

فالامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الذي يقدم على أنه إلى جانب هشام المشيشي كان دائما ضد سياساته فقد استغل احتفالات عيد الشغل للمطالبة بالزيادة في الأجور.


الغنوشي يواجه صدا قطريا

مستشعرا الصعوبات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، حاول رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي البحث عن خطة إنقاذ بديلة عبر التفاوض بشكل منفصل، مع الدوحة، الداعم الدائم له حيث زارها في الفترة من 6 إلى 7 ماي الحالي. كان الهدف من هذه الزيارة الحصول على قرض جديد في حدود 6 مليار دينار من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والذي من شأنه تمكين راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة الإسلامي من تعزيز مكانته باعتباره “الراعي” الرئيسي لحكومة المشيشي.

في الواقع، كانت قرابة نصف هذا القرض ستغطي سداد قرض سابق ممنوح من البنك الوطني القطري وسيتعين على تونس إنهاء السداد في عام 2022. أما باقي القرض، فيمكن أن يضخ في ميزانية الدولة لإضفاء هامش من التحرك، وحتى يتمكن هشام المشيشي من التفاوض بأكثر أريحية مع صندوق النقد الدولي.
غادر راشد الغنوشي الدوحة خالي الوفاض، بعد أن اشترطت عليه قطر إنهاء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أولا.
وكان فشل راشد الغنوشي متوقعًا إلى حد ما مثلما سبق لصحيفة Africa Intelligence أن أشارت اليه ، فقد أرسل الغنوشي صهره ومستشاره رفيق عبد السلام إلى الدوحة، أواخر مارس المنقضي، وذلك بالتزامن مع زيارة وزير الاقتصاد علي الكعلي لإقناع القطريين بسحب دفتر شيكاتهم لتونس لكن هذه المهمة سرعان ما باءت بالفشل.

وزير الاقتصاد والمالية علي الكعلي يقول أن زيارة واشنطن كانت لبناء علاقات صادقة مع المانحين


‏ولأسباب مالية، رفضت قطر إعادة جدولة ديون القرض السابق، مقترحة تطبيق فائدة بحوالي 5.5٪ في أي فرض جديد، وهو شرط غير مقبول بالنسبة لتونس.
ويبدو أن سياسة التحالفات الإقليمية قد شهدت تحيينا بالنسبة للأمير القطري مع رفع الحصار الإماراتي والسعودي على الدوحة مع بداية سنة 2021 وقطر لا تريد صب الزيت على النار بإعطاء انطباع بأنها تواصل دعم حركات الإخوان المسلمين، على غرار حركة النهضة.



‏سعيد يركّز على الأموال المنهوبة

رئيس الدولة قيس سعيد ظل ملتزما بدور المتفرج على كل هذه المفاوضات فاكتفى في شهر مارس باستقبال نائب رئيس البنك الدولي عن شمال أفريقيا والشرق الأوسط فريد بلحاج الذي كان أحد زملائه في الدراسة.
هذا التقارب لم يمنع الحاج من تذكير الرئيس بضرورة احترام الشروط التي يطالب بها المانحون الدوليون ‏لذلك يركز قيس سعيد على مشروعه لاستعادة الثروات الهائلة التي راكمها بعض المقربين في عهد بن علي. وقد تم تجميد أرصدة بمئات الملايين في الخارج، لكن تونس فوّتت العديد من الأجال القانونية لاستعادتها.
‏وإثر فشل اللجنة الخاصة الملحقة بوزارة الخارجية، وإقالة وزيري العدل وأملاك الدولة المواليين لسعيد، في جانفي الماضي، واللذين تبنيا الملف داخل الحكومة، شكّل الرئيس فريقًا جديدًا في قرطاج. تتكون هذه اللجنة من إطارات من البنك المركزي، يفترض استغلالها من إنجاز ملف يستهدف 40 عائلة و60 اسما آخر من المتنفذين

ترجمة عن النص الفرنسي: محمّد الجلالي وخولة قريرة

المصدر: Africa Intelligence

الخروج من نسخة الهاتف المحمول