أكّد صندوق النقد الدولي في بيان أمس الجمعة 26 فيفري 2021، تفاقم أوجه الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية في تونس بسبب أزمة جائحة كوفيد-19، وذكر المديرون في اختتام مشاورات المادّة الرابعة أن مخاطر التطورات السلبية تهيمن على الأوضاع رغم توقعات تعافي النمو بدرجة محدودة في عام 2021.

واتفقوا على أن الأولوية العاجلة تتمثل في إنقاذ الأرواح والأرزاق وتحقيق الاستقرار الاقتصادي لحين انحسار الجائحة. وذكروا أنه ينبغي للسياسة الاقتصادية أن تركز كذلك على استعادة الاستدامة المالية وبقاء الدين في حدود يمكن الاستمرار في تحملها، وتشجيع النمو الشامل .

توصيات عاجلة

أوصى المديرون بضرورة أن يكون خفض العجز المالي هو هدف سياسة المالية العمومية وما يتعلق بها من إصلاحات. وفي هذا السياق، أكدوا على الحاجة إلى خفض فاتورة الأجور والحد من دعم الطاقة مع إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة العامة والاستثمار وحماية الإنفاق الاجتماعي الموجه للمستحقين.
وأشار المديرون إلى أن الدين العام التونسي من الأرجح أن يبلغ مستوى غير مستدام ما لم يُعتمَد برنامج قوي وموثوق للإصلاح يحظى بتأييد واسع النطاق.
ودعوا كذلك السلطات إلى تعزيز عدالة النظام الضريبي وجعله أكثر دعما للنمو وحثوا على اتخاذ إجراءات لتسوية المتأخرات المتراكمة في نظام الضمان الاجتماعي.

وشدد المديرون على ضرورة تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق للمؤسسات العمومية بهدف تخفيض التزاماتها الاحتمالية. وحثوا السلطات على اعتماد خطة للحد من مخاطر هذه المؤسسات على المالية العمومية والنظام المالي، وتعزيز الحوكمة المؤسسية، وتحسين إعداد التقارير المالية والشفافية.

وأكد المديرون أن السياسة النقدية ينبغي أن تركز على التضخم عن طريق توجيه أسعار الفائدة قصيرة الأجل، مع الحفاظ على مرونة سعر الصرف.
وحثوا السلطات على تجنب التمويل النقدي للميزانية، وأشاروا عليها بتنفيذ خارطة طريق لاستهداف التضخم وإعداد خطة تدريجية تقوم على شروط لتحرير الحساب الرأسمالي، مع مراقبة سلامة القطاع المالي عن كثب.

وأكد المديرون أن تشجيع نشاط القطاع الخاص يمثل مطلبا حيويا من أجل زيادة النمو الممكن وجعله أكثر توليدا لفرص العمل وأكثر احتواء لشرائح المجتمع. وأشاروا إلى ضرورة تركيز جهود الإصلاح على إلغاء الاحتكار، وإزالة العقبات التنظيمية، وتحسين بيئة الأعمال.

وشدد المديرون على أهمية تعزيز الحوكمة ودعوا إلى فعالية تنفيذ نظم مكافحة الفساد ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب ضرورة توخي الفعالية والشفافية في المصروفات المرتبطة بالجائحة. ورحب المديرون بهدف الاستثمار في الطاقة المتجددة للتصدي لتغير المناخ.

انذار بالسير نحو الهاوية


أوضح أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، الدكتور رضا الشكندالي في تصريح لـ”JDD”، اليوم السبت 27 فيفري 2021، أن صندوق النقد الدولي قدّم الملاحظات ذاتها التي كان وجهها بعد تنفيذ خبرائه مهمة دورية بشكل افتراضي في تونس بين ديسمبر 2020 وجانفي 2021.
وقال الشكندالي إن هذا التقرير بمثابة دعوة غير مباشرة من الصندوق للجلوس على طاولة التفاوض للبدء في الإصلاحات بعد تصنيف موديز الصّادر قبل أيّام مضيفا أنّ تونس واجهت صفارتي إنذار في أقل من أسبوع لتحذيرها من السير نحو الهاوية في اتجاه عدم قدرتها على عدم تسديد ديونها في حين أن صناع القرار لم يقوموا بأي خطوة للتعبير عن نيتهم في التفاوض.

وفسّر الخبير أنّ الحكومة الحالية لا تضمّ أي وزير ذا كفاءة اقتصادية وبالتالي لن تكون لها قوة تفاوض مع الصندوق على مستوى الاصلاحات والمقترحات التي لا يمكن أن تؤدي إلى أي أهداف، وفق تعبيره.
وأكد أن الحكومة عندما تفاوضت مع صندوق النقد الدولي سنة 2016، لم يكن لها أي برنامج ولم تكن تفكّر إلّا في الحصول على المبلغ المالي مما جعل الصندوق يقدم مقترحات في علاقة بتخفيض كتلة الأجور والتضخم وعجز موازنات الدولة.
وشدد على أنّ مواصلة الالتزام مع الصندوق سيكون بمثابة مؤشر للمستثمرين على المستوى الدولي ولضمان تعبئة موارد الدولة.