تلقت الممرضة العاملة بقسم الإنعاش بمستشفى عبد الرحمان مامي محرزية الهمامي، البالغة من العمر 54 عاما، اليوم السبت 13 مارس 2021، أول جرعة من لقاح “سبوتنيك V” الروسي المضاد لكورونا، بمركز التلقيح بقبة المنزه، لتكون بذلك أول شخص يتلقى التطعيم في تونس، مع انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد كوفيد- 19.

وكانت الحملة الوطنية للتطعيم باللقاح ضد كورونا، قد انطلقت صباح اليوم السبت 13 مارس 2021، بكامل تراب الجمهورية حيث تمّ تخصيص 25 مركزا جهويا للغرض فيما غابت الرئاسات الثلاثة عن هذه الحملة، وهو ما يثير شكوك التونسيين المتخوفين من التلاقيح ومدى سلامتها ونجاعتها.

وكانت تونس قد تحصلت على دفعة أولى من لقاح “سبوتنيك v” الروسي، تمثلت في 30 ألف جرعة، فيما ينتظر أن تصل دفعات أخرى من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، خلال الشهر الجاري.

وتستهدف الحملة الوطنية للتلقيح في مرحلة أولى، العاملين في القطاع الصحي البالغ عددهم 120 ألف شخص، لكن 50 بالمائة منهم فقط مسجلون بمنصة “e-vax”.

تأكيد لشبهات تلقي اللقاحات؟

وأمام عزوف التونسيين عن تلقي اللقاح وضعف المسجلين بمنصة “إيفاكس”، لتلقي اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، الذي بلغ، اليوم السبت 13 مارس 2021 ، 537918 ألف مسجل، كان على السلطة العليا في البلاد على غرار رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو رئيس البرلمان، أو حتى وزير الصحة، القيام بحركة رمزية لبث الثقة لدى المواطنين وتشجيعهم على الانخراط في حملة التطعيم، عبر تلقي أول جرعة من اللقاح، على غرار ما شهدته عديد الدول حول العالم، التي انطلقت في حملات التطعيم منذ ديسمبر 2020، وفق ما ذكره عياشي الزمال رئيس لجنة الصحة بالبرلمان، في تصريح لـ”JDD”.

وأشار محدثنا إلى أنه على المسؤولين، اغتنام هذه الفرصة، لدحض الشبهات التي طالتهم، بخصوص تلقيهم لقاحات كانت الدولة التونسية قد تحصلت عليها كهبة من الإمارات مؤخرا، وأثارت جدلا واسعا.

وكانت رئاسة الجمهورية قد أعلنت، مؤخرا، عن تلقيها ألف جرعة من لقاحات مضادة لكورونا من دولة الإمارات كهبة، وتم توجيهها إلى إدارة الصحة العسكرية، ورافقت هذا الإعلان موجة من الانتقادات، خاصة بعد تداول معلومات تفيد بتلقي مسؤولين وسياسيين في تونس لهذه اللقاحات خلسة وهو ما أثار جدلا داخل الرأي العام التونسي.

ونفت الرئاسات الثلاث تلقي أي مسؤول للقاحات المذكورة، فيما نفى سياسيون آخرون هذه الرواية.

وتلقى كل من عضو اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا جليلة بن خليل، والعضو السابق سمير عبد المؤمن، الجرعة الأولى من لقاح كورونا، بمراكز التلقيح، فيما لم يتم الإعلان إلى حد الآن، عن تلقي أي مسؤول في الدولة لا من رئاسة الجمهورية ولا من رئاسة الحكومة أو البرلمان أو غيرها، اللقاح تشجيعا للتونسيين، وهو ما يثير التساؤل.

أزمة الثقة في الدولة!

تغافُلُ مسؤُولي الدولة في تونس، عن هذه النقطة الاتصالية الهامة، وإن كانت في ظاهرها رمزية، إلا أنها تمثل تشجيعا للتونسيين سواء من الإطارات الطبية أو المواطنين، حيث أن التونسي يتأثر بعامل التقليد، فمشاهدة رئيس الجمهورية أو عديد المسؤولين بصدد تلقي اللقاح، قد يعطي صورة إيجابية للتونسيين كما يمثل حافزا لهم من أجل الإقبال على عملية التطعيم، وفق ما أكده الباحث في علم الاجتماع سامي نصر لـ”JDD”.

وبين محدثنا أن للشخصيات العامة أو المشاهير، دور هام في التأثير على الرأي العام، ويمكن استغلال هذه النقطة لتشجيع التونسيين على تلقي اللقاح، تجسيدا لما يعرف بـ “سوسيولوجيا الجمهور”، ورفع اللبس والريبة لدى التونسيين الذين يرفضون تلقي التلقيح.

وكشف استطلاع علمي أعدته مؤسسة “إمرود كونسلتينغ”، بالتعاون مع وزارة الصحّة، مؤخرا، أن 44 بالمائة من التونسيين المستجوبين الذي شمل عددهم 1720 شخصا من مختلف الشرائح، يرفضون تلقي التلقيح.

وعن دلالات هذا العزوف المسجل لدى التونسيين، بيّن المختص في علم الاجتماع، أنه يمكن فهم العزوف كمؤشر على مشاكل اجتماعية يشهدها التونسيون، والتي تتلخص في أزمة الثقة في الدولة سواء في رموزها أو قراراتها، مبينا أن تونس تشكو من أزمة اتصالية حادة.