أكّد عضو تنسيقية عمّال الحضائر جمال الزموري في تصريح لـ”JDD”، اليوم الخميس 4 مارس 2021، أنّ لجنة المالية بمجلس نواب الشعب وافقت اليوم على الموازنة المالية لانتداب بقية عمّال الحضائر الذين لم تسوّى وضعياتهم بمقتضى اتّفاق 20 أكتوبر.
ومثّل ملف عمال الحضائر عائقا أمام مختلف الحكومات لما يشكله من تهديد للوضع الاجتماعي باعتبار أن عدد العاملين وفقا لهذه الآلية يقدّر بالآلاف.
اتّفاق منصف جزئيا
أمضى كلّ من رئيس الحكومة هشام المشيشي والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي اتفاقا في 20 أكتوبر الماضي يقضي يتسوية وضعيات عمال الحضائر بعد مشاورات ماراتونية مع الحكومات المتعاقبة منذ سنوات.
ومكّنت هذه الاتفاقية من تسوية وضعية قرابة 31 ألف عون حضائر من عملة الحضائر الجهوية وعمال الحضائر الفلاحية وتحتوي على ثلاثة عناوين كبرى، يشمل العنوان الأول الذين يقل سنهم عن 45 سنة في حين يهم العنوان الثاني ما فوق 45 سنة إلى حدود 55 سنة أما العنوان الثالث فيخص ما فوق 55 سنة.
وأثار هذا الاتفاق حفيظة العمال الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و55 سنة باعتباره نص على تسريحهم مقابل 20 ألف دينار.
وأوضخ عضو التنسيقية جمال الزموري أنّ هذا الاتفاق منصف جزئيا لأنه مكن من تسوية وضعيات عدد من العمال مقابل حرمان 15 ألف و280 عاملا ممن تراوح سنهم بين 45 و55 سنة من حق العمل مقابل 20 ألف دينار وهو مبلغ زهيد لن يضمن الحد الأدنى من التزاماتهم العائلية.
وتقدّمت حركة الشعب في نوفمبر الماضي بمبادرة تشريعية لفائدة عمال الحضائر الذين تجاوز سنّهم 45 سنة تتعلق بمشروع قانون أساسي لتنقيح القانون عدد 112 لسنة 1983 الذي يضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
ونص هذا المشروع على انتداب الفئة المذكورة استثنائيا، باعتبار أن القانون يحدد السن القصوى للانتداب في الوظيفة العمومية، شريطة قضاء 5 سنوات عمل فعلي.
الحضائر: أحد أبرز ملفات الفساد!
يُلاحظ أثناء البحث في هذا الملف تضارب في الأرقام المعلنة بخصوص عدد عمال الحضائر، حيث قدّر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حوالي 100 ألف تونسي يشتعلون وفقا لهذه الآلية في المقابل، أكّد عضو التنسيقية جمال الزموري لـ”JDD”، أن عدد عمال الحضائر يقدّر بحوالي 74 ألفا أغلبهم (47 ألف) يعملون في الحضائر الجهوية أي في منشآت ومؤسسات عمومية فيما يعمل البقية في الحضائر الفلاحية.
وتبقى الأرقام المقدمة غير دقيقة، إذ تتغير ظرفيا حسب احتياجات الدولة، منذ أكثر من 10 سنوات، والتي تشّغّلهم عند الحاجة وفقا لعقود هشة محدودة الزمن إلى جانب أنها طريقة لخفض الاحتقان والاحتجاج خاصة في مدن الحوض المنجمي التي يعمل أغلب معطليها في شركة فسفاط قفصة، والذين أصبحوا يشكلون عبئا على موازناتها.
وتشوب هذا الملف جملة من التجاوزات، حيث أكدت محكمة المحاسبات في تقارير سابقة تسجيل آلاف الأسماء الوهمية والحصول على أجور ومنح من دون ممارسة العمل الموكل إليهم، بالإضافة إلى عمل بعض الأشخاص ضمن هذه الآلية من دون استكمال شروط الانتفاع بها، من قبيل العمل في وظيفة أخرى غير تلك التي منحه إياها هذا الإجراء، وذلك إلى جانب التجاوزات المتعلقة بعمليات تسوية الأوضاع.
كما بيّنت المحكمة من خلال عملية تدقيق شملت أوضاع أكثر من 70 ألف عامل حضائر في مختلف الجهات، أنّ نحو تسعة آلاف عامل يتقاضون منحاً مزدوجة أو لديهم مشكلات تتعلق بحصولهم على معرّف جبائي أو أرقام تخص التغطية الاجتماعية.
من جانبها ، قامت وزارة التنمية والتعاون الدولي بعملية تدقيق سنة 2019 أفضت إلى تسريح أكثر من 30 ألف عامل كانوا يتقاضون أجوراً من دون وجه حق، فبعض هؤلاء كانوا يعملون في قطاعات أخرى، سواء خاصة أو عامة، فيما تبيّن أنّ آخرين هم في عداد الموتى أو تجاوزت سنّهم الستين عاماً، كذلك ثمّة أشخاص يتقاضون أجوراً شهرية منذ سنوات، وهم يلزمون بيوتهم وعاطلون عن العمل أصلا.
وفي هذا الإطار، أعلنت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، تلقيها عريضة تفيد تعمّد موظّفين في إحدى معتمديات الكاف تسجيل 40 شخصاً كعمّال حضائر يحصلون على قسط من أجرهم في حين أنّهم لا يعملون فعلياً، مضيفة أنّ “هؤلاء الأشخاص بالإضافة إلى كونهم من أصحاب الأملاك، لا تتوافر لديهم شروط العمل بمقتضى الآلية المذكورة.