لا يمكن الحديث عن شهر رمضان المعظم دون الحديث عن مناسبة سارة تعقبه ومرتبطة كذلك بالفرائض الدينية وهي “عيد الفطر ” الذي ينتظره الجميع لكن مع الأسف لم يبقى من حلاوته غير الاسم لأن الواقع تغير وبات مختلفا عن الماضي.

كورونا 

من المنتظر أن يهل علينا عيد الفطر المبارك هذه السنة يوم 13 أو 14 من شهر ماي 2021، ليكون هذا العام مثل السنة الماضية فاقدا لرونقه ”لا قبل لا معايدة لا مصافحة” وأحيانا يمنع فيه اللّقاء بسبب انتشار وباء كورونا الذي اجتاح عالما بأسره ولم يستثني أي بلد عربي.

ففي السنة الماضية احتفل جل المسلمين في مختلف أنحاء العالم وسط إجراءات استثنائية فرضت عليهم تدابير تحفظية على غرار التباعد الجسدي وارتداء الكمامات وتجنب المصافحة والتقبيل حتى التكبيرات وصلاة العيد أُقيمت داخل المنازل وليس في المساجد.

رسائل بدل المعايدة

والمسألة لم تبرز منذ انتشار الفيروس فحسب بل كانت موجودة من قبل، فأعياد الفطر أصبحت مختلفة أشد الاختلاف عن أيام الزمن الجميل أي قبل ما يزيد عن 40 عاما حيث تحولت هذه المناسبة اليوم إلى حالة فردية وليست اجتماعية فبعض الأشخاص أصبحوا ينامون وقت صلاة العيد ولا يستيقظون إلا في وقت متأخر لتقتصر المعايدة لديهم على بعث رسائل أو مقاطع فيديو على الماسنجر أو واتساب فقط.

ملابس العيد

وفي السنوات القليلة الماضية وحتى اليوم لم يعد للعيد نفس البريق والرائحة حيث تحول إلى عبء اجتماعي بالتَّملُّص من زيارة الآخرين واقتصاديا بالإسراف على الحلويات والملابس التي باتت أسعارها في ارتفاع مستمر، حتى الأطفال لم تعد تشعرهم الثياب والألعاب الجديدة بالسعادة كما كانت تسعدنا وتسعد آباءنا وأجدادنا من قبل وذلك لتوفر النعم طول أيام السنة.

من جانبها قالت الباحثة في الموروث الثقافي عن العادات والتقاليد، فتحية مقاري خطيب، في تصريح “للعربي الجديد” إنه في السابق قبل قرن مضى، كان الأطفال

يرتدون الملابس الجديدة فقط في العيد وذلك طبعاً نتيجة القلّة في تلك الأيام والظروف الصعبة، لكن ذلك كان مصدر بهجة وفرحة أكثر للأولاد، أما اليوم، فالأولاد دوماً يرتدون ملابس جديدة دون ارتباط ذلك بالعيد.

العيدية

وأضافت الباحثة أن الأطفال في الماضي كانوا يأخذون عيدية من عند الجدة أو الجد أو الأب أو الأم وأحيانا من عند الأقارب وقد تصل قيمتها إلى دينار في ذلك الوقت، لكنها كانت تسعدهم كثيراً في حين أن الأولاد اليوم بات لديهم نقود بشكل دائم فلم تعد العيدية تمثل مصدر فرح بالنسبة لهم ولم يعودوا يعيرونها اهتماماً كبيراً كالسابق، وفق تعبيرها.

كما كان معظم الأبناء يدخرون القطع النقدية التي يتحصلون عليها من قبل والديهم أو أقاربهم في حصالة منتظرين يوم عيد الفطر على أحر من الجمر لشراء ألعاب جديدة أو الاستمتاع بتلك النقود أثناء الذهاب إلى مدينة الملاهي أو لمشاهدة المسرحيات المضحكة والمخصصة للأطفال.

كما أصبح الناس يقضون العيد في الملاهي والمطاعم والمقاهي وفي بعض الأحيان في الساحات العامة أو حضور المسرحيات والأنشطة الترفيهية عوضا عن الالتقاء بالأقارب وقضاء اليوم معهم.

العيد قديما

فعيد الفطر اليوم لم يعد بنفس طعم الماضي أو أكثر حيث أن هذه المناسبة الدينية قديما كانت بسيطة جدا لكنها سارة أكثر من واقعنا الحديث، فالنسوة كنَّ يجتمعن في آخر ليالي رمضان من أجل إعداد الحلويات بشتَّى أنواعها وأشكالها لتقديمها يوم العيد حين يجتمع الناس للمعايدة أما الأطفال فكانوا ينتظرون يوم العيد بفارغ الصبر للباس ثيابهم الجديدة وشراء الألعاب التي يحلمون بها والذهاب مع الوالدين لمعايدة الأقارب والجيران.

أما الرجال فكانوا يستيقظون فجر يوم العيد للاتجاه إلى المسجد قصد أداء صلاة العيد ثم يجتمعون مع عائلاتهم بعد الصلاة على مائدة الإفطار المزينة بشتى أنواع الحلويات التي صنعتها أيادي النسوة وليس محلات بيع المرطبات.

ورغم الطابع الاجتماعي الذي يتسم به عيد الفطر وارتباطه الوثيق بالزيارات والرحمة والمحبة بين الناس والتضامن الذي جسدته فريضة زكاة الفطر والخطبة التي تحث في المساجد على التقوى والتآزر، إلا أنه مع الأسف اختلف اليوم لدرجة أنه كاد يفقد روحه ليتحول إلى يوم عادي كبقية الأيام لأسباب عدة أبرزها انتشار كوفيد 19.