العميد المختار بن نصر

الجمعية الدولية للاستشراف والدراسات الاستراتيجية والأمنية المتقدمة

في كتابه “مجتمع المخاطر” الذي استشعر فيه تهديدات مجتمع المعلومات وهو ما زال لم يتشكل بعد يقول الرتش باك “ان الأفق التراتبي لتمثلنا للوجود سيضيق بشكل متواصل الى ان ينتهي التاريخ في اقصى الحالات في الحاضر” وذلك بحكم ما يسمي بالحينية اوالآنية immédiateté   كمعيار زمني، فالعمل والاتصالات والحياة الخاصة ستصير كلها ترزح تحت وضع الحينية ،وللحفاظ على البقاء في هذا الوضع  المتحول والمستجد يكون على كل هيكل ان يصبح مستشرفا وان يضبط استراتيجية ويرسم خططا للعمل.

وكل استراتيجية ناجعة وناجحة يجب ان تستبطن مرحلة استباق، والاهم يكمن دائما في معرفة كيف نستبق ؛ان نعرف كيف نستبق ظلت دائما  مسالة في غاية الصعوبة،  لذلك تنشأ الازمات وتحل الكوارث  وتنفجر الحروب ولذلك نرى التردي في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها.هذه الظاهرة ؛ظاهرة ان لا نرى في الوقت المناسب ولا نستعد للاحداث بشكل مسبق ،هي عاهة عقلية ونوع من العمى الذي يسمى “العمى الاستراتيجي”.

وتتمثل مخاطر هذا النوع من العمى في انه يجعل المجتمع ينطلق  نحو مستقبل مظلم  دون وعي ،لذلك يكون على أصحاب القرار اليوم  فهم هذه الظاهرة والتاكد من الحاجة الملحة الى الرؤية والاستباق والاستشراف لان تلك الحاجة تكبر دوما امام أزمات الحياة المتزايدة ،لكن يظل العمى مسيطرا على أصحاب القرار  والامثلة على ذلك كثيرة ، فتفشي الفساد والتهريب   والارهاب والفكر المتطرف العنيف وعدم تطبيق القانون بالسرعة اللازمة لتحقيق الردع اللازم كلها دلالات على ان مسؤولا ما لم ير بوضوح  ولم ياخذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب بالشكل الصحيح،

ان المستقبل سيكون من نصيب من يرى باكرا ويرى بدقة ووضوح. ونحن اليوم نعيش مع أمم تسكن المستقبل ، لذلك اجتهد المختصون بإفراد مرحلة القبلية « préalable »   بالدراسات اللازمة وليظل الاستباق مجد واستشعار الخطر بشكل مسبق واستشعار التهديد ذو جدوى يجب أولا ان نرى بوضوح  وان نرى بشكل مبكر ، ان نرى بوضوح يعني ان نستشعر ونتفحص ونفهم ما الذي يمكن ان يحجب الرؤية.

وان نرى باكرا ،ذلك يعني الاستباق ،لكن الرؤية وحدها لا تكفي ويجب ان تقترن بالفعل ،لان من يرى ولا يفعل هو تماما كمن لا يرى.كما ان الفعل يجب ان  يكون في الوقت المناسب أي قبل فوات الأوان وقبل استفحال الامر فيصبح عصى عن العلاج.

في كتابه “تونس 2050 ؛من المستقبلات التي لم تحدث الى المستقبلات الممكنة”في تحليل استشرافي لنظام في حالة تحول ، دقق د. خالد قدور في المستقبلات التي لم تحدث لدة خمسين سنة في بلادنا ورسم المستقبلات الممكنة  للخمسين سنة القادمة كان ذلك منذ  2009 ورجح ان تكون الصورة النهائية  للمجتمع التونسي في افق 2050 التوجة نحوانموذج المجتمع المتطور، واستطاع باعتماد طريقة الاستشراف باثر رجعي”retroprospective ” ضبط أربعة مستقبلات ممكنة وبين هيكلتها وآثارها واستخرج التوجهات الاستراتيجية الناتجة عنها، كانت محاولة جريئة ومسؤولة لانارة أصحاب القرار تحدوه رغبةعميقة للعمل في اطار مواطني حداثي نشط.1

