تعد المرأة الريفية التونسية من الفئات المهمشة والمفقرة رغم أنها تؤمن الأمن الغذائي لتونس بنسبة تجاوزت 30 بالمئة وتشارك بـ 65 بالمئة من الناتج القومي، ومع هذا تعاني من تدني الأجور ولا تتمتع بالضمان الاجتماعي فآخر إحصائيات وزارة المرأة تكشف أن 33.3 بالمئة من النساء الريفيات فقط منخرطات في منظومة الضمان الاجتماعي ولا تتوقف معاناتهم عند هذا حد بل تتجاوزه لتصل عدد ساعات العمل إلى 15 ساعة دون أن ننسى المضايقات والتحرش والاستغلال والاعتداء اللفظي والمعنوي.
المرأة الريفية منسية
ظروف قاسية تصاحب عمل المرأة الريفية حتى دورها المحوري في إنتاج الثروة لم يشفع لها لتنعم بحقوقها المسلوبة لذا نجدها في قطاع غير مهيكل لا تتمتع فيه لا بالتغطية الصحية ولا الاجتماعية، لتتراكم مشاكلها مع ازدياد حوادث الموت الجماعي وهي في طريقها لكسب لقمة العيش.
رصد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية 40 حالة وفاة و 530 حالة إصابة في صفوف العاملات في مجال الفلاحة نظرا للطريقة المهينة لنقلهم من مساكنهم إلى الأراضي الفلاحية.
قوانين حبر على ورق
وضعية صعبة تستوجب ضمانات تشريعية ثابتة وقوانين قادرة على حماية حياتهن خاصة مع تكرر هذه الحادثة أكثر من مرة في الوسط الريفي، ويعتبر غياب إرادة سياسية قوية واضحة عاملا من العوامل التي ساهمت في تفاقم الأزمة.
ورغم تعالي أصوات نشطاء المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية المطالبة بتفعيل القانون عدد 51 لسنة 2019 الذي يقضي بتنظيم النقل البري وببعث صنف جديد لنقل العاملين والعاملات في القطاع الفلاحي وتفعيل عديد الاتفاقيات التي من شأنها حفظ كرامة المرأة الريفية وضمان حياة كريمة لها.
تعامل غير جدي مع ملف المرأة الريفية
إلى اليوم ما زالت الإجراءات والآليات التي تعتمدها الدولة محدودة أو شبه معدومة أمام التجاوزات التي تحدث في حق المرأة الريفية، فنتيجة التعامل غير الجدي مع الملف لم يتم تهيئة الطرقات والعربات الآمنة ولا كرامة العاملة أولوية ولا القوانين تم تفعيلها وحتى المتدخلين غير القانونيين لم تتم محاسبتهم لتبقى المرأة الريفية رهينة قرار حكومي لم يفعل إلى يومنا هذا.
وفاقم فيروس كورونا معاناة العاملات الفلاحيات، فانعدام الأمن الاجتماعي والاقتصادي وضعف وصولها للمرافق الصحية زادها شقاء لكنها استمرت في العمل خلال الأزمة الصحية التي انطلقت منذ مارس 2020 وساهمت رغم الهانات بتزويد كامل أنحاء الجمهورية بالخضروات والغلال والقمح.