وجهت النيابة العمومية تهمة التقصير في حق مواطنة لعدد من الإطارات الطبية في ولاية قفصة.. ترجع أطوار القضية مع موفى السنة الماضية على إثر نقل امرأة حامل من مستشفى السند إلى المستشفى الجهوي الحسين بوزيان ونظرا للتقصير الطبي الحاصل توفيت هي وجنينها.
يقودنا هذا للتساؤل عن واقع الأخطاء الطبية في تونس خاصة وأن آخر الإحصائيات تشير إلى وجود أكثر من 15 ألف شبهة خطأ طبي سنويا بتونس و 7 آلاف خطأ طبي تشمل مختلف التدخلات الطبية، وتتجه نسبة كبيرة من المتضررين إلى القضاء لكن غياب الأطر القانونية الواضحة يعيق مسألة استرداد حقوقهم.
ضحايا الأخطاء الطبية والمحاكم
يعاني ضحايا الأخطاء الطبية من طول آجال التقاضي في مثل هذه القضايا لمزيد التأكد من وجود خطأ طبي أو مضاعفات قبل أن توجه التهمة إلى الطبيب ووفقه يتم تحديد مبلغ التعويض بحسب جسامة الخطأ الطبي جراء تدخل طبي أو جراحي، هذه الأخطاء الطبية من الممكن أن تفقد أصحابها حياتهم أو تتسبب لهم في تشوهات أو إعاقات جسيمة واليوم أصبحت المحاكم ممتلئة بالملفات المتعلقة بقضايا الأخطاء الطبية، لكن ضبابية الإطار القانوني تجعل من التعويضات التي يحصل عليها المتضررون بعد صدور احكام ضعيفة لمصلحتهم غير كفيلة بترميم أضرارهم المادية والمعنوية والأسرية.
القانون الحالي لا يكفي
الإطار القانوني الحالي في تونس غير قادر على حماية لا المرضى ولا الأطباء فالخضوع للقواعد العامة للمسؤلية المدنية الواردة بمجلة الالتزامات والعقود والفصل 17 من قانون المحكمة الإدارية بالإضافة لفقه قضائها غير كاف زد على ذلك أنه لا يكرس المساواة في التعويض عن الأضرار العلاجية سواء في القطاع الخاص أو العام.
المسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة تخضع للفصلين 217 و225 من المجلة الجزائية المتعلقين بجريمتي القتل غير العمد وإلحاق أضرار بدنية بالغير بسبب القصور أو الجهل أو عدم التنبه أو التغافل أو عدم مراعاة القوانين، الأمر الذي دفع إلى بروز ما يسمى “الطب الدفاعي” الذي بمقتضاه يلجأ مهنيو الصحة والأطباء على وجه الخصوص إلى طلب كم هائل من التحاليل الطبية دون أن تكون مبررة مما يثقل كاهل المريض والمستشفى العمومي، هذه الممارسات لتجنب المبادرات والاشتهادات غير المضمونة.
هل هناك محاسبة!
مشروع قانون المسؤولية الطبية هو مشروع يهدف إلى إرساء إطار قانوني يتعلق بحقوق المرضى وحمايتهم، ويتضمن 58 فصلا موزعين على 7 أبواب تشمل الأحكام العامة وقد التئم حوله أكثر من 80 اجتماعا داخل وزارة الصحة وخارجها، وتم عرضه على مجلس النواب في جلستين عامتين دون المصادقة عليه أو رفضه وتم التداول بشأنه صلب لجنة الصحة في مجلس النواب، كما تم الأخذ بالتوصيات والملاحظات التي تم الخوض فيها في لجنة الاستماع خاصة فيما يتعلق بإثبات الخطأ الطبي ليتم تعويضه فيما بعد فهناك أضرار لا يمكن إثباتها.
سارة القايدي