دعت الرئيسة المديرة العامة السابقة لشركة الخطوط التونسية، ألفة الحامدي في رسالة مطوّلة وجّهتها إلى رئاسة الجمهورية، الرئيس قيس سعيد إلى استعمال مختلف أدوات الإنقاذ بما فيها السلطة والأمن بما أنه على رأس السلطة التنفيذية لمحاربة الفساد فعلا لا قولا فقط بالعمل على إنقاذ المؤسسات الوطنية ذات الصبغة السياديّة في إشارة إلى “التونيسار”.

وأشارت الحامدي في رسالتها، التي نشرتها على صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، إلى أن رئيس الجمهورية تحدث مطولا عن الغرف المظلمة في حين أن الشعب ينتظر منه إنارة هذه الغرف، مبينة أنها اليوم، “بصفتها كفاءة تونسية شابة ذات تكوين تونسي وفرنسي وأمريكي، دخلت غرفة الخطوط التونسية المظلمة ساعية إلى الإصلاح دون شروط وحاولت إنارة هذه الغرفة المظلمة لكن قوى الظلام ولوبيات الفساد تغلبت على قوى الإصلاح”، وفق تقديرها.

“حاربوا الفساد فعلا لا قولا فقط، حاربوا الفساد بالعمل على إنقاذ المؤسسات الوطنية ذات الصبغة السياديّة”

وحملت الحامدي رئيس الجمهورية، مسؤولية إنقاذ شركة الخطوط التونسية كاملة، كما حملتها لحكومة هشام المشيشي والأحزاب الداعمة لها ولرئيس لجنة المالية هيكل المكي المنتمي إلى حزب حركة الشعب ونائب رئيس لجنة المالية عياض اللومي والمنتمي إلى حزب قلب تونس، الذين قالت إنها اتصلت بهم واستقبلتهم في مكتبها وأعلمتهم بوضعية الشركة، كما حملت المسؤولية أيضا إلى رئيس البرلمان راشد الغنوشي العليم بالوضعية الصعبة داخل الناقلة الوطنية.


وطلبت ألفة الحامدي، من رئاسة الجمهورية تحمل مسؤوليتها التاريخية لإنقاذ الناقلة الوطنية والمؤسسات العمومية وإنقاذ الاقتصاد الوطني.

وكشفت الرئيسة المديرة العامة السابقة للخطوط التونسية، أنها راسلت رئاسة الجمهورية قبل أسبوع من إعفائها من منصبها، لإعلام الرئيس بالوضعية الحرجة والخطيرة للخطوط التونسية وطلبت التدخل لاتخاذ قرار سيادي باعتبار أن الناقلة الوطنية مقوم من مقومات السيادة الوطنية وجزء من منظومة الأمن القومي، ورئيس الجمهورية المسؤول الأول عن حفظ السيادة الوطنية والأمن القومي، كما راسلت رئيس البرلمان بتاريخ 15 فيفري 2021.

وبينت أنه لم يقع الردّ على مراسلاتها ولم يتم إعارة أي اهتمام بالمواضيع الاقتصادية والحال أن الاقتصاد ركيزة من ركائز السيادة الوطنية وتونس اليوم على وشك فقدان سيادتها الوطنية إثر تراجع اقتصادها، وفق قولها.

“انهيار الخطوط التونسية “أول قطعة دومينو” في انهيار المؤسسات العمومية والاقتصاد التونسي وبالتالي انهيار الدولة”

واعتبرت ألفة الحامدي أن الحكومة الحالية لا نية لها في إنقاذ الخطوط التونسية، وتعمل إما على التفويت فيها أو أنها لا تملك من الكفاءة لتقدير أولويات تونس.

وحذرت الحامدي من أن انهيار الخطوط التونسية سيكون بمثابة “أول قطعة دومينو” في انهيار المؤسسات العمومية والاقتصاد التونسي وبالتالي انهيار الدولة والمنظومة الحالية وسيفتح الباب لبيع البلاد للداني والقاصي وبأبخس الأثمان، وفق تقديرها.

