صحيفة الأحد – Jdd Tunisie

ريفيات في تونس ضحايا عمل غير مهيكل

معاناة كبيرة تواجهها المرأة التونسية العاملة بالوسط الريفي بشكل يومي خصوصا في ما يتعلق بطريقة تنقلها من منزلها إلى مكان عملها بسبب تدهور حالة الطرقات وعدم وجود وسائل نقل تضمن سلامتها، هذه العوامل تضعها وجها لوجه مع الموت ورغم أنها تساهم في ضمان أكثر 30 بالمائة من الأمن الغذائي إلا أنها لم تحظى إلى غاية اللّحظة بالرعاية اللاّزمة من الدولة ولم يتم هيكلة عملها ولا تقديم ضمانات لها لتوفير أبسط مقومات العيش الكريم.

عمل غير منظّم

أكدت المختصة في علم الاجتماع، لطيفة التاجوري، في تصريح لـ”JDD”، أن عمل المرأة في المجال الريفي غير منظم وغير مهيكل ولايحمي كرامتها وسلامتها، موضحة أن النساء لا يزلن إلى غاية اليوم يتنقلن في ظروف قاسية وخطيرة حتى أن هن أحيانا يدفعن حياتهن في سبيل لقمة العيش، إضافة إلى تعرضها إلى سوء المعاملة والعنف اللفظي والاقتصادي والتحرش الجنسي، وفق تعبيرها.

ونددت لطيفة التاجوري بعدم المساواة بين المرأة والرجل في الأجر، حيث أنها تعمل أكثر لكنها تتقاضى أقل من الرجل، إضافة إلى عدم تمتعها بالتغطية الصحية والاجتماعية ولا تتوفر لديها موارد اقتصادية رغم استنزاف صحتها وجهدها بشكل يومي، ما من شأنه أن يخلق تداعيات خطيرة تهدد حياتها.

حقوق مهدورة

وبينت المختصة في علم الاجتماع أن المرأة العاملة في الوسط الريفي لا تتمتع بنفس حقوق المرأة العاملة في المجال الحضري خاصة في ما يتعلق بالموارد الاقتصادية ومصادر التمويل وتوفير وسائل نقل تضمن تنقلها إلى مكان عملها أو إلى المرافق العمومية كالجامعة أو البنك أو المرافق الصحية حتى أن العديد من النسوة كُنَّ يلدن في الطريق أو يمتن قبل وصولهن إلى المستشفى.

وأكدت لطيفة الماجوري ضرورة توفير الظروف الآمنة للمرأة الموجودة في المجال الريفي من أجل ضمان سلامتها خاصة أثناء تنقلها إلى العمل على غرار تعبيد المسالك المؤدية إلى العمل وتوفير وسائل نقل لضمان سلامتها وعدم تكرر مثل تلك الحوادث التي شهدتها البلاد التونسية في الآونة الأخيرة في الأوساط الريفية.

جائحة كورونا

من جانبه أكد عضو اللجنة العلمية لكوفيد 19 والأستاذ الجامعي، مهدي مبروك، في تصريح لـ”JDD”، أن ”منظومة احميني” التي تهدف إلى إدراج المرأة في التغطية الصحية لم تستطع الوصول إلى معظم النساء الريفيات.

وقال مهدي مبروك إن المنظمة العالمية للصحة صنفت النساء الريفيات، على أن هن الفئة الأكثر هشاشة حيث تضاعفت معاناتهن 3 مرات بسبب تراجع الأنشطة الفلاحية والزراعية وحركتي التنقل والتسويق إلى جانب تعرضهن إلى العنف الزوجي والإهانة وذلك لتقلص مواردهن المالية وتراجع أجورهن وقدرتهن على الإنفاق.

حوادث قاتلة

لا يمكن الحديث عن معاناة المرأة الريفية وتعرضها في معظم الأحيان إلى حوادث قاتلة، دون الحديث عن ما تعرّضت له 36 عاملة فلاحية بعد حادث انقلاب شاحنة في ولاية القيروان سنة 2018، تسبب في وفاة شخص وإصابة 14 آخرين من بينهم 12 عاملة فلاحية وذلك بعد يوم واحد من العيد الوطني للمرأة الريفية الموافق لـ 15 أكتوبر.

وفي 28 أفريل 2019، استيقظت ولاية سيدي بوزيد على فاجعة خبر وفاة 12 شخصا بينهم 7 عاملات في قطاع الفلاحة وأطفالهن، فيما أصيب 19 آخرين أغلبهن من قرية واحدة.

هذا وتسبب حادث مروري وقع في شهر ديسمبر المنقضي بمعتمدية منزل شاكر بتونس إلى وفاة 6 أشخاص وإصابة 7 آخرين بجروح من بينهم عاملات فلاحيات كن في طريقهن لجني الزيتون.

أحداث عديدة راحت ضحيتها نساء كادحات اخترن من العمل الفلاحي وسيلة للحصول على قوتهن وقوت عائلاتهن دون التفكير فيما قد يصيبهن بسبب فشل حكومات متعاقبة في اعتماد استراتيجية واضحة قصد إيجاد حلول جدية تنهض بهذه الفئة الاجتماعية التي باتت وضعيتها هشة خاصة مع اجتياح فيروس كورونا لتونس وتأثيره سلبا على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي.

ورغم أن نشاطها حيوي ويلعب دورا محوريا في توفير الأمن الغذائي إلا أنها ما زالت إلى غاية اليوم مهمشة ودون إحاطة، وتعمل في ظل غياب قانون يحميها ويهيكل عملها داخل الأرياف.

الخروج من نسخة الهاتف المحمول