أكد المندوب العام لحماية الطفولة مهيار حمّادي، أنّ الإشعارات التي تلقتها وزارة المرأة والطفولة والمتعلقة بالعنف الجنسي ضد الأطفال تضاعفت بأكثر من 10 مرات بين 2011 و2019.
وقال حمادي في ندوة صحفية إن “أشكال العنف متعددة ومرتفعة منها المعنوي ومنها الجسدي ومنها الجنسي، وقد تضاعفت من 101 إلى 1101 حالة”.
ورغم فظاعة الأرقام وخطورة دلالتها، مازالت أسر تونسية تدير ظهرها للحقيقة وتحاول طمسها بحجج لا تمتّ للعلم بصلة وترفض طرح المسألة الجنسية مع أطفالها باعتبارها من “المحظورات” في مجتمع أصبح فيه الأطفال عرضة لجميع أشكال الاستغلال الجنسي.

التربية الجنسية: متى وكيف؟

تقول الأخصائية النفسيّة للأطفال الدكتورة لمياء مزغني، لـ”JDD”، إن التربية الجنسية لا تقل أهميّة عن بقيّة المعارف التي يسعى الأولياء لتلقينها لأبنائهم مشيرة إلى أنها متصلة بالأساس بالصّحة النفسية للناشئة خاصة في سنّ المراهقة.
وأوضحت الدكتورة أنّ التثقيف الجنسي يجب أن يبدأ من سنّ مبكرة، عكس ما يعتقده الآباء، فبين الرابعة والخامسة تقريبا يكون الطفل في حالة “تأهب”، على حد تعبيرها، لمعرفة كل ما يدور حوله ويطرح الأسئلة التي تخطر بباله من بينها التساؤلات المرتبطة بجسده فيتدخل أحد الأبوين أو كلاهما للإجابة بكلّ صراحة دون تزييف بطريقة مبسطة يفهم من خلالها الطفل تكوينه البيولوجي والفرق بينه وبين الجنس الآخر.
وأضافت أن الأجوبة يجب أن تكون مرتبطة بسن الطفل ومدى استيعابه للمعطيات العلمية، محذرة من تقديم أجوبة مبهمة أو معلومات خاطئة تزيد من حيرة الطفل خاصة أنه في هذا العمر يكون متعلقا بأبويه ويثق في كلّ ما يقولانه وبالتالي سيكون من الصعب إصلاح ما تلقاه من معلومات غير صحيحة أو منقوصة.
وشددت محدثتنا على ضرورة استعمال عبارات مبسطة وواضحة في الآن ذاته وذلك حماية للطفل من أي عنف جنسي قد يتعرض له في الشارع أو المدرسة أو من قبل أحد أفراد العائلة والتكتّم خوفا من ردّ فعل أبويه.
ودعت إلى عدم التردد في فتح نقاش حول المسألة الجنسية مع الأطفال الذين لا يطرحون الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع فذلك لا يعني أنهم لا يفكرون به ويطرحون أسئلة مع أشخاص غرباء أو مع أترابهم.

“التربية على الصحة الجنسيّة”

اختارت السلطات التونسية مطلح التربية على الصحة الجنسية لإعلان إدراج التربية الجنسية في المناهج المدرسية في شهر نوفمبر سنة 2019، وقالت وزارة التربية إنها ستكون موجهة إلى الأطفال بين سن 5 و15 عاما بهدف مساعدتهم على التعرف على أجسادهم وتعليمهم قيمة احترام الجسد من أي اعتداء ينتهك كرامته.
وكان هذا القرار سابقة على مستوى التعليم في العالم العربي واعتبره المجتمع المدني حينها خطوة جريئة، لكنّه لم ير النور إلى حدّ الآن في حين أنه كان من المنتظر أن تبدأ فترة تجريبية مطلع 2020 في 13 مندوبية جهوية، وفق ما صرحت به مديرة المرصد الوطني للتربية ليلى بن ساسي في وقت سابق.

وكانت هذه الفترة التجريبية مخصصة لإعداد الوسائل التعليمية والنظريات التربوية اللازمة والمصادقة عليها أو تعديلها نهاية العام الدراسي 2019/2020 حتى يتم تعميم التجربة في كامل المدارس التونسية مطلع العام الدراسي الموالي، لكن ذلك لم يحصل.

القوى المحافظة في تونس تصدّت لهذا المشروع وقد يكون ذلك من بين أسباب عدم تنفيذه فالنائب ورئيس حزب الرحمة الإسلامي، حسين الجزيري، مثلا، أكد أنه “سيعمل مع حزبَه داخل وخارج البرلمان، على عرقلة دخول هذا المشروع حيز التنفيذ.”

وعلّل الجزيري موقفه، بحجة أن المجتمع التونسي مسلم ومحافظ في أغلبه، وتندرج هذه القوانين ضمن محاولات الدول الأوروبية عبر إملاءات صندوق النقد الدولي، طمس الهوية التونسية، وتشتيت كل ثوابته الدينية، ومبادئه التقليدية.