تعتبر مسألة تفاقم ديون تونس الأزمة الأبرز في المجال الاقتصادي لارتباط ذلك بمختلف عناصر المنظومة الاقتصادية والاجتماعية حيث ارتفعت المديونية العمومية منذ بداية سنة 2021، لتبلغ أرقاما صادمة وغير مسبوقة تضع تونس على حافة خطر التداين المشط.

أرقام صادمة عن المديونية العمومية في تونس

أفاد الخبير الاقتصادي، عز الدين سعيدان، في تصريح لـ”JDD” بأن الدين العمومي لتونس تجاوز اليوم 100 بالمئة بعد أن كان يساوي 40 بالمئة من حجم الاقتصاد سنة 2010 وذلك دون احتساب 16 نقطة من الناتج المحلي الإجمالي التي تقدمها الدولة في شكل ضمانات للمؤسسات العمومية، موضحا أن الدّين العمومي ينقسم إلى قسمين 72 بالمئة دين خارجي و28 بالمائة داخلي من البنوك التونسية.

وبين سعيدان أن الدّين الخارجي الإجمالي تجاوز 110 بالمئة ما يجعل تونس تدخل مرحلة التداين المشط أي عدم قدرتها على مواصلة تسديد ديونها بشكل طبيعي.

المخاطر

وأكد عز الدين سعيدان أن البلاد التونسية باتت مهددة بمخاطر عدة على غرار إعادة جدولة ديونها ودخولها في مفاوضات من شأنها أن تمس من سيادتها الوطنية وتجعلها تتلقى إملاءات من جميع الدائنين وليس من صندوق النّقد الدّولي فقط، إضافة إلى إمكانية تعرضها إلى هزّات اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة كتدهور قيمة العملة وارتفاع التضخم المالي الذي يؤدي بدوره إلى اهتزاز كل التوازنات، وفق تعبيره.

وأشار سعيدان إلى أن إعادة اقتراض تونس من صندوق النقد الدولي بات وفق شروط متمثلة أساسا في ضرورة اعتمادها خطى جدية بخصوص كتلة الأجور في الوظيفة العمومية وصندوق التعويضات، على حد قوله.

موديز تخفّض تصنيف تونس إلى B3

واعتبر سعيدان أن ما أعلنت عنه وكالة موديز للتصنيف الائتماني، في بيانها الصادر يوم الثلاثاء 24 فيفري 2021، بخصوص تخفيض تصنيفها المتعلق بالإصدار الطويل الأجل للعملة الأجنبية والمحلية لتونس من B2 إلى B3، يفسر أن البلاد التونسية ستسير نحو الأسوأ إذا لم تتم المراجعة وإيجاد حلول جذرية لتجاوز الأزمة الاقتصادية.

وأوضح نص البيان أن “هذا التصنيف يعكس ضعف الحوكمة في مواجهة القيود الاجتماعية المستمرة التي تمنع بشكل متزايد مرونة الحكومة في تنفيذ التعديل المالي وإصلاحات القطاع العام التي من شأنها أن تحقق الاستقرار وتعكس الزيادة الملحوظة في عبء ديونها في نهاية المطاف”.

وللتذكير فقد قامت الوكالة في شهر أفريل 2020، بوضع تصنيف تونس B2 “قيد المراجعة نحو التخفيض فيه”.

تصنيف “فيتش”

من جهتها أفادت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في تقرير صدر خلال شهر نوفمبر 2020، أنها عدّلت نظرتها لتونس من مستقرة إلى سلبية، مع الإبقاء على تصنيفها الائتماني طويل الأجل عند “B”.

وبينت الوكالة الأميركية، أن التوقعات السلبية تعكس تفاقم مخاطر السيولة المالية والتدهور الحاد في المالية العامة وبيئة الاقتصاد الكلي، الناجمة عن صدمة جائحة فيروس كورونا.

وتتوقع فيتش اتساع عجز الحكومة المركزية إلى 10.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، من 3.3 بالمئة في 2019، بما يتماشى بشكل عام مع هدف مشروع الموازنة التكميلية، وفق ما نقلته “الأناضول”.

تفاقم المديونية في تونس من شأنه أن يؤدي بها إلى مرحلة تكون فيها عاجزة عن تسديد ديونها ما يضطرها إلى إعادة جدولة ديونها، ورغم تحذيرات خبراء الاقتصاد إلا أن الدولة ما زالت تواصل عملية التداين ما من شأنه أن يؤدي بها إلى الإفلاس.