ارتفع عدد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى السواحل الإيطالية انطلاقا من تونس بشكل ملحوظ ليبلغ 558 مهاجرا على الأقل، خلال شهري جانفي وفيفري 2021 مقابل 94 مهاجرا في الفترة نفسها من سنة 2020 و31 مهاجرا سنة 2019، حسب تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
إلى جانب الارتفاع غير المسبوق في عدد الواصلين ورحلات الهجرة في هذه الفترة من العام التي يكون فيها المناخ باردا وتتقلص فيها عمليات “الحرقة”، فإن مشاهد غير مألوفة وثقها فيسبوك خلال الأشهر الأخيرة تظهر صعود نساء وأطفال وعائلات بأكملها على متن القوارب في اتجاه الضفة الشمالية من المتوسّط.
الهجرة مشروع عائلي
وأكّد الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر لـ”JDD”، اليوم الثلاثاء 2 مارس 2021، أنّه إلى جانب الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تدفع بمئات التونسيين إلى اختيار رحلة المجهول فإن العائلات اكتسبت نوعا من الثقافة القانونية وأصبحت تعي أنه بوجود قاصر أو امرأة تكون عملية الترحيل صعبة وبالتالي تكون حظوظهم في الاستقرار في أوروبا أوفر.
وأشار بن عمر إلى أنّ عمليات الترحيل القسري للمهاجرين غير النظاميين تشوبها خروقات قانونية وانتهاك صريح لحقوق وحريات المرحلين حيث يتعرّض المهاجرون إلى استخدام مفرط للقوة، والتعذيب وسوء المعاملة.
وأكّد أنّ قرار الترحيل غير قابل للطّعن حيث لا يحظى المهاجرون بالترجمة المحايدة ولا الدعم القانوني المناسب ليتم بعد ذلك طردهم جماعيًا في مخالفة صريحة للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
أي تفسير للظاهرة؟
أرجع رمضان بن عمر ارتفاع منسوب الهجرة العائلية إلى المناخ السياسي المرتبك والهشّ، والذي لم يلبِ طموحات التونسيين لتجد العائلات نفسها في حالة اجتماعية واقتصادية ونفسية صعبة بعد أن انسدت آفاق الأمل أمامها وأمام أبنائها.
وأضاف أن الهجرة باتت منهجية للاحتجاج على الأوضاع عند حصول أي حدث سياسي أو ارتباك على مستوى الحكم ولم يعد مستغربا ظهور دعوات إلى الهجرة الجماعية عبر البحر، احتجاجا على قرارات حكومية غير منصفة.
وأوضح أنّ تشديد العقوبات والرقابة الأمنية لم تمنع تنامي حلم الهجرة إلى أوروبا، لأن جذور الظاهرة ببساطة تتلخّص في حالة النمو اللاّمتكافئ بين ضفتي المتوسط والأسلوب غير الإنساني الذي تتعامل به الدول الأوروبية مع نظيراتها في شرق المتوسط، حيث تركّز دول الاتحاد الأوروبي أساسا على المسألة الأمنية في مجابهة ما تعتبره أنظمتها اليمينية خطرا متناميا، دون اكتراث بمسألة التنمية المشتركة العادلة، حسب بن عمر.