وبينت المتحدثة أن سقوط التونيسار سيضرب السيادة الوطنية والحال أن رئيس الجمهورية مطالب بـ”حفظ السيادة لهذا الوطن ولهذا الشعب قبل كل شيء”.

وكشفت الحامدي في رسالتها عن أكبر الأخطاء الاستراتيجية التي اعتبرتها ”ملفات فساد كبرى” داخل الخطوط التونسية ضمن العشرية الفارطة.

التفويت في طائرة رئاسية اقتناها الرئيس الراحل بن علي

تم التفويت في الطائرة الرئاسية التي اقتناها الرئيس الراحل بن علي لفائدة شركة الخطوط التركية سنة 2016، وفق الحامدي، وهي طائرة ملك الخطوط التونسية وللشعب التونسي، تم بيعها بخسارة كبرى تقدر بعشرات المليارات وهو ما تسبب في تعميق المشكل المالي للشركة بعد الثورة، وبينت المتحدثة أنه لا يمكن تفسير هذه الخسارة بأي طريقة موضوعية ولا وجود لتفسير يبرر أحقية المسؤولين آنذاك في بيعها، وفق تقديرها.


وأشارت إلى أنه تم فرض نقل الملايين من السياح على متن الخطوط التونسية بأسعار شبه رمزية مما مكن من دعم غير مباشر لقطاع السياحة من نزل ووكالات أسفار وفي هذا استعمال غير صالح للمال العام، إن لم نقل سرقة لأموال الشعب التونسي وتُقدّر خسائر ذلك بمئات المليارات.

كما تم حرمان الخطوط التونسية من أي شكلٍ من أشكال الدعم في فترة تفشي فيروس كورونا وهي الشركة الأكثر ضررا من الجائحة مما مسّ جاهزية أسطول الطائرات وعائدات الشركة وعمق مشكل الخطوط التونسية المالي، فيما تلقت قطاعات أخرى مثل النزل والسياحة دعما من أموال الشعب بالرغم من أنها قطاعات غير سيادية، لافتة إلى أن إجراءات الحجر الصحي الإجباري في بعض النزل مسّت أيضا من ديمومة الخطوط التونسية.

“اتحاد الشغل حارب كل محاولات الإصلاح وعطل مسار الإنقاذ”

كما أكدت الحامدي أن جل الاتفاقيات بين النقابات والإدارات العامة السابقة خلال العشر سنوات الأخيرة لم تكن عادلة بين الناس، مبينة أنها لاحظت جوا اجتماعيا مشحونا نتيجة ذلك، خلال زيارتها لجميع مراكز الخطوط التونسية في كامل تراب الجمهورية.

وبينت أن جزءً من النقابيين العاملين بالمؤسسة انخرطوا في ملفات فساد وتهريب ويلتجئون إلى العنف اللفظي والمادي تجاه كل من يقف أمامهم وهو ما يجعل العمل النزيه داخل الخطوط التونسية شبه مستحيل.


وغابت القوائم المالية للخطوط التونسية للثلاث سنوات الأخيرة ولا يعد ذلك خطأ بريئا بل هو بفعل فاعل، وفق تقديرها مؤكدة أنه كان سيتم نشر القوائم المالية لسنة 2018 بتاريخ 24 فيفري 2021 وهو موثق بأرشيف الخطوط التونسية.

كما حمّلت ألفة الحامدي، إفلاس الخطوط التونسية والأخطاء الإستراتيجية الكبرى التي وقعت خلال العشرية الفارطة للأطراف السياسية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي قالت إنه “حارب كل محاولات الإصلاح وعطل مسار الإنقاذ وأثر على المناخ العام داخل الشركة إضافة إلى فساد بعض أعضائه داخل الخطوط التونسية وغياب أدوات الردع داخل الاتحاد تجاه أعضائه الفاسدين”، وفق تعبيرها.

