صحيفة الأحد – Jdd Tunisie

خارطة الفقر تتسع في تونس.. فشل حكومي وتفاوت بين الجهات

قرر البنك الدولي مؤخرا، منح تونس قرضًا بقيمة 300 مليار بهدف محاربة الفقر، وحسب فريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد خصصت هذه الأموال لمساعدة مليون أسرة تونسية فقيرة بشكل مباشر ودون أي وسيط، ويعود الارتفاع المفاجئ في نسبة الفقر إلى عدّة عوامل من بينها جائحة كورونا التي أثرت تأثيرًا واضحًأ وقويًّا على قطاعات حيويّة بالاقتصاد التونسي كالسياحة والتصدير.

نسب الفقر تستشري في المناطق غير الساحلية

يُعرّف الفقر عالميا بأنه عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة وعلى الحصول على الخدمات الأساسية لتفادي المشاكل الناجمة عن الأمراض والجهل وسوء التغذية والمرض وارتفاع مستوى الوفيات في صفوف الأطفال وانخفاض معدل الحياة إضافة للتلوث البيئي.

أبرزت مؤخرا دراسة للمعهد الوطني للإحصاء بعنوان “خارطة الفقر في تونس”ارتفاعا كبيرا لنسب الفقر بشكل رئيسي في مناطق الوسط والشمال وكشفت الدراسة عن ارتفاع نسبة الفقر بشكل كبير على مستوى الوسط الغربي المتكون من ثلاث ولايات (القيروان والقصرين وسيدي بوزيد)، ويعد هذا الإقليم وفق الدراسة أحد أفقر الجهات بمعدل 29.3 بالمائة، وقد سجلت أعلى نسب فقر بمعتمديتي حاسي الفريد (53.3 بالمائة) والعيون (50.1 بالمائة).

وبالنسبة  للشمال الغربي الذي يضم أربع ولايات (باجة وجندوبة والكاف وسليانة) بلغت نسب الفقر في نبّر 45.4 بالمائة، والروحية 40.7 بالمائة، وساقية سيدي يوسف 39.7 بالمائة ، فيما وصلت في معتمدية جندوبة إلى 10.7 بالمائة، وبوسالم 16.6 بالمائة، وسليانة الشمالية 16.8 بالمائة، وطبرقة 16.7 بالمائة، وفي مستوى الشمال الشرقي الذي يضم ثلاث ولايات (نابل وزغوان وبنزرت) تم تسجيل أعلى نسب للفقر في كل من معتمدية سجنان 39.9 بالمائة، تليها جومين 36.6 بالمائة وغزالة 34 بالمائة، في حين تنخفض معدلات الفقر بمعتمدية دار شعبان الفهري 4.9 بالمائة وبنزرت الشمالية 5.3 بالمائة لتسجل أدنى نسبة فقر بالجهة بمعتمدية نابل 4.7 بالمائة.

أما بالنسبة إلى جهة الوسط الشرقي التي تضم أربع ولايات (سوسة والمنستير والمهدية وصفاقس) فقد تم تسجيل أدنى معدل فقر في صفاقس المدينة 2.5 بالمائة في المقابل ارتفعت معدلات الفقر بمعتمديات أولاد شامخ (35 بالمائة)، وهبيرة (33.4 بالمائة).

1.7 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر

يوجد في تونس رسميًا حوالي 1.7 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر (أي 7 دنانير في اليوم) وفقًا لمعايير البنك الدولي، من إجمالي عدد السكان البالغ حوالي 11 مليون نسمة، منهم حوالي نصف مليون يعيشون في فقر مدقع مع دخل يومي لا يتجاوز 4 دنانير.

وصرّح في هذا الإطار رمضان بن عمر المكلف بالإعلام بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لـ”JDD” انه من المتوقع ارتفاع نسبة الفقر المدقع في تونس ليصل إلى نسبة 6.9% وهي نسبة مرتفعة جدا في وضعية توصف بالهشاشة الشديدة، ويمكن لهذه الوضعية أن تزداد تعكرا في حال غياب معالجات حقيقية للتخفيف من حدة هذه الأزمة، وأضاف أن مؤشر التنمية يتفاوتبحسب الجهات، إذ تعتبر هذه الفوارق أكبر دليل على الفشل السياسي، فمنذ الثورة لم نلمس أي إرادة سياسية تهدف إلى تحقيق ثورة حقيقية على جل الميادين أبرزها الاجتماعي والاقتصادي، وفي ردّ له حول اقتراض تونس لـ 300 مليون دينار لمحاربة الفقر أضاف بأن تونس تحتاج لاستراتيجية تساهم في زيادة الاستثمار فيها، فالاقتراض في هذه الوضعية الحرجة لا يعتبر حلاّ، بل يعمّق الأزمة أكثر ويزيد من تعقيدها، فالحلّ الأجدى ينحصر في تغيير السياسيات الاقتصادية واتباع منهج مُحكم مثل تثمين الموارد الفلاحية بالشمال الغربي وإعطاؤها التشجيعات الكاملة نظرا لأنها قطاعات مستدامة على عكس القطاعات الهشّة”.

لذلك تتطلّب البلاد تسويات حقيقية لتسهيل تقاسم الثروة، كما أن النخب الحاكمة الجديدة تحتاج إلى تبنّي خيارات اقتصادية صعبة وإحداث تغييرات بنيوية عميقة، مثل تنفيذ إصلاحات زراعية حقيقية وتبني سياسة هيكلية موسّعة محليا ووطنيا.

.

الخروج من نسخة الهاتف المحمول