أثارت المبادرة المغاربية التي أطلقها راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس حركة النهضة،  بدعوة تونس والجزائر وليبيا إلى فتح الحدود، وتبني عملة واحدة، ومستقبل واحد، لشعوب البلدان الثلاثة، ترحيب أوساط سياسية ليبية وجزائرية واستياء الأوساط المغاربية.

فماهي هذه المبادرة؟ وماهي ردود أفعال البلدان المغاربية؟

دعا راشد الغنوشي، في 23 فيفري الجاري، تونس والجزائر وليبيا إلى فتح الحدود، وتبني عملة واحدة، ومستقبل واحد، لشعوب البلدان الثلاثة، واستبعد منه المغرب، وموريتانيا.

وقال الغنوشي في حوار مع “ديوان إف إم”: “علينا أن نحيي مشروع المغرب العربي ولو بالانطلاق من هذا المثلث، كما انطلق الاتحاد الأوروبي من العلاقة بين ألمانيا، وفرنسا”، مشيرا إلى أن هذا منطلقنا لإنعاش حلم المغرب العربي، ونحن من دون هذا الإطار لا نقدر على حل مشكلات تونس”.

وأكد رئيس مجلس النواب “أن علاقتنا مع الجزائر وليبيا ينبغي أن نوليها الاهتمام الأكبر وينبغي أن ننظر إلى هذا المثلث على أنه مثلث النمو والمستقبل لتونس”.

الجزائر تدعم المبادرة

أعلن عبد الرزاق مقري رئيس “حركة مجتمع السلم” في الجزائر دعمه لمبادرة إنشاء تكتل اقتصادي/سياسي جزائري تونسي ليبي، داعيا المغرب إلى الاختيار بين الالتحاق به أو”التطبيع”.

وأوضح أنه لا يمكن الجمع بين الانخراط في هذه المبادرة المغاربية، لفتح الحدود وإنشاء عملة موحدة وإقامة علاقات رسمية مع “تل أبيب” في الوقت ذاته.

عبد الرزاق مقري رئيس “حركة مجتمع السلم” في الجزائر

وقال مقري إن “المغرب جلب الصهاينة لباب البيت، ولا يمكن أن نثق فيه مجددا، إلا في حال ابتعاده عن الطريق الذي سلكه، وعندها سيكون هناك حديت آخر”، لكنه دعا إلى إشراك موريتانيا في هذا المشروع الإقليمي الذي ظهر على أنقاض سابقه “الاتحاد المغاربي” الذي بقي حبرا على ورق منذ ميلاده، في نهاية ثمانينيات القرن الماضي.

واعتبر السياسي الجزائري أنه يمكن إقامة اتحاد يجمع الدول الـ 4 التي ذكرها “والبقية ستأتي كما حدث مع الاتحاد الأوروبي”.

استياء في المغرب من تصريحات الغنوشي

أثارت هذه الدعوة استياء في المغرب عبر عنها عبد العزيز أفتاتي، أحد قياديي حزب العدالة والتنمية، حيث قال إن مبادرة الغنوشي “غير موفقة” وإنه “يتكلم تحت ضغط بعض المشاكل، التي تعانيها بعض الأقطار المغاربية”.

وأضاف أفتاتي “هذا الكلام يخالف في حدود علمنا قناعات الغنوشي، والتيارات المعتبرة التونسية، وهذا ليس كلامه”، مشددا على أن المغاربيين، واتجاهات الإصلاح في المستقبل، بما فيها الاتجاهات الإسلامية، ليس في مصلحتها الدعوة إلى تكتل ثلاثي بدلا من المكونات المغاربية الخمسة.

عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة لحزب “العدالة والتنمية” في المغرب

وأكد القيادي أن المغرب من خلال التراكم، الذي حققه “قام بدسترة البناء المغاربي، ولم يعد خيارا سياسيا، أو استراتيجيا فقط، وإنما أصبح خيار البناء المغاربي.. ونحن ملتزمون بالبناء المغاربي، ولا يمكن أن يزايد علينا أي أحد في هذا الموضوع”.

وأشار إلى أن راشد الغنوشي “يعلم مدى رسوخ هذه القناعة المغربية عند المغاربة من دون استثناء، والكل مقتنع بها على الرغم من الخلافات بيننا في عدد من الأمور الأخرى”.

وبالنسبة لكل من موريتانيا وليبيا لحد الآن لم يصدر أي موقف عنهما، باعتبارهما معنيين بهذه المبادرة.

ماذا عن “اتحاد المغرب العربي”!

تم تأسيس اتحاد المغرب العربي في 17 فيفري 1989، بمدينة مراكش بالمغرب، ويضم كلا من المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا. 

فكرة إنشاء الاتحاد المغاربي تعود إلى أول مؤتمر للأحزاب المغاربية عقد في مدينة طنجة المغربية عام 1958، وضم ممثلين عن “حزب الاستقلال” المغربي و”الحزب الدستوري” التونسي و”جبهة التحرير الوطني” الجزائرية.

وبحسب الخبراء، “فإن الاتحاد لم يحقق أي من الأهداف التي تأسس من أجلها، كما أنه حرم شعوب الدول من الفائدة التي كانت تتحقق إثر الاندماج في العديد من القطاعات ومنها تحقيق الوفاق بين الدول الأعضاء وإقامة تعاون دبلوماسي وثيق، وصيانة استقلال كل دولة من الدول الأعضاء، وتحقيق التنمية الصناعية والزراعية والتجارية والاجتماعية للدول، وجميعها كانت ضمن الأهداف التي يراها الخبراء تلاشت بعد 30 عاما من التأسيس”.

هذا ويقدر الخبراء الخسائر الاقتصادية التي تجنيها البلدان المغاربية الخمسة بسبب عدم اندماجها بما يتراوح بين 3 بالمائة إلى 5 بالمائة من الناتج المحلي الخام، أي ما يناهز حوالي 10 مليارات دولار سنويا، بحسب تقارير للأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، واللجنة الاقتصادية الإفريقية.