“النهضة متواطئة مع يوسف الشاهد في الاستغلال الفاحش للخطوط التونسية”

كما حملت الحامدي يوسف الشاهد وكل من تواطؤ معه في حكومته بما في ذلك حركة النهضة في الاستغلال الفاحش للخطوط التونسية دون رقابة وشفافية وبيع جزء من أملاك الشعب التونسي دون مبرر خاصة في الفترة المتراوحة بين 2016 و 2019.

كما أن المديرين العامّين والفريق المصاحب لهم مسؤولون عن إفلاس الشركة، خاصة بين سنوات 2017 و 2019 وذلك نظرا لسوء التصرف الواضح خلال هذه الفترة.

وبينت الحامدي أنه كان للخطوط التونسية مشاكل وملفات فساد من قبل ثورة 14 جانفي 2011 مرتبطة بالتجمع المنحل الذي بادر أيضا بالتفويت في الخطوط التونسية باستعمال برنامج تفريع غير متقن منذ سنة 2005 و هي مشاكل لم يتم التطرق إليها وهو ما زاد في تواصل هذه المشاكل وتفاقمها.

خطّة لإنقاذ “الغزالة”

وطرحت الحامدي على رئاسة الجمهورية، خطة لإنقاذ الناقلة الوطنية التي قالت إنها “جزء لا يتجزأ من الاقتصاد التونسي وحفظ السيادة الوطنية”.

وتتمثل محطات الإنقاذ المقترحة من قبل الرئيسة المديرة العامة السابقة للخطوط التونسية، في تحويل الناقلة الوطنية إلى شركة مصدرة كليا وإدراج المؤسسة تحت غطاء حماية المنشآت لوزارة الداخلية وإلغاء الضريبة على القيمة المضافة المفروضة على الخطوط التونسية وفروعها منذ سنة 2016 ، التي اعتبرت أنها ضريبة غير قانونية بمقتضى القانون الدولي.

كما تتمثل الخطة أيضا في نشر القوائم المالية للسنوات 2018، 2019 و2020 في أجل لا يتجاوز الثلاثة أشهر وضخ الدولة لمبلغ قدره 203 مليون دينار من أجل إصلاح الطائرات و خلاص بعض المزودين لتجنب تفعيل ضمان الدولة ولاستكمال خلاص الطائرات الجديدة التي من المنتظر وصولها هذه السنة مؤكدة أن توفير هذه الاعتمادات ممكن من قبل البرلمان، مشيرة إلى ضرورة توفر الإرادة السياسية.

“تسريح ما يقارب 1333 عامل للترفيع من الإنتاجية”

كما سيتم تسريح ما يقارب 1333 عامل للترفيع من الإنتاجية خاصة وأن نظام الجرايات داخل الخطوط التونسية ليس عادلا، فعلى سبيل المثال، يتقاضى عامل نظافة بشركة الخطوط التونسية للخدمات الأرضية في المنستير راتبا شهريا يبلغ 1589 دينارا وهو ما يتجاوز راتب مهندس داخل نفس الشركة، مشيرة إلى أنه لا وجوب لهذا الكم الهائل من العمال داخل الشركة مع تراجع عدد الرحلات والنشاط، وفق المتحدثة.

