وجّه عدد من الجامعيين والأساتذة والنشطاء الحقويين نداء للانخراط فيما أسموه “هبّة وطنيّة لإنقاذ الدولة من خطر التفكك ومحاولات ضرب قيم الجمهورية ومبادئ الدولة المدنية”، وجاء ذلك عقب الاعتداء على أمن المطار واستمرار العنف داخل مجلس نواب الشعب.
هذه الأحداث أعادت النقاش حول مدنية الدولة التونسية الذي استحوذ على جزء كبير من مشاورات كتابة دستور 2014.

مرحلة انتقالية


أكّد الجامعي والناشط المدني عميرة عليّة الصغير، أحد الممضين على البيان، في تصريح لـ”JDD”، اليوم السّبت 20 مارس 2021، أنّ تونس تعيش مرحلة انتقالية لم يكرّس فيها فعلا مفهوم الدولة المدنية من خلال غياب فصل الدّين عن الدّولة والمساواة الفعلية بين المواطنين والمواطنات الذين يحكمهم قانون وضعي.



وأضاف أن مجموعة القوانين والتشريعات القائمة تضيّق على الحريات العامة والخاصة مشيرا إلى أنّ الفصل السادس من الدستور الذي ينص على حريّة الضمير جاء حاميا فقط لمن يؤمنون بالكتب السماوية خاصة بعد حرمان تونسيين بهائيين من تكوين جمعية من قبل رئاسة الحكومة واستنادا إلى رأي وزير الشؤون الدّينية.

وشدد على أنّ هناك محاولات جدية للالتفاف على ما جاء في الدستور من خلال تناقض الممارسات مع النص مشيرا إلى أنّ الدستور أيضا جاء “مفخخا” باعتماده فصولا قابلة للتأويل بأكثر من طريقة حسب أهواء الجهة الحاكمة ومرجعيتها الإيديولوجية والدينية.

تمييز مقنّن

تفترض الدولة المدنية والحقوقية أن يتساوى جميع مواطنيها في الحقوق والواجبات غير أن النصوص التي تنظم الحياة السياسية والاجتماعية في تونس ما زالت تستند إلى مرجعية دينية سلطوية ثيوقراطية رغم مساهمة المجتمع المدني سنة 2013 في تعديل الكفة بعد أن كانت الأغلبية في التأسيسي تسعى إلى إدراج الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع.

تظهر المفارقة من خلال الفصل 74 من الدستور الذي يمنع على غير المسلم الترشح لمنصب رئيس الجمهورية لتصبح المساواة وحرية المعتقد مبادئ عامة في خيال الحالمين بدولة الحقوق والحريات.



كما أنّ مجلة الأحوال الشخصية التي تمثل “مفخرة الدولة الوطنية “ما زالت تصر على تعيين الرجل ربا للعائلة وتجعل من شقيقته مواطنا من الدرحة الثانية يحرم من حقه في التساوي في الميراث استنادا إلى النص التشريعي.

وباعتبار كل المتناقضات وغياب المقومات الحقيقية للدولة المدنية في المساواة بين المواطنين والمواطنات على اختلاف جنسهم أو عرقهم أو دينهم استنادا إلى قانون وضعي يقطع مع السلطة الدينية، فإنّ تونس في الوقت الحالي لا تسمى دولة مدنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.