تواجه شركة السكك الحديدية مشاكل اقتصادية خانقة بسبب سوء الإدارة المالية، من شأنها أن تهدد ديمومة القطاع وسط تحركات احتجاجية ومطالب متعددة تهم الموارد المالية والبشرية والبنية التحتية لهذا القطاع.
قطارات قديمة وسكك مهترئة ونقص في اليد العاملة هي عوامل من شأنها أن تساهم في زيادة تأزم قطاع السكك الحديدية الذي يعتبر محركا من المحركات الاقتصادية في البلاد التونسية.
خسائر فادحة تتجاوز 900 مليون دينار
قال الكاتب العام للجامعة العامة للسكك الحديدية، العربي اليعقوبي، في تصريح لـ”JDD” إن البنية التحتية للقطاع مهترئة بشكل كبير، ما من شأنه أن يؤدي إلى زيادة تدهور العتاد ”قطارات” الذي لم يقع تجديده منذ 40 عاما، إضافة إلى النّقص الفادح في الموارد البشرية التي لا تتجاوز 4500 عونا، بما يفسر عجز الحكومات المتعاقبة منذ 2011، عن اعتماد إستراتيجية واضحة للنهوض بهذا القطاع، وفق تعبيره.
وبين اليعقوبي أن الدولة تخصص 15 مليون دينار فقط لإصلاح السكك الحديدية في وقت يتطلب فيه إصلاحها 40 مليون دينار ،محذرا من أن اهتراء السكك من شأنه أن يهدد سلامة المسافرين.
وندد اليعقوبي بالاعتصامات المفتعلة التي ينفذها من أسماهم ببارونات نقل الفسفاط عبر الشاحنات، ما كبد الدولة خسائر فادحة قدرت بحوالي 900 مليون دينار سنة 2020، في وقت يعتبر فيه الخط عدد 13 الرابط بين صفاقس وتوزر إستراتيجيا وحيويا.
إضرابات
وأكد اليعقوبي أن الإضراب جاء احتجاجا على عدم صرف الزيادة في منحة آخر السنة وللمطالبة بفك الاعتصامات المفتعلة بالخط عدد 13 وإدماج أعوان شركة أشغال السكك الحديدية في الشّركة الأم وهي الشركة الوطنية للسكك الحديدية ،وفق تعبيره.
من جانبه أكــد وزير النقل، معز شقشوق، في تصريح لشمس أف أم، أنّ إضراب أعوان الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية كان مفاجئا خاصة بعد الاتفاق مع الطرف النقابي على تأجيله ليوم 8 أفريل المقبل بخصوص جملة من المطالب من بينها منحة آخر السنة.
العدد الجملي للعتاد في تونس
وفي سياق متصل كشف اليعقوبي أن الشركة الوطنية للسكك الحديدية في رصيدها الآن حوال 138 قاطرة و30 عربة ذاتية الدفع و131 عربة لنقل المسافرين و30 عربية كهربائية وقرابة 3455 عربة لنقل البضائع والفسفاط أغلبها معطبة، وفق قوله.
خطوط السكك الحديدية
تضم الشبكة الحديدية التونسية 23 خطا يقدر طولها الإجمالي بـ 2165 كيلومترا منها 471 كلم سكة عادية، و 1686 كلم سكة مترية من بينها ”90 كلم سكة مكهربة” إلى جانب السكك المزدوجة ”عادية ومترية” التي يبلغ طولها 8 كم، هذا وتضم الشبكة الحديدية 267 محطة ونقطة توقف.
وتبلغ السرعة القصوى 130 كلم على السكة المترية و140 كلم على السكة العادية وتتراوح الحمولة بين 16 طنا و 20 طنا، وفق ما ذكره موقع الشركة الوطنية للسكك الحديدية.
حوادث القطارات
أجمعت مصادر عديدية من الشركة الوطنية للسكك الحديدية على أن بنية القطاع التحتية المهترئة، وعدم تجديد العتاد منذ سنوات طويلة أسباب كفيلة لتشهد تونس خلال السنوات القليلة الماضية عديد الحوادث المتمثلة في خروج قطارات عن سككها وانقلابها أو تصادمها مع وسائل نقل أخرى، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا والمصابين لعلّ أكثرها سوء الحادث الذي جدّ بمدينة الفحص من ولاية زغوان في جوان 2015 وأودى بحياة 18 شخصا وجرح حوالي مائة آخرين.
إلى جانب حادث اصطدام بين قطار وحافلة في ضواحي العاصمة التونسية يوم 28 ديسمبر 2016، وحادث اصطدام قطار بسيارة تاكسي بمنطقة الطواهرية بمعتمدية جندوبة الشمالية والذي أسفر عن مقتل 5 أشخاص على عين المكان وذلك في أكتوبر 2016.
لا يمكن الحديث عن حوادث الطرقات دون الحديث عن الفاجعة الأليمة التي عاشت على وقعها تونس وتحديدا مدينة رادس يوم 8 ديسمبر الفارط، والمتمثلة في سقوط التلميذة ريم زبير البالغة من العمر 15 عاما وهي “لاعبة كرة طائرة” من القطار في محطة “معهد رادس”، ما أسفر عن بتر ساقيها على مستوى الركبتين.
من جانبه أكد خال ريم في تصريح “لشمس أف أم” أن أبواب القطار لم تغلق عند انطلاقه ما تسبّب في انزلاق ريم ووقوعها بين الرصيف والقطار الذي توقف بعد 50 مترا من انطلاقه.
وفي جانفي 2016، توفي 6 أشخاص من بينهم أربعة من نفس العائلة في حادث اصطدام بين قطار وسيّارة بمفترق البسباسية بالحمامات.
وفي 5 جوان 2014 ،قتل 5 أشخاص في اصطدام قطار لنقل الركاب بسيارة بمنطقة القصر بباجة الشمالية.
ارتفعت نسبة حوادث القطارات في السّنوات الأخيرة في ظل تداخل المسؤوليات وتعدد الأسباب، أبرزها اهتراء البنية التحتية وعدم تجديد القطارات منذ سنوات طويلة إضافة إلى ضعف الموارد البشرية والمالية، ورغم كثافة التحركات الاحتجاجية المطالبة بضرورة النهوض بقطاع السكك الحديدية، إلا أن الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2011، لم تعتمد إلى اليوم إستراتيجية واضحة وحلولا جدية لضمان عدم تكرر مثل هذه الحوادث المهددة لحياة المسافرين.