تعافي الاقتصاد التونسي وتحقيق الاستقرار الأمني في البلاد يرتبطان أساسا بمدى استقرار الوضع السياسي والاقتصادي في ليبيا، وفق رأي الخبراء.
من جهته أكد وزير الشؤون الخارجية عثمان الجرندي أن عودة الاستقرار في ليبيا ستساهم في تقليص موجات الهجرة غير النظامية والبطالة في تونس.
وقال الجرندي في إجابته على أسئلة نواب الشعب يوم الاثنين 01 مارس 2021 “إن استقرار الجارة الشرقية ليبيا سيعود بالنفع على تونس، إذ سيعرف الاقتصاد الليبي انتعاشة إضافة إلى خلق مواطن شغل من شأنها التقليص في نسبة البطالة وظاهرة الهجرة غير النظامية بتونس” وفق تقديره.
إعادة إعمار ليبيا
وقد سبق أن صرح سفير الاتحاد الأوروبي بتونس، “ماركوس كورنارو” أن إعادة إعمار ليبيا تمثل فرصة اقتصادية هامة لتونس.
وأكد السفير الأوروبي أنه إذا لم تستغل تونس الفرصة وتقوم بتنشط موانئها باتجاه طرابلس سيأتي غيرها ليفتك منها الفرص والمشاريع.
وأضاف أن تونس تحظى سنويا بدعم مالي يقدر بـ 300 مليون أورو وهو الأعلى بين دول الجوار وفق قوله مشيرا إلى أن الاتحاد يتابع تطورات الأزمة السياسية في البلاد دون التدخل فيها.
تونس تتكبد خسائر اقتصادية كبيرة
بعد خسائر ناهزت 5 مليار دولار بحسب بيانات ليبية رسمية أي أكثر من 11 مليار دينار تونسي، كانت له نتائج سلبية على مستوى فقدان التونسيين لمواطن شغلهم في ليبيا.
الخسائر لم تقتصر على اليد العاملة والشركات فقط، بل وصلت إلى المبادلات التجارية، حيث تراجعت صادرات تونس إلى ليبيا بنسبة تفوق 50 بالمائة منذ 1 جانفي إلى غاية 9 نوفمبر 2020 بسبب الاضطرابات الناجمة عن تأثيرات جائحة كوفيد- 19، كما تراجعت عائدات قيمة صادرات الغلال التونسية في اتجاه ليبيا التي تستقطب ما يقارب 70 بالمائة من مجموع الصادرات التونسية، لتبلغ أكثر من 28 مليار دينار، من 1 جانفي إلى 9 نوفمبر 2020، مقابل حوالي 60 مليار دينار، خلال نفس الفترة من سنة 2019 حسب ما نشره المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين الليبين.
من جانبه كان محافظ البنك المركزي مروان العباسي قد أكد في تصريحات صحفية سابقة، أن حجم المبادلات التجارية مع ليبيا بلغ في 2019 قارب 1.7 مليار دينار والنسبة ارتفعت بشكل ملحوظ مقارنة بسنتي 2017 و2018، إلا أنها لم تبلغ المستويات المسجلة خلال سنة 2010.
وكشف العباسي إن ليبيا كانت بعد الاتحاد الأوروبي أهم شريك اقتصادي بالنسبة لتونس، مشيرا إلى أن قرابة 150 ألف تونسي كانوا يشتغلون في ليبيا وبلغت تحويلاتهم 60 مليون دينار في الشهر لعائلاتهم في تونس، ومنذ السنوات الاخيرة لم تسجل أي تحويلات تذكر، داعيا القطاع الخاص إلى الاستعداد للفترة القادمة لإعادة الإعمار في ليبيا.
تونس أمام فرصة تاريخية لرفع صادراتها مع ليبيا
وفق المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين الليبيين، تونس أمام فرصة تاريخية لرفع صادراتها والفوز بعقود إعادة الإعمار في ليبيا.
وفي مقال نشره المجلس يوم 15 فيفري 2021، فإن أكثر من 6000 باعث عقاري سيستفيدون من عقود إعادة الإعمار في ليبيا.
وأكد “أن تونس باتت خلال سنة 2021 أمام فرصة جديدة لإعادة تموقعها في السوق الليبية التي خسرتها منذ نحو 10 سنوات ، بعد خسائر ناهزت 5 مليار دولار بحسب بيانات ليبية رسمية أي أكثر من 11 مليار دينار تونسي، وهو رقم كانت له انعكاسات سلبية للغاية على مستوى فقدان التونسيين لمواطن شغلهم في ليبيا، بالإضافة إلى إغلاق المئات من الشركات التونسية وتحويل أنشطتها إلى دول أخرى”.
اجتماع اقتصادي مشترك بين البلدين
توجه يوم السبت 27 فيفري 2021، وفد اقتصادي تونسي برئاسة غرفة التجارة بصفاقس إلى العاصمة الليبية طرابلس، وذلك في إطار زيارة عمل يقوم خلالها بمباحثات مع المسؤولين الليبيين تتعلق بالتعاون الاقتصادي.
وجاءت هذه الزيارة بين أعضاء الوفد التونسي ونظرائهم من أصحاب الأعمال الليبيين من أجل تفعيل الحراك الاقتصادي بين البلدين.
يذكر أن هذه الزيارة جرت بالترتيب مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة طرابلس التي تربطها بغرفة التجارة والصناعة بصفاقس اتفاقية تعاون مشترك.
كما ستكون هذه الزيارة الاقتصادية، مناسبة للتحضير لمشاركة وفد اقتصادي رفيع المستوى من ليبيا في الدورة القادمة للصالون المتوسطي للبناء “ميديبات”، الذي تنظمه غرفة التجارة والصناعة لصفاقس من 6 إلى 9 أكتوبر القادم.
هذا ويشدد خبراء الاقتصاد أن وصول اللقاح إلى تونس وعودة العلاقات مع ليبيا، سيساهم في تراجع الأزمة الاقتصادية الحالية، كما أن عودة الاستثمار في مجال النفط والطاقة بين البلدين، سيحقق إيرادات مهمة لتونس.