بعد اتفاق بين دولتي تونس وفرنسا، عقب زيارة أداها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تونس سنة 2018، فتحت الجامعة التونسية الفرنسية لإفريقيا والمتوسط UFTAM ،أبوابها في أكتوبر 2019.
لكن تأسيس وإدارة وتسيير هذه المؤسسة رافقته شبهات فساد وتضارب مصالح ما زالت محل تحقيق قضائي سنحاول كشف أطرافه في هذا المقال.

بلا سند قانوني

تُظهر وثائق حصرية، تحصلت عليها JDD، أنّ بروتوكلا أمضي بين وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق سليم خلبوس ونظيره الفرنسي، لإطلاق مشروع الجامعة التونسية الفرنسية لإفريقيا والمتوسط لتكون “أول مؤسسة جامعية دولية في إفريقيا تمنح شهادات أوروبية إثر دراسات محلية يؤمنها إطار جامعي مزدوج متكون من مدرسين باحثين وخبراء مختصين رفيعي المستوى من البلدين لتمكين خريجي هذه الجامعة، من شهادة الجامعة علاوة على شهادتين فرنسية وتونسية تمنح من طرف المؤسستين الجامعيتين الشريكتين السربون و”آكس- مارسيليا”، وفق البروتوكول.



لكن بعد الاتفاق بين البلدين، تبيّن أن القانون التونسي لا يمكنه استيعاب هذا الصنف من المؤسسات المزدوجة حيث لا يوجد لذلك أي نص أو مرجع تشريعي فتمت الاستعارة من نظام المدارس الحرّة من خلال إنشاء جمعية تحت نفس اسم الجامعة ومقرّها ويشرف على تسييرها مسؤولون بوزارة التعليم العالي.


إلى جانب هذا الإخلال، فإنّ الحكومة الفرنسية أرادت أن يكون لها النصيب الأكبر من حصص “الجامعة” في حين أنّ القانون التونسي لا يسمح بامتلاك أجنبي حصصا في مؤسسات جامعية بأكثر من 40 بالمائة قتقدّم رئيس الحكومة آنذاك يوسف الشاهد بمشروع لتعديل القانون في 6 مارس 2019، لكنه لم ينجح في المرور أمام البرلمان.

أموال طائلة ومصير مجهول

للترسيم في هذه الجامعة يدفع كلّ طالب حوالي 9000 ألاف دينار سنويا أي ما يعادل 24 مرة الأجر الأدنى المضمون في تونس لكن الإشكال لا يقف عند هذا الحد فمصير عشرات الطلبة المرسمين، عددهم 52، مجهول باعتبار أن الجامعة غير موجودة ضمن قائمة المؤسسات الجامعية العمومية ولا الخاصة المعترف بها في تونس وبالتالي لا يمكنه الحصول على شهادات جامعية ولا يحق للجمعية التي تتولى الحصول على هذه الأموال الطائلة تمكينهم من أي شهادات علمية أو أكاديمية.

مسؤولون في قفص الاتهام

اللافت في هذا الملف أن الجمعية التي تسيّر الجامعة إداريا وماليا، يديرها الحبيب سيدهم وهو في نفس الوقت رئيس جامعة تونس فيما يتولى الكتابة العامة للجمعية، مالك كشلاف وهو أيضا مدير عام التعاون الدولي بوزارة التعليم العالي وهو ما يعتبر تضارب مصالح.
وتقدّم النائب ياسين العياري قبل أشهر بشكاية لدى المحكمة الابتدائية بتونس ضد كل من سيدهم وكشلاف وأيمن الرايس أمين مال الجمعية ووزير التعليم العالي الأسبق سليم خلبوس وآخرين من أجل “تكوين وفاق الغاية منه الاعتداء على الأموال” و”التحيل” وعدة تهم أخرى.
كما تم إيداع ملف شكاية من قبل أحد أساتذة التعليم العالي لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد منذ أكتوبر 2020.
إلى جانب كلّ هذه الشبهات فإنّ “الجامعة المفترضة” UFTAM، تستغل فضاءات المعهد العالي للأعمال بتونس وموارده البشرية بمقتضى اتفاق بين الطرفين إلى حين استكمال بناء مقر الجامعة التونسية والفرنسية، في المقابل يتم إيداع الأموال في حساب الجمعية دون أن تستفيد منه وزارة التعليم العالي بشكل رسمي.