تاريخيا، كانت الحركة الطلابية في تونس محرّكا للحياة السياسية، غير أنّ الصراعات الإيديولوجية تتوّلد سنويا تزامنا مع انتخابات المجالس العلمية ويشتد فيها الصّراع بين الاتحاد العام لطلبة تونس والاتحاد العام التونسي للطلبة.
فهل أن التغيير السياسي الذي طرأ بداية من سنة 2011 كان له أثره على زخم الساحة الطلابية وأفقدها قدرتها على التحشيد؟
“الساحة الطلابية كانت متنفّسا”
أكّدت الأمينة العامة للاتحاد العام لطلبة تونس وردة عتيق لـ”JDD” اليوم الجمعة 5 مارس 2021، أنّ العمل النقابي داخل أسوار الجامعة فقد بريقه خلال السنوات الماضية.
وأوضحت عتيق أنّ المعارضة الطلابية كانت متنفسا في ظل مناخ قمعي واستبدادي ليكون المجال الوحيد الذي يستطيع فيه المهتمون بالشأن الوطني الحديث عن السلطة وانتقادها بأصوات عالية وهو الفضاء الوحيد الذي يمارس فيه الطلبة، السياسية في الوقت الذي كانت فيه تونس تعيش حالة انغلاق على مستوى الساحة الحزبية والنقابية والجمعياتية، وفق قولها.
وأضافت أنّ 2011 أفضت إلى توسيع هامش الحريات لتصبح كل المجالات مفتوحة أمام الشباب للتعبير عن رفضهم لسياسات الدولة كما أنّ الخوض في المسائل الوطنية أصبح متاحا للجميع عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحتى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.
وأشارت إلى أنّ الصراع الذي تحول عقب الثورة إلى أعمال عنف بين الاتحادين في عدد من الأجزاء الجامعية ألقى بظلاله على انخراط الطلبة في العمل النقابي باعتبار أن العنف عنصر منفّر لعموم الطلبة الذي يعتبرون أن المعارك الإيديولوجية لا تعنيهم، بقدر ما تكون انتخابات المجالس العلمية فرصة لاختبار من يمثلهم في الدفاع عن حقوقهم.
واتّهمت عتيق الاتحاد العام التونسي للطلبة بالعمل على تسطيح الوعي الطلابي من خلال دفعهم إلى الخلط بين المنظمتين برفع شعارات مشابهة وترديد أغاني الاتحاد العام لطلبة تونس مشيرة إلى أنهم يعملون على مشروع لا يؤمن بالعمل النقابي بقدر سعيهم لحصد أكبر عدد من الأصوات للتباهي بها، وفق قولها.
الاختلاف ضروري
الأمين العام للاتحاد العام التونسي للطلبة حمزة العكايشي كان له موقفا مغايرا، يقول العكايشي لـ”JDD”، إنّ نسبة المشاركة في انتخابات المجالس العلمية تسجل ارتفاعا ملحوظا بين 2012 و2021 مشيرا إلى أنّ نشاط المنطمة النقابية انقطع منذ التسعينات مما تسبب في تعليق تصدير أصوات نقابية من داخل الجامعة إلى المشهد الحزبي.
وأضاف أنّ عملية إعادة البناء تتطلب وقتا وهو ما يراهن عليه الاتحاد العام التونسي للطلبة في ظل ما وصفه بالتضييقات على العمل النقابي والتمويلات الزهيدة للأنشطة الثقافية والنقابية التي ترصدها الوزراة.
وأكّد أنّ الثورة فتحت مجالات أخرى للتعبير، لكن ذلك ليس عائقا باعتبار أن الاتحاد العام التونسي للطلبة يقوم بمراجعات لاستغلال وسائل أخرى أكثر فاعلية للضغط عوضا عن الاجتماعات العامة التقليدية داخل الحرم الجامعي عبر وسوم (Hashtag) أو مقاطع فيديو يتم نشرها عبر مواقع التواصل.
وأشار إلى أن التنوع في مجالات التعبير من خلال الانخراط في الجمعيات أو الأحزاب وغيرها يصب في مصلحة الجامعة باعتبار أن الاختلاف يؤدّي إلى نقاشات في الفضاء الجامعي وبالتالي تكون الرسالة التي يعمل عليها الاتحاد وصلت من جهات مختلفة ويكون هدفه قد تحقق.