دعوات متعددة ومتصاعدة لرفع الحصانة البرلمانية عن نواب تتعلق بهم قضايا فساد سواء كانت مالية أو جزائية أو إدارية لكنها لا تزال إلى غاية اليوم معلقة وأحكامها حبرا على ورق في ظل عدم رفع الحصانة، رغم تعهد القضاء التونسي بعديد الملفات حول شبهات فساد تتعلق بنواب سابقين أو جدد موجودين تحت قبة البرلمان.

وتعتبر الحصانة البرلمانية امتيازا دستوريا للنواب وشكلا من أشكال الحماية القانونية والسياسية وتعني عدم مسؤولية النواب عن الآراء التي تنبثق عنهم أثناء ممارسة وظائفهم البرلمانية، بحيث لا يجوز اتخاذ أي إجراء جنائي ضدهم.

الحصانة البرلمانية ترفع في هذه الحالة!

يتمتع نائب مجلس نواب الشعب بالحصانة البرلمانية وفقا للفصل 68 من الدستور حيث ينص هذا الفصل على أنه ”لا يمكن إجراء تتبع قضائي مدني أو جزائي ضد عضو بمجلس نواب الشعب أو إيقافه أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها أو أعمال يقوم بها في ارتباط بمهامه النيابية.

كما ينص الفصل 69 من الدستور كذلك على أنه ”إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائية كتابة فإنه لا يمكن تتبعه أو إيقافه طيلة مدة نيابته في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة، أما في حالة التلبس بالجريمة فإنه يمكن إيقافه، ويُعلم رئيس المجلس حالا على أن يتم إنهاء الإيقاف إذا طلب مكتب المجلس ذلك”.

في هذا الإطار أوضحت أستاذة القانون الدستوري، سلسبيل القليبي، في تصريح لـ”JDD” اليوم الجمعة 19 مارس 2021، أن الفصل 68 من الدستور يتعلق فقط بأداء نائب الشعب لمهامه البرلمانية في حين ينص الفصل 69 على إيقاف نائب الشعب في حالة عدم اعتصامه بالحصانة الجزائية كتابة ثم تقدم النيابة العمومية طلبا لدى مكتب مجلس نواب الشعب برفع الحصانة التي تتم وفقا للتصويت بالأغلبية المطلقة ويتم إطلاق سراحه في حالة عدم التصويت على رفع الحصانة أما في حالة اعتصام النائب بالحصانة فإن النيابة العمومية تقوم ببعث طلب لدى المجلس، لرفع الحصانة وفي حالة عدم استجابته توجه له تهمة تعطيل سير التحقيق والقضاء، على حد قولها.

النظام الداخلي للبرلمان

ينص الفصل 28 من الباب الرابع من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب والمتعلق بالحصانة على أنه ”يتمتع عضو مجلس نواب الشعب بالحصانة طبقا لأحكام الفصل 68 من الدستور ويمكن للنائب المعني عدم الاعتصام بالحصانة” أما الفصل 69 فينص على أنه “يتم النظر في رفع الحصانة على أساس الطلب المقدم من السلطة القضائية مرفقا بملف القضية إلى رئيس مجلس نواب الشعب ويتولى رئيس المجلس إعلام العضو المعني وإحالة الطلب المبين أعلاه ومرفقاته إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية التي تتولى دراسته والاستماع إلى العضو المعني الذي يمكنه إنابة أحد زملائه من الأعضاء لإبلاغ رأيه أمام اللجنة.

تقديم مطالب رفع الحصانة

بلغ عدد الملفات المتعلقة برفع الحصانة البرلمانية، التي أحالتها وزارة العدل إلى مكتب رئيس مجلس نواب الشعب، راشد الغنوشي، 9 مطالب تتعلق بـ 5 نواب، دون إحصاء مطالب رفع الحصانة التي ترسلها النيابة العمومية دون المرور بوزارة العدل، وفق ما صرح به المكلف بالاتصال بوزارة العدل، سفيان السهيلي، لموقع نواة.
ومن بين هذه المطالب التي أرسلتها النيابة العمومية لرئاسة المجلس ملفات تتعلق بجرائم فساد مالي، تضاف إلى 25 مطلب رفع حصانة سبق وأن أحالها القضاء على مكتب المجلس السابق.

تجاوزات النواب تعيد مسألة الحصانة إلى الواجهة

أثارت تجاوزات النواب جدلا كبيرا أعاد إلى الواجهة الحديث عن مسألة الحصانة البرلمانية والبحث عن سبل لرفعها عن النواب الذين تعلقت بهم قضايا جزائية، أو أخلاقية، أو مالية أو إدارية، ما دفع عديد الأطراف للمطالبة برفع الحصانة البرلمانية عن نواب أبرزهم نواب ائتلاف الكرامة على خلفية شجار رئيسه، سيف الدين مخلوف، مع أمن مطار تونس قرطاج إثر منع مسافرة من مغادرة البلاد لأسباب أمنية متعلقة بإجراء “S17″، إضافة إلى عديد التجاوزات الأخرى، على غرار تعنيف مخلوف لرئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي لفظيا واعتداء الحزب ذاته على النائب عن الكتلة الديمقراطية،أنور الشاهد.

هذه الحادثة أثات عدم رفع الحصانة التي تشترط وقوع حالة “التلبس” حسب القانون التونسي إلى حد الآن، ولاحظ هؤلاء أن هذا الشرط توفر في أكثر من حادثة مثيرة للجدل آخرها حادثة المطار وقبلها اختراق نواب للحجر الصحي واستخدامهم للعنف اللفظي، إلا أنه لم يقع إيقاف أي نائب من ائتلاف الكرامة، وقد حالت الحصانة البرلمانية دون ذلك.