صدرت بالتقرير الجديد للأمم المتحدة بتاريخ يوم 9 مارس 2021، نتائج ترسم صورة مرعبة حيث تتعرض امرأة واحدة من بين كل ثلاث نساء على الصعيد العالمي للعنف الجسدي أو الجنسي أي حوالي 736 مليون سيّدة وفتاة حول العالم.

والعنف ضد المرأة الذي يعتبر سلوكا عنيفا يحمل في طياته أشكالا عدة، معنويّة كانت أو جسدية، ارتفعت نسبته في تونس ليدخل إلى مجلس نواب الشعب ويطال نائبات عن الشعب التونسي، ما أثار جدلا واسعا وردود أفعال عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الحقوقية.

تعنيف نائب بمجلس نواب الشعب

العنف في تونس وصل إلى أروقة البرلمان الذي يعتبر ”مفعل القانون وحاميه” وأبرز دليل على ذلك الفيديو الذي تداوله رواد بمواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا والذي يظهر اعتداء النائب عن حركة النهضة، ناجي الجمل، على النائب بكتلة الدستوري الحر، زينب سفاري، ويقوم بتهشيم هاتفها الجوال بعد أن شاهدها وهي بصدد تصويره.

كما تعرضت رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس، عبير موسي، لاعتداء وُصف بـ”الشنيع” من قبل رئيس حزب ائتلاف الكرامة، سيف الدين مخلوف، في مبنى البرلمان.

الحجر الصحي الأول

أكد المختص في علم الاجتماع، صلاح الدين بن فرج، في تصريح لـ”JDD” ارتفاع نسب العنف ضد المرأة خلال فترة الحجر الصحي الأول بشكل غير مسبوق لتبلغ حوالي 13500 حالة ويرجع ذلك إلى عدة أسباب أبرزها الاختناق الأسري وارتفاع نسب المراقبة الذكورية للنساء إلى جانب تردي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة، على حد قوله.

من جانبها قالت الصحفية، مديحة معمري، في تصريح لـ”JDD” إن ظاهرة العنف ضد المرأة كانت موجودة من قبل واستمرت إلى غاية اليوم ولم ترتفع كما يظن البعض، وإنما برزت وأصبحت من المسائل التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

العنف ضد المرأة يرتفع بحوالي 5 مرات

أفادت منسقة المرصد الاجتماعي التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نجلاء عرفة، في تصريح لـ”JDD” بأن نسبة العنف المرصودة ضد المرأة، جسديا ومعنويا واقتصاديا، ارتفعت بحوالي 5 مرات خلال الحجر الصحي الشامل، حيث تسارع نسق العنف الزوجي ضد المرأة.

وبينت نجلاء عرفة أن ما خلفته جائحة كورونا من مشاكل اقتصادية أدى إلى تعرض المرأة إلى العنف الاقتصادي على غرار هشاشة العمل وضعف الأجور وصعوبة تنقلها إلى العمل.

وقالت منسقة المرصد الاجتماعي التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إن نسبة العنف المسلط على المرأة بلغت في شهر جانفي 2021، حوالي 25 بالمائة لترتفع خلال شهر فيفري الماضي إلى 29.3 بالمئة، مستنكرة ما حدث مؤخرا بمجلس نواب الشعب من أحداث عنف.

العنف الإلكتروني

وأضافت عرفة أن العنف الإلكتروني المتمثل خاصة في التحرش على مواقع التواصل الاجتماعي ما زال إلى غاية اليوم قائما في تونس، مطالبة بإطلاق حملات تحسيسية تحث الذكور على العزوف عن مثل هذه السلوكيات.

وتتعرض المرأة إلى 6 أشكال من العنف الإلكتروني تؤدي بدورها إلى أضرار نفسية قد تدفع المرأة للتفكير في الانتحار، إضافة إلى الأضرار الاقتصادية التي يمكن أن تفقد الضحية عملها، ولمناهضة هذه الظاهرة قامت جمعية رؤى النسائية سنة 2019 ، بعمل ورشة توعوية بأثر العنف الإلكتروني ضد المرأة، وكان دور المتطوع متمثلا في تدريب مجموعة من النساء على أثر العنف الإلكتروني وكيفية الوقاية منه.

منظمة العفو الدولية

قالت منظمة العفو الدولية وفقا لعملية الاستطلاع التي قامت بها سنة 2018، إن 23 بالمئة من النساء من 8 بلدان تعرضن للإساءة أو المضايقة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث صرحت العديد من النساء، ممن تحدَّثن إلى المنظمة بأن العنف والإساءة يزدهران على منصة التواصل الاجتماعي تويتر، وغالباً بدون إخضاع مرتكبيهما للمساءلة.

وأكدت المنظمة ”أن التهديدات بالعنف والإساءة التي تتعرض لها العديد من النساء تُحدث تأثيراً ضاراً على حقهن في التعبير عن أنفسهن بشكل متساوٍ وحر وبدون خوف وبدلاً من تعزيز أصوات النساء، فإن هذه التهديدات تقودهن إلى ممارسة الرقابة الذاتية على ما ينشرنه من تعليقات، والحد من تفاعلاتهن على الإنترنت، وتؤدي في بعض الحالات إلى ابتعاد النساء كلياً عن تويتر.”

أشكال عديدة من العنف تتعرض لها المرأة بشكل يومي “اقتصاديا وجسديا وجنسيا ومعنويا” رغم تحركات عديد الحقوقيين والمنظمات ووجود نصوص قانونية تجرم مثل هذه السلوكيات.

ويرى خبراء وأخصائيون أن الحل للقضاء على هذه الظاهرة أو التقليص منها على الأقل يكمن في تكثيف الحملات التحسيسية الموجهة إلى الذكور بشكل خاص وليس للإناث فقط، وتجريم كل أشكال العنف.

سنية خميسي