لا تخفى على أي متابع اليوم للشأن العام، التأثيرات السلبية التي ألحقتها جائحة كورونا بالعالم، سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، لمختلف الشرائح العمرية، نتيجة فرض إجراءات صارمة على غرار العزل العام الذي أثر بشكل مباشر على الحالة النفسية للأطفال وسلوكياتهم في المحيط العائلي والمجتمعي.

وكشفت دراسة حديثة أن جائحة كورونا تسببت في ظهور اضطرابات نفسية لدى الأطفال حول العالم، كما غيرت حياتهم اليومية في منحى ازداد فيه الشعور بالخوف والقلق والإحباط لديهم، فكيف كان تأثير الوباء على الأطفال في تونس بعد مرور عام على تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في البلاد؟

تغذية السلوك العدواني

كشف المختص في الطفولة إبراهيم الريحاني، في تصريح لـ”JDD”، اليوم الجمعة 12 مارس 2021، أن أزمة كورونا وتداعياتها على جميع المستويات، كان لها تأثير كبير على الأطفال الذين يعتبرون من الفئات الضعيفة نفسيا والتي لم يتم تهيئتها نفسيا للتكيّف مع مثل هذه الظروف في إشارة إلى جائحة كورونا.

فحرمان الصغار من اللعب والترفيه والتي تعتبر حاجة أساسية لدى الأطفال وعاملا نفسيا هاما يساهم في بناء شخصياتهم، وبالتالي فإن عدم تلبية هذه الحاجة سيكرس العديد من السلوكات السلبية أهمها السلوك العدواني سواء على الأفراد أو على الممتلكات، وهو ما سيفضي بالضرورة إلى ارتفاع معدل القضايا المرفوعة ضد الأطفال لدى المحاكم المختصة، وفق محدثنا.

تذبذب المستوى التعليمي

كما أن أزمة كورونا تسببت في تعميق التذبذب في المستوى التعليمي وغياب الآليات البديلة، حيث اقتصر التعليم منذ العودة المدرسية في سبتمبر 2020، على اعتماد نظام الأفواج، الذي تسبب في زيادة أوقات الفراغ لدى الأطفال، وفي المقابل عدم توفر مساحات مناسبة من أجل التنفيس عن طاقتهم، خاصة وأن الأطفال في حاجة ماسة إلى الحركة واللعب والترفيه في ظل غياب دور مؤسسات الطفولة المعنية بالتنشيط التربوي والاجتماعي لتأطيرهم أو لمرافقتهم، وهو ما أثر سلبا على القدرات التعليمية للأطفال ومردودهم الدراسي.

وأثرت التداعيات الاجتماعية والاقتصادية، بشكل كبير، على مستوى دخل العائلة التونسية، مما زاد في نسبة الفقر لدى الأطفال، مما أدى إلى توسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء.

الحلول

إن صورة الضغط النفسي والإحباط الذي تعيشه الأسرة التونسية، خلال تفشي جائحة كورونا، سيؤثر بالضرورة على تماسك النسيج المجتمعي كما سيؤدي بالضرورة إلى الدخول في ردة فعل احتجاجية تهدّد الأمن الاجتماعي، خاصّة في ظل غياب الاستقرار السياسي وغياب إستراتيجية اتصالية تحاكي تطلعات الأسر، وهو ما قد يعمق هذه الأزمة بشكل أكبر، ليصبح سلوك التمرد على الضوابط هو المهيمن في هذه الحالة.

لهذه الأسباب، أكد المختص في الطفولة على ضرورة الطمأنة والبحث عن مساحات ثقافية ورياضية وتربوية تقلص من حجم الضغط والإحباط، إضافة إلى تركيز سياسة الاقتصاد الاجتماعي وتفعيلها إلى جانب البحث عن استقرار سياسي يسير بالأزمة نحو الانفراج.

وينصح الخبراء بضرورة قيام الأطفال بالتمارين الرياضية في البيت أو في الهواء الطلق وتجنب البقاء في عزلة عن العائلة والأصدقاء، إضافة إلى زيارة الأخصائيين النفسيين والتربويين في صورة تفاقم الاضطرابات النفسية.