ولا اخال ان هذا المؤلف وجد صداه عند أصحاب القرار.فالغريب انه عندما يتعلق الامر  بمسائل استراتيجية في مجالات السياسة والامن  يجد المسؤول نفسه امام  معضلة، اذ تكون مرحلة الاستشراف  التي نستقرأ فيها ونستشعر ونستبق ، مهملة او معطلة نظرا ان هناك من الأشخاص  ممن لم يفهمو جدواها، بينما في كل الاختصاصات والمهن الأخرى  تبدو تلك المرحلة  بسيطة وعادية وبديهية الى درجة انها لا تثير أي اشكال ؛فاي طبيب جراح لن يقرر اجراء عملية جراحية لمريض قبل طلب التحاليل والصور المختلفة ويقوم بالفحوص اللازمة ويعطي الادوية ويهيئ المريض ويضبط وقت بداية العملية والوقت المحتمل لنهايتها ويحدد القاعة والطاقم ويتحادث مع طبيب التخدير والانعاش وهلم جرا. وهل هناك طباخ يشرع في اعداد طبق ما دون ان يفكر ويحضر كل المستلزمات قبل الشروع في الطبخ.

برغم بداهة المسالة عندما يتعلق الامر بالقضايا السياسية الهامة ومستقبل المجتمع يضيع الرشد والمنطق ويحل تعطيل ملكة الاستباق والاستشراف وربما حتي التخطيط المحكم. وهو امر مفاجئ و معظلة حقيقية في عالم السياسة. هذه المفاجأة ، مثل العديد من المفاجآت الأخرى ، هي من صنع الذات تمامًا. إنه نتاج عمى جماعي عن رؤية تطور المجتمع وفهم المتغيرات الكبرى التي تقلب القيم راسا على عقب ، عمى عن فهم الشباب ومتطلباته والتحولات العميقة التي تعيشها الاسرة.قد يعزى هذا العمى إلى عدم نضج الطبقة السياسية  ، والتي من خلال الالتحاق بالمدارس نفسها وقراءة نفس الصحف ومتابعة نفس الاعلام ، قد عزلت نفسها تدريجياً عن بقية السكان وبنت تمثلا للعالم لم يعد يتوافق مع الواقع. لكن هذا العمى له مصادر أخرى ، ومن المدهش أن يكون طوعياً ،اذ يمكن بالفعل أن ينتج  مباشرة عن الرغبة في عدم فهم المحيط.

وعدم تقدير المخاطر التي يمكن ان تنتج عن قرارات خاطئة ، بالعودة الى التاريخ الذي يعتبر الثلاجة  التي تحفظ فيها أخطاء البشر ، يقول د .الهادي التيمومي ان من أسباب تخلف الدولة الإسلامية ان السلطان بايزيد الثاني حرم الطباعة بالأحرف العربية والتركيةعام 1489. ولم تدخل المطبعة الإمبراطورية الا عام 1729م ،اي بعد قرنين ونيف ،ثم أغلقت من عام 1742م  ولمدة 42  سنة أخرى، قرار كانت له نتائج كارثية على الدولة باسرها أدى بالتدريج الى انهيارها،2 في نفس الاطار شرح  جيل كيبيل وبرنارد روجييه في مقال ،   كيف رفضت الجامعة الفرنسية محاولة فهم صعود “الإرهاب الإسلامي”.  

وكيف تم إغلاق معهد العلوم السياسية في مدينة “بو”والبرنامج المتخصص في هذه القضايا في ديسمبر 2010 ، وهو الشهر الذي  انطلقت فيه شرارة “الربيع العربي” ووفقًا لكيبيل وروجييه ، فإنه بذلك القرار “تم القضاء على قطاعات كاملة من المعرفة ، لا سيما قدرة الباحثين الشبان على قراءة الأدب الدعائي السلفي والجهادي باللغة العربية الأصلية ” 3 نجد امثلة شبيهه  كانت لها نتائج مفزعة في تونس ؛كالتغاضي عن إيجاد الحلول اللازمة لتعطيل الإنتاج في عديد المؤسسات مما أدى الى اغلاق بعضها وتهديد بعضها الاخر بالافلاس في  وقت ينادي فيه السياسيون بالتشغيل لآلاف العاطلين عن العمل،  وكيف شمل مرسوم العفو التشريعي العام العناصر الإرهابية التي لطخت اياديهم بدماء التونسيين ،الذين حال خروجهم من السجون حملوا السلاح في وجه الدولة، وكيف تردى الوضع السياسي الى درجة العجز الكامل لهياكل الدولة عن إيجاد حلول ينادي بها كل الخبراء في القطاعات  المالية والاقتصادية  والاجتماعية والأمنية والإدارية  ولا يعمل بها أصحاب القرار.

