تعتبر الجبال التونسية وخاصّة المرتفعات الغربية لبلادنا معقلا للجماعات الإرهابية التي تستغلها كحصن لها منذ ثورة 14 جانفي 2011، لتنفيذ عملياتها الاستخباراتية لضرب الدولة في مناسبات متعددة وزرع الألغام الأرضية من أجل استهداف عناصر الأمن والجيش الوطني، حيث تم مؤخرا استهداف مدرعة عسكرية بجبل مغيلة الواقع بين ولايتي القصرين وسيدي بوزيد، مما أسفر عن استشهاد 4 عسكريين.
ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، يختبئ العشرات من العناصر الإرهابية التابعة لـ”كتيبة عقبة بن نافع”و تنظيم ”القاعدة” وتنظيم ”داعش” الإرهابي، بالمرتفعات الجبلية على طول الحدود التونسية مع الجزائر، لكن الجيش الوطني قام بتصفية العديد من القيادات خلال سنة 2019، منهم الإرهابيون عز الدين العلوي، حاتم بسدوري، محمد بسدوري، منذر غرسلي، منتصر الغزلاني، محمد أمين محكوكة، محمد ناصر مباركي، لخزر ناصري، حسام الثليثي، غالي العمري، من تنظيم ”داعش” الإرهابي والإرهابيون الباي العكروف، الطاهر الجيجلي، صلاح الدين القاسمي، أسامة السالمي ومراد الشايب، من ”كتيبة عقبة بن نافع”، وهو ما ذكره تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى حول الإرهاب في تونس.
الإرهاب شركة واحدة
من جهته اعتبر مازن الشريف الخبير في الجماعات الإرهابية، في تصريح لـ”JDD”، اليوم الإثنين 8 فيفري 2021، أن الجماعات الإرهابية الناشطة بالمرتفعات الغربية للبلاد، يمكن وصفها بأنه شبكة أفراد تنشط في السهول وترابط في الجبال باستثناء تنقلها بين الجزائر وليبيا ولا يمكن أن تعيش لمدة طويلة في الجبال.
وهذه المجموعات المتسلّلة تنشط في إطار عملية تمويه ولعبة استخباراتية قوية تتجاوز كونها مجرد تنظيمات إرهابية، وفق محدثنا الذي أكد أن الإرهاب عموما عملة واحدة، ذات أداء واحد وقضية واحدة وعقيدة واحدة ومخطط واحد، وأن الاختلاف فقط بين هذه التنظيمات يكمن في الاستراتيجية التكتيكية التي تعتمدها، فتنظيم القاعدة على سبيل المثال يركز على قضية الكفر والظلم، فيما يعتمد تنظيم داعش وسائل التواصل الاجتماعي ويركز أكثر على جانب الصورة وعلى عمليات الذبح الممنهجة، كما أن عناصر داعش يتم تكوينهم في ظرف ستة أشهر فقط فيما يستغرق الأمر بالنسبة لجماعات القاعدة سنوات من التكوين، وكأن تنظيم القاعدة بذلك هي المعلم وداعش التلاميذ.
لعبة شطرنج دولي
ورغم سير تونس في اتجاه مكافحة هذه الآفة التي ضربت بلادنا منذ الثورة وأسفرت عن استشهاد العشرات من قوات الجيش والحرس الوطنيين، من خلال تحسين الآداء العسكري والاستعلاماتي، إلا أن الجماعات الإرهابية لا تزال تواصل احتلال المرتفعات والمناطق العسكرية المغلقة وهو ما يثير التساؤل حول أسباب عدم تحرير الجبال التونسية من الإرهاب.
ووفق محدثنا فإن عدم تحقيق هذا الهدف، يعود أساسا إلى عدة عوامل أهمها توفر قرارات سياسية ودولية وهو ما يتمثل أساسا في دور كل من رئيسي الجمهورية والحكومة، مبينا أن هناك أطرافا ترغب في بقاء آفة الإرهاب في تونس، مبينا أن اختراق أمن الدولة وضربه من الداخل، ساهم أيضا بشكل كبير في تنامي المخاطر الإرهابية.
ليس من أولويات الدولة
واعتبر الخبير في الجماعات الإرهابية أنه ورغم تحسن آداء الجيش والاستعلامات مؤخرا في محاربة الإرهاب، إلا أن آداء رئاستي الحكومة والجمهورية بقي على حاله منذ 2011، وهو آداء فاشل في التعاطي مع ملف الإرهاب.
كما اعتبر المتحدث أن الدولة وسياسييها اليوم لا يعتبرون ملف الإرهاب في قائمة أولوياتهم.
وأشار مازن الشريف إلى أن الإرهاب هو عبارة عن مؤامرة دولية ضربت تونس ثم انتقلت إلى كل من ليبيا وسوريا ومصر والعراق وغيرها من دول العالم، وليس مجرد تحركات عشوائية، فهو شركة تضم مديرين ومستفيدين ومستثمرين ومحركين وهو ما يمكن أن يشبّه بـ”لعبة شطرنج دولي”.