كشفت نتائج سبر آراء لشركة “سيغما كونساي”، اليوم الخميس 11 مارس 2021، تصدر الحزب الدستوري الحر لنوايا التصويت للانتخابات التشريعية بـ 43،65 بالمائة تليه حركة النهضة بنسبة 18،4 بالمائة، ثم قلب تونس بنسبة 7،8 بالمائة، ثم التيار الديمقراطي بنسبة 4،8 بالمائة وإئتلاف الكرامة بنسبة 4،3 بالمائة.
وأظهر سبر الآراء غيابا تامّا لكل ممثلي اليسار بالنسبة للتشريعية والرئاسية، مع العلم أنّه لم يظهر طيلة الأشهر الماضية في كل نوايا التصويت التي تعدّها مختلف الشركات.
اختفاء متوقّع
اعتبر أستاذ التاريخ والباحث في اليسار التونسي عبد الجليل بوقرّة في تصريح لـ”JDD”، أنّ اختفاء اليسار التونسي من المشهد السياسي كان منتظرا بعد فشله في التموقع منذ سنة 2011 ضمن ما وصفه بالتيار التنويري والتحديثي.
وأضاف أنّ اليسار لم يميّز بين خصوم الأمس وخصوم اليوم مشيرا إلى أن حالة الارتباك التي وجد نفسه عليها أدّت إلى ضياع البوصلة لأّن الرأي العام لا ينتظر كثيرا حتّى يجد من يصطف وراءه.
وتابع محدّثنا أنّ التونسيين المحافظين التجؤوا إلى التيار الإسلامي ممثلا في حركة النهضة فيما تشرذم البقية وتشتتوا.
وأكّد بوقرّة أنّ اليسار التونسي تدارك نسبيا الموقف بمجهود من الشهيد شكري بلعيد، لكن اليساريين لم يستطيعوا البناء على هذا التدارك، لتضيع البوصلة من جديد بعد اغتياله.
وبيّن أنّ القيادات اليسارية الحالية انتهت بعد إصابتها بالتهرّم والشيخوخة، ولم يعد لها أي مستقبل لأنها تسيّر تنظيمات نخبوية صغيرة، ورثت أمراضا قديمة تتعلّق برفض التحالف مع أي تيار سياسي آخر، مما عزلهم وجعلهم يتصارعون فيما بينهم، مشيرا إلى أن اليسار التونسي لم يحدّد أولوياته لذلك لم يتمكّن من إرساء تحالفات يفرضها المشهد الجديد بعد 2011.
ودعا إلى تسليم العهدة إلى قيادات شبابيّة تتمتع بفهم خاص لواقع تونس الجديد من أجل إعادة اليسار إلى مساره الصحيح.
وكشف محدّثنا أن قوى اليسار فشلت في ملء الفراغات التي استغلها نداء تونس الذي تهاوى بدوره في غضون 5 سنوات ليترك المجال أمام اليسار لكنه لم يستوعب الدرس مما فتح المجال أم القوى الليبيرالية والرجعية، حسب تعبيره.
تراجع مدوّ
تهاوت النتائج الانتخابية لقوى اليسار بسرعة غير مسبوقة، رغم أنها لم تصعد إلى سدة الحكم وبالتالي لم تكن تحت ضغط الوعود الانتخابيّة، فمرشّح الجبهة الشعبية حمّة الهمامي، كانّ قد حل ثالثا في الانتخابات الرئاسيّة سنة 2014، ونال 255 ألفا و529 صوتا بنسبة 7.82 بالمائة من المجموع العام للأصوات.
وفي المقابل، حصل الهمّامي في الدور الأول للانتخابات الرئاسية 2019 على 23 ألفا و252 صوتا بنسبة لا تتجاوز 0.69 بالمائة من المجموع العام للأصوات.
ولا يجد هذا التراجع المذهل تفسيره في مشاركة أكثر من شخصية يسارية في الانتخابات الرئاسية، ذلك أن باقي مرشحي اليسار جاءت نتائجهم ضعيفة، حيث حصل مرشح الوطنيين الديمقراطيين، المنجي الرحوي، على نسبة 0.81 بالمائة من مجموع الأصوات، ونال مرشح حزب تونس إلى الأمام، عبيد البريكي، نسبة 0.17 بالمائة من مجموع الأصوات.
تجدر الإشارة إلى أنّ هذا التشتّت جاء عقب فشل الأطر والهياكل الداخلية للجبهة الشعبية في استيعاب الخلافات، وصراع الزعامة والاختلافات الجذرية أحيانا في بعض المواقف بين الأحزاب المكونة لها، مما عجّل في انخفاض ثقة الناخبين بعد انفجارها قبل الاستحقاقات الانتخابية بأشهر قليلة.