إن المشاكل الاقتصادية التي باتت تعيشها البلاد التونسية اليوم تتطلب خيارات استراتيجية على الدولة تحديدها والاتفاق عليها بين مختلف الأطراف المتداخلة وهذه الخيارات تشكل منوال التنمية باعتباره يمثل مجموعة من المحاور الاستراتيجية التي يجب اتباعها من أجل حلحلة وضع البلاد على جميع الأصعدة.
مواطن الخلل في منوال التنمية
اعتبر أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا شكندالي، في تصريح لـ”JDD” أن منوال التنمية الذي تعتمده تونس اليوم وصل إلى الذروة وبات محدودا وغير قادر على توفير مواطن شغل سواء كان على مستوى القطاع العام أو الخاص.
وبين شكندالي أن منوال التنمية فشل لاعتماده على التفاضلية والاقصاء، موضحا أن هذا المنوال يقصي الجهات الداخلية والمرأة والشباب المتحصل على الشهائد العليا إلى جانب اقصاءه لجزء كبير من الاقتصاد الموازي علاوة على نقص شركائه التجاريين واكتفائه بالسوق الأروبية.
مراجعة منوال التنمية
وقال رضا شكندالي إن الظرف الاقتصادي الذي وصلت إليه تونس يتطلب اعتماد منوال تنموي إدماجي يقوم على تنويع الشركاء التجاريين الذين يملكون نسبة نمو عالية على غرار السوق الأفريقية إلى جانب دمج المناطق الداخلية من خلال التركيز على المجال الفلاحي كمحرك اقتصادي مهم في تونس.
ودعا شكندالي إلى ضرورة اعتماد منوال يهدف إلى تحسين مناخ الأعمال ويعمل على إدماج السوق الموازية في الاقتصاد، إلى جانب إدماج القطاعات ذات المحتوى المعرفي المرتفع أي المؤسسات التي تشغل أصحاب الشهائد العليا، مؤكدا ضرورة تمويل الاستثمارات الخارجية عوضا عن الاقتراض من الخارج، وفق قوله.
وفي ذات السياق أكد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصّيد البحري، عبد المجيد الزار، ضرورة مراجعة منوال التنمية في تونس بشكل جذري وتركيز خيار الفلاحة وتكريس كافة الجهود لتكامل القطاعات في تونس لتعزيز الاستثمار والابتعاد عن المحاباة والحلول الترقيعية، وفق تعبيره.
منوال تنمية كلاسيكي في تونس
من جانبه اعتبر السياسي والنائب السابق، صحبي بن فرج، في تصريح لـ”JDD”، أن منوال التنمية الذي تعتمده تونس اليوم لم يعد نافعا لأنه كلاسيكي يعود إلى السبعينات ويعتمد آليات تقليدية في الصناعة والفلاحة إلى جانب اعتماده على يد عاملة نشيطة لكنها رخيصة.
وقال بن فرج إنه كان من المفروض اجتماع النخبتين السياسية والاقتصادية منذ اندلاع الثورة لتشريح الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، في تونس لخلق منوال يلبي المطالب التي ثار من أجلها الشعب التونسي عوضا عن تركيزها على الجانب الإيديولوجي، على حد قوله.
وأكد الصحبي بن فرج ضرورة اعتماد منوال تنمية يخلق القيمة البشرية ويعتمد على الثروات البشرية والطبيعية، ويعمل على تطوير اقتصاد الكلفة العالية، داعيا إلى ضرورة الاعتماد على سياحة متطورة على غرار السياحة الثقافية وسياحة المؤتمرات والرياضات البحرية.
إن تدهور الوضع الاقتصادي خير دليل على فشل منوال التنمية في البلاد التونسية حيث أصبح من الضروري اليوم مراجعته بصفة جذرية وفق قرارت مدروسة تقوم على خيارات متكاملة بين مختلف القطاعات لإرساء مفهوم جديد للاستثمار في تونس.