مع تواصل الصراع بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، يحافظ قيس سعيد على صورته السياسية وثقة الشعب التونسي بتصدره لنوايا التصويت الخاصة بالانتخابات الرئاسية حسب سبر آراء أجرته جريدة الشروق بالشراكة مع المعهد الدولي لدراسات الرأي العام بتاريخ 7 فيفري 2021.

لماذا عاد قيس سعيد إلى صدارة نوايا التصويت؟

احتل رئيس الجمهورية قيس سعيد المرتبة الأولى بـ 52،10 بالمائة يليه الصحفي والكاتب الصافي سعيد في المرتبة الثانية بـ 11 بالمائة ثم رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي بـ 9،10 بالمائة حسب نتائج سبر الآراء.

وفي قراءة لهذه النتائج، قالت الدكتورة والأستاذة في الاتصال السياسي سلوى الشرفي في حديثها لـ “JDD” اليوم، إنه إذا ما نظرنا إلى الأرقام الأخيرة قبل هذه النتيجة نلاحظ تراجع كبيرا في نوايا التصويت لرئيس الدولة في نتائج سبر الآراء وهذا يستحق التفسير.

وحسب رأيها عند متابعة منشورات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي نلاحظ أن مساندي سعيد القدامى يظهرون خيبة أمل من عدم تحركه في الاتجاه المنتظر بالنسبة إليهم، وهو ما يفسر تقهقرهم في وقت من الأوقات.

وتضيف الشرفي أنه منذ أسبوع عاد مؤيدوه إلى مساندته بقوة، والأهم من ذلك أن بعض الناس الذين كانوا يعارضونه أو ينتقدونه دون عداوة تذكر، أصبحوا  أيضا من مسانديه.

وتوضح الشرفي أنه بالعودة إلى الأحداث التي جدت في الأسبوع الماضي، يمكن أن نضيء عتمة سبر الآراء التي تعطينا فقط أرقام ولا تقدم أسبابا لها.

وفي إجابتها عن هذه الأسباب تقول سلوى الشرفي، إن هذه التجاذبات التي حصلت ما بين رئيس الدولة من جهة ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة من جهة أخرى، بسبب رفض ومماطلة رئيس الدولة في قبول وزراء التحوير الجديد لتقديم القسم مما يمكنهم من البدء في أعمالهم، وهو أمر خطير، تسبب في توقف البلاد وتعطيل سير عمل هذه الوزارات، وتعود أسباب سعيد في هذا الشأن إلى ارتباط بعض الوزراء بالفساد أو شبهات تضارب المصالح.

وتشير الشرفي أن سبب غضب الشعب اليوم هو بالأساس يعود إلى ضعف وتدهور القدرة الشرائية للمواطن بدرجة أولى ثم الفساد والرشوة في الدرجة الثانية.

وقد جاء خطاب رئيس الدولة في هذا التوجه من خلال عدم قبول وزراء لديهم شبهات فساد وهو خطاب متفق مع ما يصبو إليه أغلبية التونسيين من أجل مكافحة الفساد وهو جانب مهم يفسر مساندة التونسيين لقيس سعيد حاليا.

خطة اتصالية ناجحة

من جهته أكد الخبير في الاتصال مهدي غزاي أن قيس سعيد تراجع في ترتيب نوايا التصويت في الفترة الأخيرة، لكن بفضل الطريقة الاتصالية التي اعتمدها منذ الأسبوع الفارط عاد إلى الصدارة من خلال نزوله إلى شارع الحبيب بورقيبة وهو دليل أن خطته الاتصالية كانت ناجعة.

ويقول غزاي لـ”JDD” إن سياسة قيس سعيد  الأخيرة كانت ناجحة، ﻷنه ربح معركة الصور حيث أنه في الاتصال السياسي يجب أن تحدد صورتك بالنسبة لطرف سياسي آخر، وسعيد هو الشخصية السياسية الوحيدة حاليا ضد البرلمان وضد خصوم سياسية لا تتمتع بشعبية كبيرة في المشهد السياسي التونسي، كما أن مواقفه وخطاباته الأخيرة كانت ضد المنظومة والتي جعلته يتموقع سياسيا بصفة المنقذ”.

وتضيف الدكتورة سلوى الشرفي، أن اختيار رئيس الدولة النزول إلى شارع الحبيب بورقيبة الذي يمثل رمز الثورة في الذاكرة الجماعية للتونسيين وتوجهه إلى وزارة الداخلية، خاصة في الظروف التي كانت تعيشها البلاد من مناكفات بين الأمن والمواطنين وتهديدات وعنف وإرهاب، لا يدل على ثقة قيس سعيد في نفسه فقط وإنما في علاقة المواطنين به وهي علاقة إيجابية، وكأنه يقول “أنا لا أخاف الشعب التونسي وليس لدي أشياء سيئة تجعل الشعب يلحق بي مكروها”، وهي خطوة جريئة تجعلنا ندرك قيمة وتمثلية قيس سعيد في البلاد أثناء ذلك التوقيت.

في المقابل يرى المحلل السياسي عبد الحميد الجلاصي أنه يجب التعامل مع استطلاعات الرأي  بكثير من الحذر، لأن كل مؤسسة سبر آراء تعمل وفق منهجيتها الخاصة.

وبالنسبة لتصدر قيس سعيد نوايا التصويت يقول الجلاصي لـ”JDD” إن “قيس سعيد انطلق بنسبة 75 بالمائة لكن رغم كل الأزمات السياسية حافظ على أرقام عالية، وبالنسبة لي 52 بالمائة غير مهمة لأن قيس سعيد في ذهن الرأي العام لم يعد هو الملاذ الوحيد، وبقطع النظر عن التفاوت في النقاط يبقى الدرس الأهم اليوم هو عدم وجود جهة سياسية تمثل ملاذا اختياريا للتونسيين”.