رصدت منظمة العفو الدولية محاكمات “صورية يشوبها التعذيب” بالمحاكم العسكرية في شرق ليبيا تهدف إلى معاقبة الخصوم والنقاد الفعليين أو المفترضين للقوات المسلحة العربية الليبية والجماعات المسلحة التابعة لها، وفق تقرير صادر  اليوم عن منظمة العفو الدولية. 

أحكام غير قانونية

من جانبه ندد الخبير المهتم بالشأن الليبي، مصطفى عبد الكبير، في تصريح لـ”JDD”، بمحاكمة المدنيين من طرف المحاكم العسكرية، مؤكدا أن ذلك غير قانوني فمحاكمتهم لا تكون إلا من قبل القضاء العدلي، وفق قوله.

وبين مصطفى عبد الكبير أن هذه المحاكم العسكرية هي استثنائية وغير عادلة تغيب فيها كل مظاهر الديمقراطية ولا نجدها سوى في الدول غير المدنية وتعتمد بالأساس على الأحكام المسبقة مثل ما يوجد بالأنظمة الدكتاتورية التي يكون فيها الحكم بيد القائد الأعلى للقوات المسلحة أو الذي تكون بيده السلطة بصفة عامة، وفق تعبيره.

مخاطر

وأوضح الخبير المهتم بالشأن الليبي أن انتشار الميليشيات في ليبيا خلق نوعا من عدم الحيادية وعدم ضمان المحاكمات العادلة في القضاء وأصبح الحكم يتم دون مرافعات داخل المحاكم العسكرية، مشيرا إلى أن القاضي أصبح بين مطرقة تطبيق القانون وسندان الميليشيات، وفق تعبيره.

وأكد عبد الكبير ضرورة إصلاح المؤسسات الليبية وعلى رأسها المؤسسات القضائية والسجنية والأمنية للتقليص في نسبة المخاطر التي باتت تحوم حول المدنيين داخل التراب الليبي على غرار جرائم الاغتصاب والاختطاف والقتل، داعيا إلى العمل على التقليل من نفوذ المحاكم العسكرية.  

خلق مناخ من الخوف

وقالت نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، ديانا الطحاوي، “إنه ينبغي على حكومة الوحدة الوطنية أن تضع حداً فورياً للمحاكمات العسكرية للمدنيين وأن تأمر بإجراء تحقيقات في ممارسة التعذيب وغيره من الجرائم بموجب القانون الدولي التي ارتكبتها الجماعات المسلحة”.

واعتبرت المنظمة أن استخدام المحاكمات العسكرية للمدنيين يُشكل ستاراً فاضحاً تُمارس به القوات المسلحة العربية الليبية والجماعات المسلحة التابعة لها سلطتها لمعاقبة أولئك الذين يعارضونها وتخلق مناخا من الخوف”. 

إعدام وسجن صحفيَيْن

وأوضحت المنظمة أن المحاكم المذكورة قضت بإعدام أكثر من 22 شخصا والزج بالمئات في السجون بين سنتي 2018 و2021، فيما تعرّض العديد من المتهمين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في الحبس الاحتياطي.

ويضم المدنيون الذين حاكمتهم المحاكم العسكرية في معقل القوات المسلحة العربية الليبية في شرق ليبيا شخصين استُهدفا حصراً بسبب عملهما الصحفي، ومجموعة شاركت في احتجاجات سلمية وعشرات الأشخاص الذين دافعوا عن حقوق الإنسان أو نشروا انتقادات للقوات المسلحة العربية الليبية أو الجماعات المسلحة التابعة لها على وسائل التواصل الاجتماعي.

اختفاء قسري

وكان محتجزون سابقون تحدثوا إلى منظمة العفو الدولية عن تفاصيل طائفة من الانتهاكات من ضمنها اختطافهم واحتجازهم لمدة تصل إلى ثلاث سنوات حتى قبل إحالتهم إلى الادعاء العسكري كما تم احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي لغاية 20 شهراً في ظروف شبيهة بالإخفاء القسري، حيث تعرضوا للضرب ووُجهت لهم تهديدات واستُخدم ضدهم أسلوب الإيهام بالغرق، فيما صرح بعضهم بأنهم أُرغموا على توقيع “اعترافات” بجرائم لم يرتكبوها.

وحسب منظمة العفو الدولية فقد شكّلت الإجراءات القضائية المتخذة أمام المحاكم العسكرية في شرق ليبيا استهزاءً بحقوق متعددة للمحاكمة العادلة، من بينها الحق في الاستعانة بمحامي قبل المحاكمة وأثناءها والحق في التزام الصمت وفي جلسة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة ومستقلة وحيادية وفي حضور المحاكمة وفي حكم معلّل وفي مراجعة حقيقية من جملة حقوق أخرى.