كما سيتم تحويل الشركة التونسية للخدمات الأرضية وهي فرع من فروع الخطوط التونسية لفائدة ديوان الموانئ والمطارات (OACA) مع إعادة مراجعة عقد العمل بين الخطوط التونسية وديوان المطارات مؤكدة أنها لاحظت العديد من الإخلالات المرتبطة بالسلامة وجودة الخدمات والعدل في التعامل مع الخطوط التونسية وشركات الطيران الأخرى، كما دعت الحامدي إلى نقل جميع الرحلات إلى مطار النفيضة قبل موفى شهر أفريل وقبل بداية موسم الصيف مع إحداث بعض التغييرات على المطار من ذلك تسهيل ربط المطار بوسائل النقل البري وجعل ممر خاص بالتونسيين وآخر خاص بالجنسيات الأخرى على غرار البلدان المجاورة وتشجيع الخواص وخاصة الشباب على الاستثمار في الأراضي القريبة من المطار بما في ذلك بناء نزل ومقاهي ومطاعم ومراكز أعمال بطريقة منظمة وعصرية ثم غلق مطار تونس قرطاج وجعله مطارا خاصا فقط بالرحلات الحكومية والرئاسية.

كما نبهت الحامدي إلى أنه لا مجال اليوم للحديث عن بناء مطار جديد بأوتيك أو ربط الجنوب بالشمال بقطار، خاصة وأنه توجد مطارات في الجنوب والشمال، داعية في هذا الإطار إلى فتح رحلات جوية قارة بين مطاري ڤابس-مطماطة وطبرقة وهو ما من شأنه أن يربط الشمال بالجنوب بأقل التكاليف ودون التفويت في مال الشعب وتعطيل مصالحه.

كما تشمل خطة الحامدي انتداب شبان جدد في بعض الخدمات الحساسة منها خدمات الضيافة داخل الطائرة والتقليص في سلك المضيفين والمضيفات داخل الخطوط التونسية، علما وأن قرابة 20 بالمائة ، من هذا السلك فاقد لمعاني أخلاقيات المهنة ولا يحترم المسافرين خاصة التونسيين بالخارج منهم، وفق الحامدي التي أكدت أن الخطوط التونسية ليست في حاجة إلى هذا العدد الهائل من المضيفين.

“برنامج تجاري حديث للتونسيين بالخارج والأفارقة من أجل نجاح الخطوط التونسية”

ودعت إلى الترفيع في جودة الخدمات والعمل على برنامج تجاري حديث للتونسيين بالخارج والأفارقة من أجل نجاح الخطوط التونسية، وسيكون هذا البرنامج مرتكزا بالأساس على الانفتاح على القارة الإفريقية ولا مبرر اليوم بعد عشرية “شبه كارثية” في علاقة بالسياحة لأن نعيد أخطاء الماضي، وفق تعبيرها.

كما دعت إلى العرض على جميع المساهمين في الخطوط التونسية من دولة وشركات عمومية وخواص إلى المساهمة في التمويل كما تفعل الدولة أو عرض أسهمهم للبيع، مشيرة إلى أن الخطوط الفرنسية شريك في الخطوط التونسية منذ عقود ولها في هذه الحالة إما المساهمة في إنقاذ الخطوط التونسية بدفع مبلغ مالي يتم تقديره وفق معايير علمية أو مغادرة الشركة واسترجاع الدولة لأسهمها.

كما تتضمن خطة الإنقاذ بيع نسبة 15 بالمائة من أسهم الخطوط التونسية للعموم ليتمكن الشعب التونسي من شراء هذه الأسهم من خلال البورصة وتفعيل مبدأ الشفافية، وفق الحامدي التي أكدت أنها عارضت محاولة لسحب الخطوط التونسية من البورصة، معتبرة أن مساهمة التونسيين وكل طرف خاصّ في شراء أسهم هو مفتاح حقيقي لإنقاذ المؤسسات العمومية وهو خير تطبيق لشعار “الشعب يريد”.

كما دعت الحامدي إلى إعادة النظر في برنامج التفريع للمجمع والنظر في فتح فروع جديدة ذات قيمة مضافة بإمكانها استقطاب مصادر تمويل جديدة، بالإضافة إلى المراجعة الكاملة لنظام الانتداب وحقوق العاملين داخل الخطوط التونسية وإيقاف نزيف استعمال السلطة السياسية للناقلة الوطنية دون مراقبة واستعمال منظومة رقمية عصرية.