وفق خارطة الطريق الموضوعة من طرف منتدى الحوار السياسي الليبي برعاية الأمم المتحدة، تنتهي مهمة الحكومة الانتقالية الليبية الجديدة، بإجراء الانتخابات العامة في البلاد يوم 24 ديسمبر القادم.
وفي حال منح مجلس النواب الثقة للحكومة، فستنتقل صلاحيات السلطة التنفيذية كاملة إليها وإلى المجلس الرئاسي، وتحل مكان حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السراج.
ولكن تبقى فرضية عدم منح حكومة عبد الحميد دبيبة مطروحة، ليكون السؤال: ماذا سيكون مصير ليبيا في حال صادق مجلس النواب على حكومة دبيبة أو رفضها؟
ماذا لو رفض البرلمان الليبي منح الثقة للحكومة؟
استأنف مجلس النواب الليبي اجتماعه اليوم بمدينة سرت وسط ليبيا، في جلسة خاصة لمنح الثقة للحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء المكلف، عبد الحميد الدبيبة.
وفي صورة رفض البرلمان للحكومة الجديدة برئاسة دبيبة، ستكون لدى رئيس الوزراء المكلف، فرصة ثانية لينظر البرلمان في حكومته في 19 مارس الحالي، حسب خارطة الطريق التي اتفقت بشأنها الأطراف الليبية في جنيف الشهر الماضي.
وإذا تكرر فشل جلسة التصويت الثانية، سيؤول التصويت إلى الأعضاء الـ 75 الممثلين لملتقى الحوار السياسي الليبي، علما وأن مجلس النواب الليبي قرر تعليق جلسته في مدينة سرت بشأن موضوع منح الثقة للحكومة الجديدة، إلى يوم 9 مارس 2021، إضافة إلى دعوة رئيس الوزراء المكلف، عبد الحميد الدبيبة، لحضور المناقشات.
وللإشارة فقد دعا 42 نائبا، إلى تأجيل جلسة منح الثقة للحكومة إلى ما بعد تضمين مخرجات حوار تونس وتضمينها بالإعلان الدستوري وفقا لما هو منصوص عليه في خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية للحل الشامل، وإلى ما بعد الكشف عن تقرير لجنة الخبراء الأممية حول دفع رشاوى لمشاركين في الحوار السياسي من أجل التأثير على نتائج انتخابات السلطة السياسية الجديدة.
وأوضح النواب أن تجاهل دسترة مخرجات اتفاق تونس يترتب عليه خرق دستوري فاضح لا يليق بمجلس النواب القبول به، مطالبين بضرورة تضمين المخرجات وفقا لما هو منصوص عليه في خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية.
وأشرف على جلسة منح الثقة في سرت، رئيس البرلمان عقيلة صالح ونائبيه، بحضور 132 نائبا، علما وأن تمرير حكومة دبيبة، والمصادقة عليها، يحتاج إلى 120 صوتا.
وفي الكلمة التي ألقاها، دعا عقيلة صالح، إلى تجاوز الكثير من العقبات من أجل إنجاز الاستحقاق المقبل وهو تنظيم الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر 2021.
وقال الدبيبة خلال كلمته أمام أعضاء البرلمان الليبي، “أناشد أعضاء مجلس النواب، عدم تفويت فرصة توحيد المجلس، وتغليب مصلحة الوطن على كل الحسابات الخاصة والضيقة”.
كما طالبهم بـ”عدم ترحيل إجراء نيل ثقة حكومته، التي تتكون من 27 وزيرا و6 وزراء دولة ونائبين 2 لرئيس الوزراء، إلى مرحلة أخرى، وعرقلة المسار الانتخابي وحرمان الشعب الليبي من الوصول إلى انتخابات حقيقة ونزيهة”.
