استفاق العالم في يوم الثلاثاء 23 مارس 2021 على وقع أزمة غير مسبوقة شلت حركة الملاحة العالمية بعد انحراف سفينة عملاقة وجنوحها لتقوم بسد قناة السويس التي تعتبر أحد أهم الممرات الملاحية في العالم وأكثرها اكتظاظا بالسفن.

وبعد مرور أكثر من 5 أيام على الحادثة دون الوصول إلى حل لتعويم هذه الناقلة الضخمة بدأ القلق يتزايد حول مصير شريان التجارة العالمي ومصير طابور السفن المتكدسة على حافتي القناة الذي وصل إلى 321 سفينة، ومليارات الدولارات التي خسرها العالم بسبب هذه الأزمة.

أسباب الأزمة

حسب رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع فإن سبب جنوح سفينة الحاويات “إيفر غيفن” كان على الأرجح نتيجة خطأ فني أو بشري، في الوقت الذي تقول مصادر أخرى أن السبب هو سوء الأحوال الجوية، بعد هبوب رياح قوية وعاصفة ترابية.

السفينة التي يبلغ طولها 400 متر وعرضها 59 مترا كانت محملة بحوالي 224 ألف طن، في رحلتها من الصين باتجاه مدينة روتردام الهولندية عبر قناة السويس لكن جنوحها تسبب في إغلاق حركة الملاحة في القناة ليطلق العالم صافرات الإنذار ويعرض المساعدة على مصر من أجل الإسراع في عملية التعويم التي تقوم بها حاليا البلاد عبر استخدام قاطرات شد عملاقة، وبالتعاون مع شركات دولية مختصة في أعمال الإنقاذ البحري.

الخسائر المالية

بإلقاء نظرة سريعة على القيمة التقريبية للسلع التي يتم نقلها عبر قناة السويس كل يوم نجد أنها تقدر بحوالي 400 مليون دولار وذلك يعني أن العالم يخسر هذا المبلغ كل يوم مع تواصل استمرار أزمة السفينة العملاقة “Ever Given” وانسداد القناة.

من جهة أخرى فإن الحادثة من المنتظر أن تلقي بظلالها على التجارة العالمية، وبشكل خاص على شركات الشحن وشركات التأمين بحكم أن السفينة تحمل بضائع بقيمة 89 مليون دولار، وتنذر بخسائر قد تصل إلى 40 مليار دولار.

هذا بالإضافة إلى تسببها في ارتفاع أسعار النفط حول العالم بمتوسط 6% وما يقارب 3 دولارات بعد يوم فقط من جنوح السفينة، ويعتبر ذلك طبيعيا جدا بحكم أن الأرقام تشير إلى أنه يتم نقل ما بين 5٪ إلى 10٪ من إجمالي النفط المحمول بحرا عبر قناة السويس.

أهمية قناة السويس

وتسلط هذه الأزمة الضوء على أهمية قناة السويس التي يعتمد عليها الاقتصاد المصري بشكل كبير، خاصة أنها تعد أقصر الطرق بين قارات العالم القديم أفريقيا آسيا وأوروبا حيث يمر عبرها حوالي 12% من حجم التجارة العالمية بالإضافة إلى نقل 10% من إمدادات النفط العالمية، وحسب تقديرات الغرفة الدولية للنقل البحري فإن البضائع التي تمر يوميا عبر قناة السويس تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار.

القناة التي شارك في حفرها مليون مواطن مصري والتي يبلغ طولها 193 كيلومترا بدءا من ميناء بورسعيد ووصولا إلى السويس تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط وقد تم افتتاحها رسميا في عام 1869، لتصبح بعد ذلك هذه القناة إحدى أهم الركائز التي يقوم عليها الاقتصاد المصري حيث تدرّ على البلاد أكثر من 5 مليار دولار سنويا.

وبالنسبة للأزمة الحالية التي تتواصل على مدى أكثر من 5 أيام فإن آمال الحل تبقى معلقة على محاولة تعويم السفينة، وفي حال تأخر ذلك فإن بعض السفن ستضطر إلى تحويل وجهتها واختيار ممرات أخرى أبعد من حيث المسافة ما سيكبدها خسائر فادحة تعمق الخسائر الحالية التي سببها تعطل الملاحة البحرية في قناة السويس.