أعلن مجلس القضاء العدلي، في بيان أصدره الخميس 11 مارس 2021، على إثر الجلسة المنعقدة بتاريخ 9 مارس الجاري، للنظر في تقرير التفقدية العامة بوزارة العدل المحال على المجلس، بخصوص اتهامات متبادلة بين القاضيين البشير العكرمي والطيب راشد، عن إحالة الملف على مجلس التأديب وتعيين مقررين لإجراء الأبحاث التأديبية اللازمة.
كما قرر المجلس إحالة الشبهات المتعلقة بغير القضاة الواردة بالتقرير على النيابة العمومية، لدى المحكمة الابتدائية بتونس تطبيقا لأحكام الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية، بالإضافة إلى إحالة الشبهات المتعلقة بغير القضاة الواردة بالتقرير على النيابة العمومية، لدى المحكمة الابتدائية بتونس تطبيقا لأحكام الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية.
وتعني هذه القرارات مواصلة الطيب راشد، الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، لمهامه على رأس المحكمة، إلى حين صدور قرار مجلس التأديب.
شبهات فساد!
ولم يقدم مجلس القضاء العدلي، أجوبة واضحة حول أسباب عدم إزاحة الطيب راشد من منصبه إلى الآن بالرغم من خطورة التهم المنسوبة إليه، وفق ما ذكره المستشار بمحكمة التعقيب حمادي الرحماني، في تصريح لـ”JDD”، اليوم الجمعة 12 مارس 2021، الذي اعتبر أن المجلس اقتصر فقط على موضوع الرئيس الأول في الجانب التأديبي، علما وأنه سبق التحذير من انتهاجه واعتباره تثبيتا ضمنيا له والتفافا على مطلب إزاحته.
وأضاف الرحماني أنه وبالرغم من رفع الحصانة عن الطيب راشد وتجميد عضويته بالمجلس، وتوجيه اتهامات جنائية له تتعلق بالتدليس والارتشاء وغسيل الأموال وإحالته على مجلس التأديب، إلا أن مجلس القضاء العدلي، لا يعتبرها أسبابا كافية لإزاحة الرئيس الأول من مكانه وإعلان الشغور في منصبه، معتبرا أن مجلس القضاء العدلي رفض إزاحة الطيب راشد من منصبه، وتستر عليه، بإحالته على مجلس التأديب الذي يستغرق أشهرا لإصدار قرار في شأنه.
وبالتالي فإن بيان مجلس القضاء العدلي، يؤكد ضمنيا أن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب غير قابل للنقلة أو العزل خارج المسار التأديبي، بالرغم من خطورة التهم الموجهة إليه والتي تستدعي إزاحته فورا، كما أنه تأكيد ضمني على ضرورة إبقائه في منصبه طيلة فترة الإجراءات الطويلة إلى حين صدور قرار تأديبي بالمؤاخذة أو حكم جزائي بالإدانة وهو ما يتطلب فترة طويلة في الوضع العادي، ناهيك عن ما إذا كان جزء من المجلس مسخرا لحمايته، وفق محدثنا.
لا بد من إصلاح مجلس القضاء العدلي
وأشار الرحماني، إلى أن تركيبة مجلس التأديب الذي سينظر في موضوع الرئيس الأول لمحكمة التعقيب هي نفس التركيبة الحالية لمجلس القضاء العدلي، بما يعني أن الأغلبية التي رفضت إزاحة راشد وإعلان الشغور في منصبه هي نفسها التي ستقوم بمنع صدور قرار تأديبي ضده.
كما حذر من إمكانية استدعاء راشد من قبل قاضي التحقيق واستنطاقه، وإصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقه وهو لا يزال مباشرا لمهامه على رأس محكمة التعقيب، معتبرا أن ذلك سيشوه صورة القضاء ومكانة سلطة كبرى بحجم محكمة التعقيب.
