كان يا مكانش مسلسل كوميدي من إخراج عبد الحميد بوشناق ومن تأليف حاتم بلحاج وعزيز الجبالي و عبد الحميد بوشناق.
أبطال السلسلة هم ثلّة من الشباب شاركوا في أعمال كوميدية ودرامية وتميّزوا في الأداء، عزيز الجبالي وسيف عمران وجهاد الشارني، يشاركهم بالبطولة مجموعة كبيرة من نجوم الفن منهم مهذب الرميلي وهالة عياد وياسمين الديماسي وريم عياد وغيرهم.
هي مغامرة جديدة يخوضها”عبد الحميد بوشناق” إثر نجاحه في مسلسل النوبة، ينقل الواقع الراهن بما يعتريه من مظاهر فساد و صراعات حول السلطة في قوالب مضحكة ساخرة وفنية، يبث مباشرة بعد موعد الإفطار على القناة الوطنية الأولى.
بين الواقعي والتاريخي تتأرجح الأحداث
سلسلة “كان ياماكانش” رحلة في التاريخ من خلال المكان، في أوذنة وقع تصوير مشاهد منها، والتاريخ يرمي بظلاله على المكان والشخصيات وأزيائها، مزج بين الألوان والحركات والديكور التي تبدو في ظاهرها بسيطة، لكنها مبطّنة بتجليات واقعية مفحمة بالرموز والتركيبات الاجتماعية والسياسية.
وتدور أحداث المسلسل في بلاد «الخضراء» حيث يتعرض الملك «ساطور»، (المنجي العوني) للتسميم، وتبدأ رحلة البحث عمن يُنصّب في الخلافة، وتكون نقطة الخلاف الاولى «الدستور» التي تُقدم بطريقة ساخرة هزلية.
“قصر وملك بلا تاج والشعب يعاني ومحتاج” هي كلمات جينيرييك السلسلة تنقل الوضع الراهن الذي تعيش على وقعه البلاد التونسية منذ سنوات، وهي المفارقة الشاسعة بين الساسة وما يشغلهم من سلطة والشعب الذي لا حول له ولا قوة، مفارقات أخرى تجمع بين الفقير والغنى، العالم الافتراضي المجسد بطريقة نقدية والواقع، ذلك من خلال شخصيات تجمع بين ثنائية التراجيديا والكوميديا، فيها من يُجسم شريحة من الشعب التونسي المتعصّبة والرافضة للرأي الآخر دون حتى الاستماع إليه، ومنها ما تجسّم العدمية والتشاؤم الشديد، والعديد من الوجوه الأخرى التي تمثل شرائح مختلفة من المجتمع.
النص مكتوب بالوجع انبثق من واقع بصراعاته وتقلباته، بذكاء وفكرة انطلقت من كاتب يعرف جيدا التلاعب بالكلمات والمرور بين الواقعي والخيالي بكل سهولة، وثّق مشاكل اجتماعية وسياسية عدة، منها غلاء المعيشة وبيروقراطية الادارة التونسية وانتهازية بعض الموظفين ومحاولة أصحاب المال شراء الذمم لأجل الحكم، تطرقت حتى للوباء ومخلفاته والاجراءات التي تم اتخاذها، جميعها ظواهر تعيشها البلاد قدمت في «خلطة عجائبية» وقالب تاريخي مُحاك بنسيج تقني وخيط رفيع فانتازي.
شخصيات وأسماء عجيبة ذات رموز ضمنية
بدءًا باختيار إسم السلسلة”كان ياماكانش”وهو مغاير للمتعارف عليه، عكس “كان يامكان” ربما كان ذلك سعيا من المخرج لترسيخ الاختلاف منذ البداية وخرق النمطية المألوفة.
وفي اطار البعد العجائبي اختيرت للشخصيات اسماء غريبة، فالملك «ساطور» ووالده «قرضة» هي رمزية للقوة والبطش، فالساطور والقرضة كلاهما يستعملان للذبح وتشريح اللحم كذلك يفعل الملك، يذبح شعبه بالضرائب المرتفعة والسياسة الفاسدة، واسم المشرف على الجيش «خفاش» دلالة لحيوان لا يظهر نهارا، كذلك صاحب الجيش كل قراراته تحاك ليلا، و»برغل» و»نعناع» و»مهراس» اسماء من المطبخ ذات دلالات متناقضة استعملت لتكون كما الاحداث غريبة ومختلفة والعديد من التأويلات التي تحوم حولها.