تلك أنواع من عدم الادراك الموضوعي لقضايا غاية في الأهمية  وهي  رغبة يائسة  في الاعتقاد بأنه يمكن أن يكون هناك حلول بسيطة لمشاكل معقدة. لم يكن المسؤولون بحاجة لبذل جهد للفهم ، و هذا الكسل الفكري شائع في عدة اوساط و تغذيه الثقة المفرطة في النفس والجهل القيادي والغطرسة.
ان تحديات الامن القومي اليوم لم تعد تقتصر على خصوم تقليديين من دول أخرى بل تشمل الجهات الفاعلة غير الحكومية كعصابات التهريب والمخدرات والمجموعات الإرهابية والشركات متعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية كما تشمل الحوادث الكبرى والكوارث الطبيعية، ولتحقيق الامن القومي لا بد من الاستشراف و وضع استراتجيات للعمل ،  فالاستشراف فهو علم يهدف الى رسم صورة تقريبية محتملة للمستقبل قدر المستطاع ويحاول وضع احتمالات الحدوث بدراسة المتغيرات التي تؤدي الى حدوث تلك الاحتمالات وتحقيقها.لذلك يتوجب اعداد مؤسسات وافراد قادرين على التفكير المستقبلي ومسخرين إمكانياتهم الفكرية وابداعاتهم ومنتجاتهم المبتكرة  للوصول الى سيناريو المستقبل المستهدف/ المنشود عبر خطط ذكية بكفاءة وفاعلية.

أما الاستراتيجية فهي فن تنسيق مجمل قوي الدولة السياسية والعسكرية والاقتصادية والمالية و المعنوية لمعالجة ازمة او قيادة حرب او المحافظة على السلم والامن.

ان الاستراتيجية تضبط الهدف الشامل طويل المدى وهو ما يقابل ربح الحرب اما التكتيك فهو كسب رهان محدد في الزمن وهو ما يقابله ربح معركة فقط ، وان فن دمج وتنسيق المجهودات والامكانيات يمكن ان ينجز على ثلاث مستويات ،المستوى الاستراتيجي  وهو اعلى مستوى التنظيم ويهم الدولة والمستوى التكتيكي ويهم الهياكل والإدارات والمصالح المركزية المعنية والمستوى العملياتي ويهم المصالح والهياكل والإدارات المحلية او الجهوية المنفذة. علما انه امام  معالجة قضايا الحاضر والمستقبل تكون السلطة امام أربعة مواقف أساسية:

-الرضوخ للتغيير حيث تفرض الاحداث المتسارعة والمتلاحقة مواقف محددة ولا تجد السلطة متسعا لالتقاط الانفاس والتفكير المتاني والتخطيط المدروس فتسيطر العشوائية والارتجال على القرارات التي تزيد من تكاثر الأخطاء والفجوات والازمات والتعقيدات ،كما هو الحال اليوم.

-التحرك ضمن الاستعجال وهو شبيه بالموقف السابق  حيث يتميز برد الفعل Réactivité  فتتم معالجة المسائل في مناخ من التسرع ، فتكون الحلول مرتجلة ربما تؤدي الى مشاكل وازمات اكثر حدة.

-الاستعداد لمواجهة التغيرات المتوقعة ؛موقف يمكن من اتخاذ القرار في الوقت المناسب  لتحقيق النتائج المرجوة في مناخ من استباق الفعل Préactivité،

– وموقف استحداث الفعل المرغوب Proactivité المبني على التخطيط المحكم وتوجية الأمور لتحقيق الأهداف المرجوة بتوفير كل الظروف الموضوعية لتحقيق تلك الاهداف .