وشدد المتحدث على ضرورة إصلاح القضاء والقطع مع الممارسات التي ينتهجها المجلس الأعلى للقضاء، الذي وضع السلطة القضائية في موقف سيئ مع الرأي العام، مشيرا إلى أن أعضاء هذا المجلس استغلوا صفتهم من أجل الحصول على امتيازات مادية ومعنوية، كما أن المجلس الأعلى للقضاء حليف للطيب راشد، وفق تعبيره، مستغربا صمت مؤسسات الدولة من رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية والبرلمان، إزاء ما يحدث من فساد، مؤكدا على ضرورة تعديل قانون المجلس الأعلى للقضاء بما يضمن نزاهة تركيبته التي تغلغل فيها الفساد، وفق قوله.
المجلس الأعلى للقضاء يردّ!
من جهته رفض عماد الخصخوصي عضو المجلس الأعلى للقضاء، الإدلاء بأي تصريح لـ”JDD”، في هذا الخصوص تعقيبا على اتهامات المستشار بمحكمة التعقيب حمادي الرحماني والمتعلقة بتسامح المجلس الأعلى للقضاء مع الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد من أجل التستر على الفساد، مؤكدا أن الوقت وحده هو الكفيل بإثبات هذه الشبهات من عدمه.
ووفق ما ذكره مصدر قضائي مسؤول رفض الكشف عن اسمه، لـ”JDD”، فإنه لا يمكن تنحية الطيب راشد من منصبه على رأس محكمة التعقيب قبل عرضه على مجلس التأديب، موضحا أن مجلس التأديب هو المخول له تنحية راشد من منصبه في صورة ثبوت الشبهات المنسوبة إليه.
ورجح مصدر “JDD”، أن مجلس التأديب يمكن أن ينعقد في ظرف شهر أو أكثر للنظر في ملف الاتهامات المتبادلة بين الطيب راشد والبشير العكرمي وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بتونس.
تهم ملفّقة؟
وكان الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد، قد صرح في وقت سابق يوم 23 نوفمبر 2020، خلال حوار أدلى به لبرنامج ”رونديفو 9 ”، على قناة التاسعة، أنّه ليس لديه أي خلافات شخصية مع البشير العكرمي، مبينا أن الخلافات الموجودة بينهما تتعلق أساسا بإجراءات العمل، مشيرا إلى أن العكرمي قام بـ”تلفيق” التهم له مما تسبب في رفع الحصانة عنه.
وتحدث راشد عن التهم التي وجهها للبشير العكرمي، مبينا أنه كان حينها وكيلا عاما بمحكمة الاستئناف بتونس، وباطلاعه على ملفي الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، تفطن إلى وجود إخلالات، لافتا إلى أن التفقدية العامة تعهدت بالموضوع منذ 28 أكتوبر 2020، بناء على شكاية قدمت في الغرض.
وكشف راشد أن الإخلالات تتعلق بأكثر من 15 شكاية، مؤكدا أن هذه الإخلالات يمكن أن تكون وراء إقالة البشير العكرمي من خطّته، لافتا إلى أن هناك العديد من الإشكاليات تتعلق بالبشير العكرمي والتي لم يتم التطرق لها.
ونفى الوكيل الأول لمحكمة التعقيب، خضوعه لأي ضغوطات سياسية، خلال فترة عمله بالتفقدية العامة، مؤكدا أنه لا يسمح بوقوع تجاوزات على السلطة القضائية.
وكان مجلس القضاء العدلي قد نظر في وقت سابق، يوم الثلاثاء 9 مارس الجاري، في تقرير التفقدية العامة بوزارة العدل المتعلق بالاتهامات المتبادلة بين الوكيل الأول السابق للمحكمة الابتدائية بتونس البشير العكرمي والرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد.
تجدر الإشارة إلى أن المجلس الأعلى للقضاء، كان قد كلف النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس، بالبحث في حقيقة الاتهامات بين الطرفين، والمتعلقة أساسا بملفي اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وشبهات أخرى تتعلق بقضايا فساد مالي وقضايا إرهابية.
وتم إعلام المجلس بالإجراءات المتخذة، والتي من ضمنها مراسلة التفقدية بوزارة العدل لمدها بمآل الأبحاث في الشكاوى المرفوعة ضد راشد والعكرمي، وهو ما تقرر على إثره تجميد عضوية الطيب راشد، ورفع الحصانة عنه من قبل مجلس القضاء العدلي.