وكان الدبيبة قد أعلن في تغريدة على تويتر أن لديه خيارين في تشكيل الحكومة، وأن عدم التوافق في مجلس النواب يدفعنا للخيار الثاني، مما يشير إلى أن مجلس النواب قد لا يتفق، وأن التشكيلة الحكومية ستختلف في حالة عرضها على ملتقى الحوار السياسي، وهو ما عبر عنه الدبيبة بالخيار الثاني في حالة فشل النواب في عقد جلسة منح الثقة للحكومة.
الحكومة الليبية بين رافض وداعم لها
ناقش النواب تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية التي قدّمها عبد الحميد دبيبة، فيما تباينت الآراء بين مشجع على منح الثقة، ومعترض على عدد الحقائب المبالغ فيه وفق آراء بعض النواب، فيما طالب نواب بتضمين مخرجات حوار تونس الذي أنتج السلطة التنفيذية الجديدة في الإعلان الدستوري.
كما وجه عدد من النواب خلال جلسة يوم الاثنين، أسئلة إلى عبد الحميد الدبيبة حول خارطة طريق حكومته قبل موعد الانتخابات المقبلة، إلى جانب انتقاده بشأن تسمية شخصيات جدلية في حكومته.
وتم تأجيل الجلسة للاستماع إلى رئيس الحكومة الذي سيحضر، قبل أن يتم التصويت على منح الثقة من عدمه.
من جهته توقع الناشط السياسي الليبي مصطفى عبد الكبير في تصريح سابق لـ”JDD”، منح البرلمان الليبي الثقة لحكومة عبد الحميد دبيبة، خاصة وأن الليبيين يستبشرون خيرا بها، متسائلا عن مدى قدرتها على ضمان أمنها واستقرارها في الفترة القادمة؟
فرصة لا يجب تفويتها
من جهتها، رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في بيان لها، بعقد جلسة رسمية لمجلس النواب، معتبرة أنها تمثل خطوة حاسمة في توحيد البلاد وتهيئتها لإجراء انتخابات وطنية ديمقراطية في 24 ديسمبر 2021، قائلة “أنه لا ينبغي تفويت هذه الفرصة من أجل فتح صفحة جديدة لليبيا”.
وقال المشاركون في محادثات الأمم المتحدة إنه إذا لم يصادق البرلمان على حكومة الدبيبة فسيتولون هم ذلك. غير أن ذلك سيهدد بتقويض مشروعية الحكومة الانتقالية.
وينص الدستور الليبي الصادر في سنة 2016، في المادة 128 منه، في باب منح الثقة للحكومة على أنه “إذا قرر مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه المنتخبين عدم منح الثقة للحكومة، وجب عليها الاستقالة. ويكون القرار بالأغلبية المطلقة لأعضائه المنتخبين إذا تعلق بأحد الوزراء، ويجب عليه في هذه الحالة اعتزال الوزارة، ولا ينظر مجلس النواب في طلب منع الثقة عن الحكومة إلا بعد جلسة استجواب، وبناء على طلب كتابي مقدم من خمسة عشر عضوا على الأقل، ولا يجوز أن يطرح هذا الطلب للمناقشة إلا بعد ثمانية أيام من يوم تقديمه، ولا تؤخذ الآراء عنه إلا بعد يومين من تمام المناقشة فيه”.
هذا وقال أشرف عبد القادر الثلثي، الناطق الرسمي السابق باسم حكومة الوفاق الليبية، في تصريح لـ”JDD” أن أولويات الحكومة الجديدة المؤقتة، واضحة وجلية، وهي توحيد مؤسسات الدولة الاقتصادية والعسكرية، إلى جانب الحرص على احترام موعد الانتخابات يوم 24 ديسمبر 2021، والعمل على تحسين الوضع الاقتصادي ولملمة جروح الليبيين، وفق رأيه.
فهل ستنجح الحكومة في حال منحها البرلمان ثقته في تحقيق انتظارات اللليبيين ولملمة جراحهم من الحرب التي استمرت لسنوات؟