لذلك لا بد من التمييز بين مصطلحين هامين  ومختلفين برغم ارتباطهما الوثيق،الاستشراف والاستراتيجيا من خلال مرحلتين ، مرحلة الاستباق أي استشراف التغييرات الممكنة ومرحلة تحضير الفعل أي بلورة وتقييم الخيارات الاستراتيجية الممكنة. وتفضي بنا هذه الثنائية بين الاستباق واستحداث الفعل الى تمييز خمسة أسئلة أساسية ينبغي ان تطرحها اي جهة تفكر في بناء مستقبلها بشكل علمي مؤسسة كانت او نظام او دولة.

ماذا يمكن ان يحدث ؟ ماذا استطيع ان افعل امام ما سيحدث ؟ ماذا سافعل ؟ كيف سافعل  ؟ ثم طرح السؤال الاولي الذي غالبا ما لا يطرح بشكل جيد ،من أكون  ؟  وهو السؤال المتعلق  بالجهة او المؤسسة وهو الذي يمثل نقطة الانطلاق في التفكير الاستراتيجي ، مع طرح الأسئلة حول الكفاءات المتوفرة وعناصر القوة وعناصر الضعف والفرص والمتاحة والتهديدات الممكنة على كل المستويات السياسية والأمنية والتكنولوجية والبيئية والقانونية،4

يتمحور الاستشراف حول السؤال ،ماذا يمكن ان يحدث؟ ويصبح استراتيجيا لما يطرح السؤال ماذا يمكن ان افعل ؟

لماذا نحتاج الى التفكير الاستشرافي اذن؟ انه ضرورة في عالم اليوم المتسم بسرعة التحولات المجتمعية  والتقنية ،لمواجهة التحديات بالحلول المبدعة خاصة للمشاكل التي تواجه العمل والمجتمع ، ورسم افضل السيناريوهات لتوجيه الدولة من خلال مؤسساتها المختلفة وبالتالي المجتمع لمواكبة التحولات الكبرى القادمة ، كرسم التمكين الوظيفي الخاص بالوضائف المستقبلية وبناء أنظمة تعليمية مجددة تواكب المستقبل، ومعالجة الازمات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المتنوعة.

إن التجاذب السياسى مفهوم وله حدوده التى قد يقبل فيها، ولكن حين يتحول إلى عمى استراتيجى فإنه يصبح كارثة كبرى . والحل يكون في الاستشراف الذي يعتبرقبل كل شيء عملية فكرية تهدف إلى توقع تطورات المجتمع بقدر الإمكان. من الواضح أن الاستشراف لا يعني التنبؤ بالمستقبل. لأن هدفه قبل كل شيء هو توضيح خيارات الحاضر ، تلك التي نتخذها اليوم والتي تظهر تداعياتها على المدى المتوسط ​​أو الطويل. “الاستشراف تكون غايته فاعلية العمل فهو لا يتعلق بصياغة نظرية للعمل وانما بالأحرى بصياغة علم للممارسة” فالمسالة لا تتعلق بملاحظة المستقبل انطلاقا من الحاضر وانما ملاحظة الحاضر من خلال المستقبل وهذا التعديل في النظرة يستلزم اختبار مستقبل ممكن (futurible) من بين العدد الكبير من المستقبلات المطروحة امامنا. 5  

 وذلك بعد العمل على رسم مجموعة من الاحتمالات وبناء المرغوب منها وفقًا لما هو ممكن.  يقول غاستون بيرغر: “دعنا نتوقف عن النظر إلى الماضي، لاتخاذ القرارات  دعونا ننظر إلى المستقبل”.فالسيناريوهات الاستكشافية ضرورية في الاستشراف  ، ومحاولة فهم ما يمكن أن يحدث امر أساسي لرسم الاستراتيجيات والخطط.، فالاستشراف يخدم عملية صنع القرار ومن ثم فمن الطبيعي أن يخدم صانعي القرار . ويتمثل دور الفني في استكشاف المستقبلات المحتملة المختلفة، وتنحصرمسؤوليته الوحيدة في إنتاج سيناريوهات موضوعية ، ثم التأكد من أن أصحاب القرار يستخدمونها ، الأمر الذي يتطلب الدراية  والمعرفة.

