بالرغم من نفي رئيس الحكومة هشام المشيشي، علمه بمسألة “اللقاحات الإماراتية” التي تلقتها رئاسة الجمهورية في إطار هبة من سفارة دولة الإمارات، والتي تم كشفها بعد 4 أشهر كاملة من وصولها إلى تونس، إلا أن الواقع يثبت العكس تماما، حيث كشفت وثيقة “الترخيص الاستثنائي لاحتكار الدولة” التي تناقلتها صفحات الفيسبوك أن 3 وزارات على الأقل كانت على علم بالموضوع.
وما هو المعمول به في عمليات توريد الأدوية في تونس، أن تقوم السلطة المختصة “الصيدلية المركزية” التي تعتبر مؤسسة خاضعة لوزارة الصحة، بمنح الترخيص المذكور، كما أنه من الطبيعي، أن تمر جميع البضائع والسلع والأدوية المورّدة إلى تونس بالضرورة على إدارة الديوانة التونسية التابعة لوزارة المالية، كما أن توريد البضائع عبر السلك الديبلوماسي، يتطلب وثيقة “الامتياز الجبائي” التي تقدمها السفارات وتكون وجوبا مؤشرة من قبل وزارة الشؤون الخارجية.
وبالتالي فإن 3 وزارات على الأقل منضوية تحت رئاسة الحكومة، كانت على علم بوصول هذه التلاقيح قبل موعدها، كما أن إقرار رئاسة الجمهورية بوصول هذه التلاقيح وتوجيهها إلى الإدارة العامة للصحة العسكرية، يستوجب بالضرورة علم وزارة الدفاع الوطني بالموضوع.
“الديوانة لا تمنح تراخيص توريد الأدوية”
أكّد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للديوانة العميد هيثم زناد، في تصريح لـ”JDD” أن الديوانة كانت على علم بوصول التلاقيح المضادة لفيروس كورونا من دولة الإمارات منذ يوم 30 أكتوبر 2020، بما أنها السلطة المكلفة بمراقبة ملفات عمليات التوريد بجميع أنواعها، مبينا أن الملف المذكور كان مستوفيا لجميع الوثائق والشروط القانونية المعمول بها، بما في ذلك الترخيص الذي تناقلته صفحات موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، الصادر عن الصيدلية المركزية الخاضعة بدورها لوزارة الصحّة، بالإضافة إلى وثيقة الامتياز الجبائي التي قدمتها سفارة الإمارات بتونس والتي كانت مؤشرة من قبل وزارة الشؤون الخارجية.
وشدد الزناد على أن الديوانة ليست السلطة المؤهلة لمنح تراخيص توريد الأدوية واللقاحات، مبينا أن الصيدلية المركزية هي التي تمنح هذه التراخيص، فيما تراقب الديوانة عمليات التوريد.
تلقيح صيني
ولم تتمكن “JDD”، من الحصول على توضيحات من الصيدلية المركزية بصفتها السلطة المانحة لترخيص توريد الأدوية واللقاحات في تونس.
لكن في المقابل، أكد وزير الصجة فوزي المهدي، أن الرئاسة تلقت منذ شهر أكتوبر 2020، في إطار هبة من الإمارات جرعات من تلقيح صيني لم يتحصل بعد على ترخيص الترويج في تونس، فيما تم تخزينه في ظروف ملائمة ونقله من سفارة الإمارات إلى رئاسة الجمهورية التي أكدت وضع اللقاحات على ذمة الإدارة العامة للصحة العسكرية إلى حين حصول التلقيح على رخصة الترويج.
حرب بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة
وتلقت رئاسة الجمهورية 1000 جرعة من لقاحات مضادة لفيروس كورونا، منذ شهر أكتوبر المنقضي، كـ”هبة” من دولة الإمارات العربية المتحدة، دون الإعلان عن الموضوع، فيما أكد بلاغ للرئاسة أنه تم بأمر من رئيس الجمهورية قيس سعيد، تسليم الجرعات إلى الإدارة العامة للصحة العسكرية، مشيرة إلى أنه لم يقع تطعيم أي طرف بهذه التلاقيح في انتظار مزيد التثبت من نجاعته، وترتيب أولويات الاستفادة منه.
في المقابل نفت رئاسة الحكومة أن يكون لها أي علم بمسألة وصول هذه التلاقيح ولا بمصدرها ولا بمدى توفّرها على الشروط الصحية والقانونية الضرورية، ولا بمآلها، معلنة عن فتح تحقيق فوري حول ملابسات دخول هذه التلاقيح وكيفية التصرّف فيها وتوزيعها.
كما أكدت أن إدارة عملية التلقيح تبقى من مسؤولية اللجنة الوطنية لمجابهة فيروس كورونا، في إطار الإستراتيجية الوطنية التي تمّ إرساؤها للغرض، والتي حدّدت الفئات المعنية بالتلقيح بصفة أولوية، وفق البلاغ.
وقد شنّ رئيس الجمهورية قيس سعيد، أمس الإثنين 1 مارس 2021، هجمة مضادة على ما اعتبره “حملات الكذب والافتراء” التي طالت مؤسسة رئاسة الجمهورية بخصوص مسألة وصول جرعات من لقاح كورونا إلى الرئاسة، مؤكدا أنه تم إيداع الجرعات المذكورة لدى الجهات المختصة في انتظار توزيعها حسب الأولوية على الإطار الطبي وشبه الطبي والجنود وقوات الأمن بعد التأكد من نجاعتها.
اللجنة المكلفة بالتلاقيح لا علم لها بالموضوع
من جهته أكد رئيس لجنة قيادة الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا ومدير معهد باستور، الهاشمي الوزير في تصريح لـ”JDD”، أنه لا علم للجنة بوصول هذه التلاقيح من دولة الإمارات، مؤكدا في المقابل، أن تلقي الدول للأدوية أو اللقاحات في إطار العلاقات الديبلوماسية، إجراء معمول به في تونس والعالم.
وأشار المتحدث إلى أن هدف لجنة قيادة الحملة الوطنية للتلقيح ضد كوفيد-19، يتمثل أساسا في توفير التلاقيح للتونسيين من خلال وزارة الصّحة، وفق تعبيره.