فجرت قضية اعتقال الناشطة الحقوقية رانية العمدوني إثر مشاركتها في وقفة احتجاجية بالعاصمة، مطالبة بإطلاق سراح موقوفين خلال التحركات الليلية الأخيرة، مخاوفا من عودة ممارسات النظام السابق، وتغول المؤسسة الأمنية، على حساب قمع الحريات، التي جاءت بها ثورة الحرية في تونس.
وقضت محكمة الناحية بتونس، اليوم الخميس 4 مارس 2021، بإدانة الناشطة الحقوقية، رانية العمدوني، بالسجن 6 أشهر مع النفاذ العاجل، وفق ما أكده لـ”JDD” المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات مروان جدة.
وتم الاحتفاظ برانية العمدوني، نهاية الأسبوع المنقضي، وإصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقها، لدى تقدمها بشكوى لدى أحد مراكز الأمن بالعاصمة، إثر تعرضها للمضايقة والهرسلة من قبل نقابيين أمنيين، فيما تم توجيه عدد من التهم لها تتمثل أساسا في “التجاهر بما ينافي الحياء” و”الاعتداء على الأخلاق الحميدة” و”هضم جانب موظف عمومي، أثناء القيام بوظيفته” وهي “تهم تافهة” وفق ما بينه محدثنا.
وشاركت الناشطة الحقوقية الموقوفة، في سلسلة الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها العاصمة مؤخرا، والمنادية بإطلاق سراح الشبان الموقوفين خلال التحركات الليلية التي شهدتها البلاد، بشكل متزامن في مختلف الجهات تزامنا مع الذكرى العاشرة لثورة 14 جانفي 2021، والتي شهدت بدورها مشاحنات بين عناصر الأمن والشباب المحتج الذي عمد إلى رشق الوحدات الأمنية، بالطلاء الملون في حركة احتجاجية رمزية.
تهمة جاهزة للجميع
ومع تواصل هذه الممارسات، يخشى الشارع التونسي عودة دولة القمع والديكتاتورية، التي غيبت الحقوق والحريات طيلة 23 عاما، عايش فيها المجتمع التونسي الظلم والهرسلة، ومنعت فيها الاحتجاجات منعا باتا.
“فهضم جانب موظف عمومي” التي تعتبر تهمة جاهزة، لكافة المواطنين تجعل الأمنيين في نقطة قوة، للتحكم في التهم والأحكام، كما تجعل شهادته فوق الجميع وفق مروان جدة، الذي اعتبر أن توجيه هذه التهم للأشخاص، لا يليق بتونس بعد عشر سنوات، على الثورة ضد النظام، معتبرا أن ذلك يمثل عودة إلى ممارسات القمع والسبب الرئيسي لتغول الأمنيين، يعود أساسا إلى سياسة الإفلات من العقاب، ففي كل حادثة مشابهة لا تقع المحاسبة وتبقى التحقيقات مفتوحة دون البت فيها وفق محدثنا.
تلفيق التهم
من جهتها اعتبرت الناشطة الحقوقية، مريم بريبري في تصريح لـ”JDD” أن ممارسات دولة البوليس، لم تتوقف مطلقا منذ الثورة مبينة أن الأمر يتعلق بانتهاج طريقة جديدة، و”تكتيك” و”لعبة سياسية” لفرض السلطة، وبينت أن الإشكال اليوم يتمثل أساسا في تلفيق التهم التي وصفتها بـ”التافهة”.
وأشارت المتحدثة إلى أن رانية العمدوني، تتعرض بصفة يومية للاعتداء اللفظي والمعنوي والتنمر، وهو ما دفعها إلى التوجه إلى إحدى المراكز الأمنية، بالعاصمة لتقديم شكوى ضد أمنيين قاموا بهرسلتها لتجد نفسها موقوفة وصادرة في حقها بطاقة إيداع بالسجن، من أجل “التجاهر بما ينافي الحياء” و”الاعتداء على الأخلاق الحميدة”، وهي لا تعتبر جرائم خطيرة تتطلب الإيقاف وفق تقديرها.
ذراع من أذرع السلطة والأحزاب السياسية
وكشفت البريبري أن الاعتداءات بالعنف، التي طالت محتجين وحقوقيين تفاقمت اليوم، بعد 10 سنوات من الثورة نتيجة رفض المؤسسة الأمنية، للاحتجاجات الأخيرة وأشكالها واعتبار التحركات الاحتجاجية إهانة لهم، وهو ما اتضح خاصة، إثر الاحتجاجات الرافضة لقانون زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح.
وبينت المتحدثة أن الأمنيين يعتبرون أنفسهم اليوم السلطة الحاكمة، التي يجب الانصياع لأوامرها، كما يعتبرون أنفسهم ذراع من أذرع السلطة، والأحزاب السياسية اليمينية، وهو ما تجلى خلال مسيرة حركة النهضة، التي أمنتها القوات الأمنية، في حين تعاملت مع الاحتجاجات الحقوقية بطريقة مختلفة، تماما بالرغم من أن هذه الاحتجاجات عبرت عن مشاغل كافة المواطنين، وتدافع عن حقوق الجميع، فضلا عن الأمنيين في حين أن الأحزاب السياسية خرجت إلى الشارع، لتدافع عن شرعيتها الانتخابية.