يقبع حوالي 800 تونسي بمركز المهاجرين بمليلة، الواقع شمال المغرب تحت سيادة إسبانيّة، منذ ما يزيد على سنة، ورغم التحركات الاحتجاجية وإضرابات الجوع ونداءات المجتمع المدني ما زال وضعهم ضبابيا.
وينتظر مئات التونسيين المهاجرين بطريقة غير نظامية منذ نوفمبر 2019، معرفة مصيرهم ففي ظل غياب اتّفاق ثنائي مع تونس لإجلائهم ترفض السلطات الإسبانية نقلهم إلى إسبانيا القاريّة.

تعتيم وتكتّم

صرّح الناطق الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، لـ”JDD”، بأنّ السلطات التونسية تتكتّم على فحوى لقاءاتها بمسؤولين أوروبيين بشأن ملف المهاجرين غير النظاميين، ما يُعطي هذه الدول نوعاً من الغطاء القانوني يسمح لها بالترحيل القسري للتونسيين المهاجرين نحو أراضيها.
يشار إلى أنّ وزير الداخلية الإسباني، فيرناندو غراندي مارلاسكا، أدّى في شهر أكتوبر الماضي زيارة إلى تونس، لم تعلن عنها السلطات التونسية في حين انتشر الخبر لدى الرأي العام نقلا عن الإعلام الإسباني ومن الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية الإسبانية على موقع تويتر مقابل تكتّم تام من الجانب التونسي على فحوى اللقاء.
وطالب بن عمر بإدارة شفافة لملف الهجرة السرية مع دول الاتحاد الأوروبي، ولا سيما إيطاليا وإسبانيا، نتيجة الوضع الصعب الذي يعيشه التونسيون هناك، مؤكدا على أن مبدأ الترحيل القسري مرفوض شكلا وقانونا.
وقال إنّ الفرق شاسع بين الموقف المعلن والمؤيد للتجربة الديمقراطية الوليدة في تونس من جهة والسعي في الخفاء من طرف البلدان الأوروبية، وخاصة إيطاليا واسبانيا إلى فرض اتفاقيات جديدة يتم بموجبها الترفيع في حالات المهجرين قسريا من جهة أخرى، مشيرا إلى الظروف غير الإنسانية التي تصاحب عملية الترحيل القسري بصفة جماعية، حسب تقديره.

كورونا يعمّق المأساة

كشف أحد التونسيين المحتجزين بمركز مليلة “عزيز عوجي” لـ”JDD”، أن الوضع داخل المركز ازداد قتامة منذ انتشار فيروس كوفيد-19، إذ منع القائمون على المخيم خروج المهاجرين لاقتناء ما يلزمهم من أعراض أو لسحب المبالغ المالية عبر البريد التي ترسلها عائلات المحتجزين، مضيفا أن السلطات الإسبانية لم توفر أدنى متطلبات الوقاية حيث يقيم العشرات داخل خيمة واحدة مع الوقوف في صفوف طويلة للحصول على الأكل.
وأضاف أنّ بعض المهاجرين من تونس وجنوب الصحراء فضلوا الخروج من المركز والنوم في العراء خشية الإصابة بالفيروس خاصة وأن بعضهم يعاني أمراضا مزمنة مع العلم أن السلطات الإسبانية ترفض استقبال المهاجرين بعد خروجهم من المركز خشية جلب عدوى الفيروس.
وأفاد محدّثنا بأنّ أعدادا كبيرة من القابعين بالمخيّم دخلت قبل أشهر في إضراب عن الطعام بسبب ظروف الإقامة القاسية والمهينة وعدم توفير أدنى متطلّبات الوقاية مشيرا إلى أن بعضهم أخاط فمه للمطالبة بالخروج من المركز نحو الأراضي الإسبانية، “الجنة الموعودة” كما وصفها.