أثارت شهادة رئيس مجلس نواب الشعب السابق محمد الناصر حول أحداث “الخميس الأسود” 27 جوان 2019 في كتابه “جمهوريتان وتونس واحدة”، ردود أفعال متباينة بعد أن اتهم نواب حركتي النهضة وتحيا تونس بالبرلمان بمحاولة الانقلاب على رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي، وتنصيب رئيس الحكومة يوسف الشاهد مكانه تزامنا مع تعكر حالة الرئيس الصحية، وحصول عمليتين إرهابيتين بالعاصمة.

شغور مضاعف

أكّد النائب السابق الصحبي بن فرج لـ”JDD”، أن ما لم يُعلن حينها أن رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي كان تعرض لوعكة صحية خطيرة في حدود الساعة السابعة صباحا إلى درجة أن عائلته ومحيطه المباشر اعتبروا أنّه توفيّ، مضيفا أنه قد تم إسعافه ونقله في اليوم ذاته إلى المستشفى العسكري ليتجاوز تلك المرحلة الحرجة.


ونقل بن فرج عن وزير الدفاع حينها، عبد الكريم الزبيدي، وجود نقاش داخل العائلة بين من يرغب في نقل قائد السبسي لتلقي العلاج في فرنسا باستعداد فرنسي لاستقباله، وبين من كان يرغب في نقله إلى المستشفى العسكري، مشيرا إلى أن هذا النقاش لم يكن عائليا فحسب، بل كان وراءه نقاش سياسي أيضا.

وأوضح أنّ نقل الرئيس حينها إلى فرنسا كان سيساعد على تفعيل الشغور المؤقت للمنصب وتولي رئيس الحكومة يوسف الشاهد الرئاسة بالنيابة في حين أن وجود قائد السبسي بالمستشفى العسكري تحت سلطة وزير الدفاع والدولة التونسية كان سيجعل من فرضية الشغور مستبعدة وغير مطروحة، وفق ما قاله الزبيدي خلال حملته الانتخابية.



وفي شهادته لـ”JDD”، أكّد بن فرج أن الرأي العام التونسي لم يكن يعرف حقيقة الوضع الصحي للرئيس لكن تواترت أخبار حول تعكر حالته منذ يوم الثلاثاء 25 جوان.
وتابع أن حادثتين تزامنتا بشكل غريب صباح “الخميس الأسود”، بداية بحصول عمليتين إرهابيتين في الوقت ذاته بالعاصمة وهي سابقة، إلى جانب الإعلان الرسمي الصادر عن صفحة رئاسة الجمهوريّة حول تعكر حالة الرئيس كما أن قناة “الحدث” التابعة لقناة “العربية” أعلنت وفاة الباجي قائد السبسي وأصبحت الإشاعة شبه رسمية حتى أن المستشار السياسي للسفارة الأمريكية نشر تدوينة لتعزية الشعب التونسي.

وصرّح أنه خلال هذه الساعات كان رئيس البرلمان محمد الناصر غائبا منذ أسبوع بسبب إجازة مرضيّة وهو ما سيمثل حالة شغور مضاعفة في حال تأكد خبر وفاة الرئيس مما دفع عددا من النواب إلى طلب استدعائه فورا لسد الشغور دستوريا، مضيفا أن معلومات تتعلق بوجود تحركات وصفت بالمريبة لنواب بعض الكتل بمبنى المجلس تواترت في ذلك الحين، لكن لا يوجد أي دليل على ذلك.

وقال بن فرج إن محمد الناصر أبلغ النائب سهيل العلويني الذي اتصل به أنه سيحضر في اليوم الموالي، مضيفا أن النائب كريم الهلالي عن تحيا تونس أيضا تلقى اتصالا من الزبيدي، للاستفسار عما يجري بالبرلمان بعد تواتر أخبار حول سعي كتلة حركة النهضة لتنصيب عبد الفتاح مورو على رأس المجلس في غياب محمد الناصر.
وتابع أن كريم الهلالي طلب من وزير الدفاع خلال هذه المكالمة الإلحاح على الناصر بالتنقل إلى المجلس التشريعي ليصل في حدود الواحدة وكان في حالة بدنية جيدة، وفق الصحبي بن فرج.

“البيان المريب”

من جهة أخرى، أكّد النائب السابق عن نداء تونس منجي الحرباوي في تصريح لـ”JDD”، أنّ كل الوقائع التي شهدتها تونس خلال يوم 27 جوان 2019، تؤكّد ما ذهب إليه محمد الناصر في شهادته.
وأوضح الحرباوي أنّه كان موجودا بمجلس النواب حيث تجمّع نواب عن النهضة والكتلة الديمقراطية التي تضم مناصري رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وفق تعبيره، حيث كانوا يقفون أمام مكاتب الرئاسة وسط بكاء وتعاز مؤكدين وفاة قائد السبسي ويطالبون بسد الشغور، فيتولى عبد الفتاح مورو رئاسة البرلمان بسبب خروج محمد الناصر في عطلة مرضية منذ 3 أو 4 أيام، فيما يُنصّب يوسف الشاهد رئيسا للجمهورية بالنيابة.


وتابع الحرباوي أنّه بالتزامن مع التحركات الغريبة بالبرلمان نشرت رئاسة الجمهورية البلاغ الذي تؤكد فيه تعكر الوضع الصحي لقائد السبسي واصفا إياه بالبيان المريب والمقصود لأن البلاد كانت على فوّهة بركان وما كان يجب مزيد تأجيج المخاوف التي عقبت العمليتين الإرهابيتين بالعاصمة.

ودعا المستشفى العسكري إلى نشر التحليل الطبي الذي يفسر سبب وفاة الباجي قائد السبسي التي بقيت “لغزا محيرا” بما أن ذلك يهم كل التونسيين، خاصة أن شهادة بعض المقربين من السبسي تقول إنه بعد خروجه كان يردد أن “البعض وضع قنبلة في جسده” وفق ما أفاد به محدثنا.

الشاهد يتوعّد

في هذا السياق، نشر رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد تدوينة على صفحته الرسمية على الفيسبوك قال فيها: “عدت بالأمس إلى تونس قادما من ملتقى دولي حول “موازين القوي في عالم ما بعد الكوفيد” فوجدت الجوقة قد عادت لتحريك ماكينة الكذب والتشويه، نفس الأشخاص الذين امتهنوا تزييف الوقائع والتمعش من الأزمات و المستنقعات واستباحة شرف الناس”.
ويتابع: التزمت الصمت لفترة طويلة ولكن لهؤلاء أقول :إنّ زمن الانقلابات قد ولّى وانتهى، فاستعدوا بسرعة لأن ردنا عبر القضاء سيكون قاسيا وسوف تكشف الحقيقة والحجة على من ادعى”