تلقّت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، بتاريخ 11 فيفري 2021، مطلب استشارة من رئيس الحكومة هشام المشّشي، بخصوص تعطّل مباشرة الوزراء المكلّفين، الذين نالوا ثقة مجلس نواب الشعب، لمهامهم رغم عدم موافقة رئيس الجمهورية قبولهم لأداء اليمين أمامه، وفق ما أكّده مصدر من الهيئة لـ”JDD”.

ماهي الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين؟

يسعى رئيس الحكومة لتجاوز الأزمة الحاصلة المتعلقة بآداء اليمين الدستورية، بشتّى السبل، فبعد المحكمة الإدارية، توجه المشيشي للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، التي تعتبر هيئة قضائية تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية في إطار ميزانية الدولة، بعد تركيزها في 18 أفريل 2014، تعويضا للمجلس الدستوري الذي وقع حلّه في 2011 بعد الثورة، قبل أن يتم انتخاب أعضائها في 22 أفريل 2014، وتختصّ هذه الهيئة في مراقبة دستورية مشاريع القوانين، بينما تنتهي مهامها عند تركيز المحكمة الدستورية.

وتتولى الهيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين، بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين نائبا على الأقل، ويقصد بمشاريع القوانين كافة النصوص التشريعية المصادق عليها من مجلس نواب الشعب والتي لم يتم ختمها بعد وهي الهيئة القضائية المخوّل لها مراقبة دستورية القوانين.

وتتكون تركيبة الهيئة الوقتية من 3 أعضاء معينين بالصفة وهم كل من الرئيس الأول للمحكمة الإدارية كعضو ونائب أول لرئيس الهيئة والرئيس الأول لدائرة المحاسبات كعضو ونائب ثان لرئيس الهيئة والرئيس الأول لمحكمة التعقيب وهو رئيس الهيئة.

هيئة غير مختصّة

وأمام الجدل المطروح حول أحقية هذه الهيئة في النظر في مسألة اليمين الدستورية من عدمه، أكّد أستاذ القانون الدستوري، رابح الخرايفي، في تصريح لـ”JDD”، اليوم السبت 13 فيفري 2021، أن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين غير مختصّة بالنظر في مثل هذه المسائل وهي تنظر فقط في مراقبة دستورية مشاريع القوانين دون سواها ولا يمكنها تجاوز اختصاصها طبقا للنص القانوني الذي نظم عملية إحداثها في سنة 2014.

واعتبر أن الهيئة لن تنعقد أصلا للنظر في هذه المسألة، خاصة وأن رئيسها تطاله شبهات فساد، وفي صورة انعقادها فإنها ستجيب على استشارة المشيشي بعدم الاختصاص، وبذلك تكون الصفعة الثانية لرئيس الحكومة بعد صفعة رأي المحكمة الإدارية بخصوص المسألة، وفق تعبيره.

من جهته قال أستاذ القانون الدستوري سليم اللغماني، إن هذه الهيئة غير مختصّة في مثل هذه المسائل ولا يمكن حلّ الأزمة المتعلّقة بأداء اليمين الدستورية باعتماد الآراء الفقهية أو بتدخل الهيئة الوقتية، فيما يعتبر آخرون أنه وفي ظل تواصل عدم تركيز المحكمة الدستورية فإن الهيئة الوحيدة المخوّل لها النظر في إشكالية اليمين هي الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.

شبهات فساد تطال رئيس الهيئة الوقتية

وإذا كانت هذه الهيئة مختصّة حقّا في النظر في إشكالية التحوير الوزاري وأزمة اليمين الدستورية، فإن ذلك بحد ذاته يمثل إشكالا، خاصّة وأن هناك إمكانية لحدوث شغور في رئاستها مستقبلا، على خلفية رفع الحصانة القضائية عن رئيسها “الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد”، إثر شبهات فساد جديّة وجهت إليه.

ووفق ما ذكره حمادي الرحماني المستشار بمحكمة التعقيب في تصريح سابق لـ”JDD”، فإن راشد تورّط في فبركة ملفات فساد مالي لرجل أعمال ووضعها في الدائرة القضائية ودفع نحو الحكم فيها بالنقض دون إحالة، علما وأن القضية المذكورة التي كان قد أشرف عليها الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، تم خلالها توجيه القضية وهو ما كشفه القاضي بشير العكرمي في وقت سابق، وكانت نتائج القضية عزل قاضيين بموجب قرارات تأديبية ومعاقبة 5 قضاة آخرين.

وفي صورة أحقية الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في النظر في مسألة اليمين الدستورية، فإن هناك إشكاليتين جديدتين أمام أزمة اليمين، فإما أن تشهد هذه الهيئة شغورا يعطل عملها وبالتالي عدم انعقادها إلى حين سدّ الشغور في منصب الرئيس، أمام شبهات الفساد التي طالت رئيسها الحالي الطيب راشد، أو أن تنظر في الاستشارة التي طلبها المشيشي بتركيبتها الحالية مما سيفضي بالضرورة إلى إشكالية أخرى حول مشروعية قرارها خاصّة وأن رئيسها الطيب راشد رفعت عنه الحصانة من قبل المجلس الأعلى للقضاء وبالتالي فإن قرار هذه الهيئة سيكون فاقدا للمشروعية وقابلا للطعن.

استشارة ثانية في أقلّ من أسبوع

وتعدّ هذه الاستشارة الثانية على التوالي في ظرف أسبوع واحد، حيث وجهتها رئاسة الحكومة في محاولة لتجاوز ما عرف بـ”أزمة اليمين الدستورية”، حيث طلب هشام المشيشي الإثنين 8 فيفري 2021، رأي المحكمة الإدارية، بخصوص إمكانية مباشرة 11 وزيرا لمهامهم بعد حصولهم على ثقة البرلمان دون أداء اليمين الدستورية إثر رفض رئيس الجمهورية قيس سعيد استقبالهم بدعوى شبهات فساد طالت عددا منهم.

وقد أجابت المحكمة الإدارية بدورها في مكتوب وجهته للمشيشي، بتاريخ الخميس 11 فيفري 2021، بأنها غير مختصّة في النظر في هذه المسائل وأن المحكمة الدستورية هي المختصة دون سواها في النزاع القائم حول مسألة أداء اليمين.

تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيد، كان قد رفض التحوير الوزاري الذي أعلنه المشيشي مؤخرا وهو مصرّ على عدم قبول آداء الوزراء المعنيين لليمين الدستورية، بحجة حدوث خلل في الإجراءات التي رافقت التحوير الحكومي وشبهات فساد تطال عددا من الوزراء المقترحين بالإضافة إلى غياب العنصر النسائي عن تركيبة الحكومة.