ان الاستشراف  يستجيب لحاجة إنسانية هامة وهي قلق الإنسان بشأن المستقبل. في مواجهة هذا السؤال ، قدمت كل حقبة في الحضارة الغربية إجاباتها: العرافة ، الحتمية العلمية ، فلسفة التاريخ ، إلخ. وفي حالة عدم اليقين التي سادت عالمنا منذ الحرب العالمية الثانية ، تم تقديم إجابات جديدة ، بشكل رئيسي من قبل الفلاسفة ، اساسا الفلاسفة الألمان: هانز جوناس ، مع مبدأ المسؤولية ، الذي أسس جزئيًا مبدأ الحذر ؛ إرنست بلوخ مع مبدأ الأمل. غاستون بيرغر وهو الوحيد الذي اقترح فلسفة ملموسة وعملية المنحى تسعى إلى اتخاذ قرارات فعالة للأهداف المنشودة ،اذ تجمع طريقته بين التفكير في الأهداف والبحث عن الوسائل المناسبة لتحقيقها.  إنها مسألة التصرف بدءًا من الغايات ، وليس من الوسيلة الوحيدة المتاحة ، والتي من شأنها أن ترقى إلى شكل من أشكال الحتمية.5

 لذلك فإن الاستشراف هو أولاً وقبل كل شيء موقف. والمشكلة هي أنه غالبًا ما يتم اختزاله اليوم في الأساليب ، وأن الممارسة تبين انه يتم الاهتمام بالوسائل أكثر من الاهتمام بالغايات ، ان الربط بين الاستشراف والاستراتيجيا حتى يكون مجديا وحاملا للامل ينبغي ان يتجسد في الواقع اليومي وان يفضي عبرالتنبؤ الى تعبئة حقيقية للفكر الجماعي .

 ختاما لقد أدى نقص الاستشراف والارتجال في بلادنا بالأمس الى وضع اصبح فيه الحاضر مليئا بالاسئلة والمشاكل الشائكة التي كانت حينذاك غير ذات أهمية وأصبحت اليوم ملحة ،ويجب معالجتها بشكل عاجل حتى وان يكون  ثمن ذلك تضحيات مؤلمة .ولان المستقبل مرتبط بما عليه الحاضر من إمكانات متوفرة  لاصحاب القرار والفعل ولان السيطرة على التحولات هي أساسا إرادة وقدرة على دفع الناس نحو مشروع مشترك، يكون الاستشراف قادرا على فتح عيون  الساسة وقادة الرائ  وعموم الناس  وجعلهم واعون بالمشاكل المحدقة وخطورتها، فالاستشراف بمثابة رحلة استباق  لذلك يظل الحوار ضرورة ملحة لضبط الخيارات لان زمن فرض القرارات ولى وانتهى ولامكان له في نظام ديمقراطي ،فالقرار يجب ان يبنى ويتخذ باشراك وتوافق كل الأطراف الفاعلة وذلك بحد ذاته يتطلب الدراية والنضج والمسؤولية، ويكون مدروسا وبعيدا عن الارتجال،ليكون المستقبل المرتقب محققا للاهاف المرسومة…

ويظل الاستشراف  ورسم الاستراتيجيات ضرورة ملحة في مجتمع يعيش أزمات هيكلية معقدة على اكثر من مستوى يدفع لاعمال العقل والتحليل وإعادة النظر في المواقف وخلق فرص جديدة لمعالجة الأوضاع بحكمة ودراية وهو مسار شامل يهم  جميع الاطراف دولة ونظاما ومؤسسات واحزابا ومجتمع وافراد.

المراجع:

  1. Tunisie 2050- des futurs qui n’ont pas eu lieu aux futurs possibles
  2. تونس والتحديث-اول دستور في العالم الإسلامي- د الهادي التيمومي
  3. La prospective stratégique ,pour les entreprises et les territoires -Miche Godet ,Philippe Durance

4-la prospective un outil de réflexion sur nos organisations -interview de Philippe Durance