أعادت حالة الاحتقان التي عاشها مطار تونس قرطاج أمس الاثنين 15 مارس 2021، إلى السطح مسألة الإجراء الحدودي S17، بعد منع مواطنة من السفر إلى تركيا وتدخّل نواب عن كتلة ائتلاف الكرامة لفرض سفرها مما أدى إلى مشادات بين النواب ووحدات الأمن والنقابات العاملة بالمطار.

فماهو إجراء S17؟ وماهي حدود شرعيته؟

تقييد حركة آلاف التونسيين


تعتمد وزارة الدّاخلية 21 إجراءً ضمن التدابير الاستثئانية التي تتعلق بخطة مكافحة الإرهاب، التي تم اعتمادها منذ العام 2013، لكن أكثرها انتشارا هو S17 حيث يرمز الحرق S إلى كلمة Signal أي إشعار، والتي تتعلق بإجراء استشارة إدارية قبل منح إذن بالعبور سواء داخل تونس أو خارجها.

لا تقدّم الجهات الرّسمية أرقاما معلنة حول المواطنين المشمولين بالإجراء الذي يحرمهم بجرة قلم من حقهم الدستوري المكفول بالفصل 49 في التنقل، في حين تقول منظمة العفو الدولية في تقرير سنة 2018 إن وزارة الداخلية “قيدت حركة حوالي 30 ألف تونسي في إجراء يفتقر إلى الإشراف القضائي الكامل”، وفق تعبيرها.



محمـد، 41 عاما، قال في شهادة للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، إنه اعتُقل فـي ديسمبر 2015 لمدة 14 يوما بدعوى الاشتباه فـي كونه إرهابـيا، بسبب مظهره الدال على التديّن ليتم إطلاق سراحه بعد ذلك لعدم توفّر الأدلّة الكافية.

بعـد ثلاثة أشهر، أثنـاء فحص هوية عشوائي فـي الشارع وهو فـي طريقـه إلـى العمل، تـم إيقاف محمـد مجددا مـن قبل الأعوان، واقتيد إلـى أقرب مركز للشـرطة حيث مكث لعــدة ساعات، سئل عن مهنته وأنشطة عائلته، كما سُئل عما إذا كانت زوجته محجبة وعن رأيه فـي الهجمات الإرهابية التي عاشتها تونس في عام 2015.

أثناء التحقيـق، أبلغه الأعوان أنه مصنف في قائمة S17 وأنه معني بتدابيـر مقيدة لحريـة التنقل، وحتى الشرطة لـم تكـن علــى علم بدوافع الإدراج ونصحتـه بالاتصال بوزارة الداخلية أو بمنطقة الأمن لمعرفة المزيد.

لا وجود لأي أثر قانوني

أكّد الناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية القاضي عماد الغابري لـ”JDD”، اليوم الثلاثاء 16 مارس 2021، أن التشريع الوطني لا يتضمّن أي نص أو إجراء يتحدث عن S17، مضيفا أنّه لا يمكن تأصيله في قرارات إدارية باعتباره يتعارض مع الحريات العامة المكفلولة بالمعاهدات الدولية والدستور الذي يعلو على كل القوانين.

وأضاف الغابري أنّ القانون التونسي لا يتضمن أي نص تشريعي يحدّ من حرية تنقل الأشخاص غير الخاضعين لعقوبات أو إجراءات سالبة للحرية إلا في حالتين، الحالة الأولى تتمثل في إمكانية أن يسلط القاضي الجزائي على المحكوم عليه عقوبة المراقبة الإدارية أو عقوبة منع الإقامة، كعقوبتين تكميليتين من شأنهما الحد من حرية التنقل، والثانية تتعلق بالسماح باتخاذ تدابير تحدّ من حرية التنقل بالنسبة للأشخاص المشكوك في أمرهم، والذين تمتعوا بإجراءات الإفراج المؤقت بمقتضى إذن قضائي صادر عن حاكم التحقيق.

وأوضح أن موقف المحكمة الإدارية لا يعني بالضرورة القبول الآلي لقضايا الطعن التي يرفعها المتضررون من الإجراء مشيرا إلى أن دراسة الملفات تتم حالة بحالة، وإذا قدّم المحامي ما يفيد بأن موكّله لا يمثل خطرا على الأمن مقابل تقديم وزارة الداخليّة لمؤيّدات منعه من التحرك بحرية، فإنّ المحكمة في هذه الحالة تقضي بمواصلة العمل بالإجراء.